أسامة الرنتيسي
الجامعات الاميركية تزأر في حراك طلابي تضامني مع الشعب الفلسطيني رافضا للإبادة الجماعية البشعة التي يتعرض لها في قطاع غزة، بعد أن وصلت أعداد الشهداء إلى 35 ألف شهيد ومئة ألف جريح وعشرات الآلاف من المفقودين، ودمار شامل يتجاوز 70 % من قطاع غزة.
مشاهد وفيديوهات واسعة انتشرت للحراك الطلابي الكبير في الجامعات الأميركية بمشاركة أعضاء من الهيئات التدريسية، رفعت معنويات الناس فتبادلوا هذه الفيديوهات على اعتبارها نصرا جديدا للشعب الفلسطيني.
أكثر تعليق حار وحارق وصل على فيديوهات تقول ” وسيكتب التأريخ أن جامعة كولومبيا الأميركية عملت قلقا للصهاينة أكثر من جامعة الدول العربية…”.
للأسف؛ شلال الدم المتدفق في فلسطين، وكرامات الشهداء بعد أكثر من 200 يوم على العدوان والمجازر، لا تحرك في الشوارع العربية التي كانت تزأر كثيرا لحوادث أقل من ذلك بكثير.
وفلسطينيا؛ الحال ليست أفضل بكثير، صحيح ان هناك شبه انتفاضة في الضفة الفلسطينية، لكن لا تزال فلسطين المحتلة 48 هادئة، وخطاب الفصائل عموما يتسم بالمزاودة كما يقول المثل الشعبي: “الكلام لا جمرك عليه”، ولا يوجد خطاب وحدوي يعمل على حماية حقيقية للشعب الفلسطيني وإنجاز المصالحة الوطنية.
أقول هذا الكلام بلغة متوترة قليلًا، لأن ما يجري على الأرض الفلسطينية من قتل وترويع ومجازر تحرك الحجر والبشر إلا أن ذلك لم يحرك قيادتي فتح وحماس إلى طي ملف الخلاف والانقسام، وإعادة اللحمة الوطنية والمصالحة الحقيقية للشعب الفلسطيني.
يدفع الشعب الفلسطيني من دمه ثمن هذا الخلاف، حتى بات الهروب من قطاع غزة ودفع عشرات الآلاف من الدولارات إلى سماسرة على معبر رفح بعد العدوان المستمر حلم كثير من الغزيين، بعد أن كانوا يهربون باتجاه البحر، شبابًا وعائلات، في زمن الحصار وبعد المجازر والإبادة والتهجير أصبحت غزة مكانا غير صالح للحياة.
قبل العدوان وبحسب بيانات وأرقام حماس من غزة، فإن هناك انهيارًا شبه كامل في الخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه وصرف صحي، وان أكثر من 90 % يعيشون تحت خط الفقر، في حين معدل دخل الفرد اليومي أقل من دولارين يوميًا، و95 % من مياه غزة غير صالحة للشرب، والبحر ملوث بسبب ضخ 40 مليون لتر فيه ــ يوميًا ــ من مياه الصرف الصحي من دون معالجة، ما يعني آثارا خطيرة على السكان والثروة السمكية، وعلى الحالة البيئية، ترافق ذلك مع مشكلة الكهرباء، وقد ازدادت أوقات انقطاع التيار الكهربائي عن السكان وتصاعد عدم انتظامه بعد الدمار الشامل الذي لحق بقطاع غزة إثر العدوان البشع الذي لا يتوقف.
إلى أي أنفاق مجهولة تسير أمور الشعب الفلسطيني، الذي يعيش الآن أسوأ مراحل قياداته، واضعف حالات فصائله، وبلا أي أفق سياسي، يترافق ذلك مع أبشع قيادة متطرفة في الكيان المحتل.
بالمناسبة؛ آخر أفلام المصالحة الفلسطينية أن الصين دخلت على الخط، وأعلنت حماس وفتح إنهما تلقيا دعوة من الصين لمناقشة المصالحة هناك، أمام ساتر الكعبة حلفوا على المصالحة، وبعد ساعات إختلفوا، فهل سيتفقون في بكين؟!
الدايم الله…