الأسيرة فاطمة الزق… مخاض في الزنزانة.

– ولادة أصغر طفل أسير فلسطيني ولد في غياهب السجون الإسرائيلية.
– أنجبت طفلي في ساحة حرب وليس في مشفى.
– كانت بسمتي في ظلمات السجن لا تفارقني.
– يوسف طفلي الذي أنجبته في السجن أشع بنوره على جميع الأسيرات.
– تركتني الطبيبة الإسرائيلية دون أي عناية حقيقية.

المقدّمة:
إنّ إحدى أبرز الجرائم التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الأسيرات الفلسطينيات، الاعتداءات الوحشية، والتي تضمّنت التحرّش، والتفتيش العاري، إضافة إلى التهديد بالاغتصاب، هذا عدا عن إعلان الأمم المتحدة في بيان رسمي لها عن وجود تقارير موثوقة بتعرض معتقلات عن غزة للاغتصاب.
ففي هذا الحوار مع الأسيرة فاطمة الزق أكدّت على أنّها تعرّضت أثناء عملية الاعتقال وإنجاب ابنها يوسف لأبشع أنواع التعذيب، وشتمها بمصطلحات بذيئة وتهديدها، كما تعرّضت لأكثر من مرّة للضرب المبرح من قِبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، ممّا سبب لي أوجاعاً في أنحاء جسدي، ولم يقدِّم لي أيّ علاج.

حاورها سليم النجّار – غصون غانم

الأسيرة فاطمة الزّقّ
مخاض في الزنزانة
وفي مثل هذا اليوم كانت ولادة أصغر أسير فلسطيني ولد في غياهب السّجون الإسرائيلية..
جاء أوان المخاض أخيرًا، فانطلقت زميلاتي ورفيقات دربي لمناداة السجّانات لاتّخاذ الإجراءات اللازمة، ورفضت إدارة السجن حضور والدتي أثناء الولادة أو أيًّا من أهلي، ولم يكن حاضرا معي سوى عدد من السجّانات والمسؤولين في السجن.
وصلت سيارة الإسعاف أخيرًا أمام مستشفى مائير بمدينة كفار سابا، لتبدأ “جلسة تعذيب جديدة”.
أتذكّر حينما وصلتُ إلى المستشفى الساعة الواحدة تقريبًا، تركتني الطبيبة الإسرائيلية دون أيّة عناية حقيقية، كانت نظرات الحقد واضحة في عينيها، ولم يزِدْ دورها عن الصراخ عليّ بلغة عربية مكسّرة: “خلصي، إرهابية أنجبي هذا “الإرهابي” وأريحينا”.
وفي ذاك الوقت العصيب كنت بحاجة إلى الإنسانية لخلاص روح من روح..
استرسلت وصالي مع الله بالرجاء والدعاء على مدى أربع ساعات وأنا على سرير الولادة بين الآلام وبين الإهانة والكلام البذيء والتعدّي من تلك المجرمة على حدود الله بكفرها وسبّ الذات الإلهية.. ففي هذه اللحظات قمت بالدعاء عليها وكان الانتقام الإلهي فوريا من تلك المجرمة بارتطامها في الحائط بدلا من أنْ تخرج من باب الغرفة؛ فجاء الردّ سريعا..
كم كانت فرحتي وسعادتي رغم آلام المخاض التي تمزّقني، فأخذتُ أُكبِّر وأُهلِّل وكأنّني في ساحة حرب وليس في مشفى! وأنا أتمزّق من الألم حقنت ذراعي بأحد المحاليل إضافة إلى إبرةٍ مخدِّرةٍ كنت في أشدّ الحاجة إليها، وبدأت تسهُل الأمور عليّ، إذ أنجبت صغيري “يوسف”.
رغم تلك الظلمة الحالكة جاء النور بعد نور الله لي.. تناسيت الألم والتعب والوجع بيوسف الجميل.
كنت مقيّدة بالقيود الحديدية بقسوة ومن ثمّ تمّ نقلي إلى غرفة أخرى وتمّ تقييدي من الأرجل ومن يدي اليمنى بالسرير على مدار ثلاثة أيام، وفُتِحَت المكيِّفات الباردة، وبقيتُ دون تدفئة كافية رغم حاجتي الشديدة لها”.
يوسف، الذي أشعّ بنوره لجميع من حوله؛ وكسر روتين الحياة التي كنّا نعيشها في تلك القبور الظالم أهلها، فكان النّور وكان البسمة وكان البهجة ليس لي وحدي بل لجميع الأسيرات، وكنّ جميعا ليوسف بمثابة الأم الرؤوم.
يوسفي الحبيب
كنت لي وطنا ويا كلّ الوطن
يا رفيق دربي وقيدي وفرحي
كنت لي في ظلمات السّجون بسمتي وابتسامتي وسبب تبسمي، ضحكة روحي وسعادة حياتي، في ولادتك تزيّنَتِ القلاع وأشرق النور والضياء بعد نور الله لنا.
وبعدد أيام هذا العمر وأكثر، سأدعو الله أنْ يكون لك نصيب من السعادة دائماً، سأدعو الله أنْ يملأ قلبك فرحا وسعادة وألّا يعـرف الحزنُ لقلبك طريقا.
تهنئة منّي ومن والدك العزيز الكريم ومن إخوتك الغوالي ومن كلّ أهلك وأحبائك
للّي غلاه ماله قياس …