عقدت مبادرة نون للكتاب مساء السبت الموافق ٢٠٢٤/٤/٢٠ في مكتبة عبد الحميد شومان في جبل عمان جلسة ناقشت رواية الناشئة “لصوص الآثار” للروائية صفاء الحطاب.
بدأت الجلسة بمقدمة رحب فيها الناقد أسيد الحوتري بالحضور الكريم، موضحا أن رواية “لصوص الآثار” تنتمي إلى أدب الطفل الذي يُقسم إلى أربع فئات عمرية: من (٣ إلى ٥) أعوام، ومن (٦ إلى ٩) أعوام، ومن (٩ إلى ١٢) عاما، ومن (١٢ إلى ١٨) عاما وهي فئة اليافعين أو الناشئة والتي خاطبتها الروائية الحطاب.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى السيدة نسرين عبدالله حيث قامت بتقديم نبذة عن سيرة الروائية الحطاب وملخصا عن روايتها، ونبذة عن سيرة الأستاذ الكاتب والروائي جهاد الرنتيسي الذي قدم بدوره قراءة نقدية للعمل تطرق فيها إلى جوانب عدة أهمها أن الرواية قد شُغلت بعناية تامة حيث قامت الروائية بالاختصار والتكثيف والتبسيط واستخدام العبارات البعيدة عن التعقيد. كما امتازت الرواية بالمزاوجة بين التشويق والمعرفة في قصة كان للأسطورة فيها نصيب الأسد.
بعد ذلك، ناقش الحضور الرواية عبر ثلاثة محاور رئيسة.
دار المحور الأول حول بنية النص من حيث انسجام لغته مع الفئة العمرية المستهدفة في الرواية. وخلص الحضور إلى أن لغة الرواية سلسة ومناسبة للفئة العمرية المخاطبة مع وجود بعض الملاحظات كضرورة تشكيل بعض الكلمات من باب “تشكيل ما يُشكل”، وتوضيح المعاني الصعبة التي لا يمكن استبدالها مثل: مسلة، بردية، محفة، محاجر، إلخ، واستبدال المفردات الصعبة بأخرى أبسط، والابتعاد قدر الإمكان عن بناء الجمل الطويلة.
ركز المحور الثاني على تطرق الروائية لثيمات هي في الغالب للبالغين والراشدين في روايتها، وقد أجمع الحضور على نجاح الروائية فيما قامت به، فلقد احتوت الرواية على جانب سياسي تمثل في اهتمام القنصل الأمريكي والبريطاني في مصر قبل (١٠٠) عام تقريبا بشراء الآثار الفرعونية المنهوبة والمسروقة وإرسالها إلى بلديهما وتعاون بعض المصريين في ذلك. وهذا يُذكّر بفترة الاستعمار ونهب الثروات. كما طرحت الحطاب في روايتها ثيمة الطب التي كانت محتوى البردية المسروقة، وذكرت الروائية تفاصيل البروتوكول الطبي المعتمد عند المصريين القدماء بحسب البردية. كان للثقافة المصرية القديمة أيضا نصيب في الرواية، فلقد سلطت الرواية الضوء على القيم العليا عند المصريين القدماء والمتمثلة في تجنب القتل والسرقة والكذب وظلم الآخرين، إلخ، وعُرضت الطقوس التي اتبعت قديما لتطهير الخطائين من خطاياهم. فالسياسة والطب وثقافة الحضارات البائدة هي في الغالب ثيمات لمن هم أكبر من (١٨) عام. إلا أن الروائية قدمت هذه الثيمات لليافعين بسلاسة وبساطة متناهية.
أما بالنسبة للمحور الثالث فقد ناقش الرسائل التي حملتها الرواية للناشئة والتي أهمها حث القارئ على اكتشاف حضارته الضائعة أحيانا والمغيبة أحيانا أخرى. وحذرت من خطورة البحث عن الكسب السريع كالسرقة والاتجار في المسروقات. ونبهت إلى خطورة الجهل، فاللص الجاهل يبيع ما لا يقدر بثمن من كنوز وطنه بثمن بخس دراهم معدودة، وهكذا تكون الخسارة مزدوجة، مع التأكيد على حرمة السرقة في كل الأديان والأعراف. حثت الرواية أيضا كل من ارتكب خطأ على المسارعة في الندم والتوبة وتصحيح الخطأ. مع ذلك فلم ترق رسالة نهاية الرواية لبعض الحضور، فأنكروا على شخصية سيد قذفه للآثار التي سرقها في النيل، وكان أولى به، في نظرهم، تسليم هذه الآثار للمختصين في الدولة، كهيئة الآثار، حتى تجري عليها الأبحاث اللازمة، ثم لتضعها لاحقا في أحد المتاحف الوطنية، وهذا من باب إعادة الحق إلى صاحبه. أكد البعض الآخر أن ما قام به سيد كان رمزيا في إشارة إلى التوبة والتطهر من الذنب.
في ختام الجلسة مُنحت درع تذكارية للروائية، والتقطت صورة جماعية للمجتمعين، ثم تمّ التوجه بالشكر الجزيل والجميل إلى الحضور الكريم، وإلى مكتبة عبد الحميد شومان وإلى القائمين عليها على كل ما يقدمونه من جهود متميزة في خدمة المشهد الثقافي الوطني والعربي.