الاسبوع الماضي اعلنت نتائج انتخابات اتحاد طلبة جامعة مؤتة .
الانتخابات لم تشهد حضورا للاحزاب الحديثة و القديمة .
و الترشح والانتخاب جاء وفقا للمحركات الانتخابية التقليدية العشائرية، و المناطقية .
و ابناء العشائر هم الاكثر و الاوفر حظا في كسب المقاعد في اتحاد الطلبة ، و كسبوا جولاتهم الانتخابية بعيدا عن اي محركات ودوافع انتخابية حزبية .
لا حضور و مشاركة للاحزاب في انتخابات جامعة مؤتة ، و لا انتخابات اتحادات الطلبة في جامعات حكومية و اهلية اخرى .
و حتى التيار الاسلامي، فانه فشل و اخفق في حصد مقعد واحد في انتخابات الطلبة .
و الاسلاميون لاول مرة يخفقون في تحقيق مكسب انتخابي في جامعة مؤتة .
و بالعادة ، فان قائمة الاسلاميين ، و ذات اللون الاخضر تحصد حصة لا بأس بها من مقاعد مجلس طلبة الجامعات .
و هي اشبه بهزيمة غير معلنة ، و سواء ترشحوا للانتخابات و اخفقوا ام لم يترشحوا فانه عنوان للاخفاق و الفشل الانتخابي ، وهزيمة مدوية للاسلاميين .
لا منافس للتحالفات العشائرية و المناطقية ، و قد اكتسحوا اغلبية المقاعد ، و سوف يفرزون حتما رئيسا للاتحاد ونائبه .
طلاب الجامعات يسمعون بالاحزاب
و لا يريدونها .
و سواء من اعلان نتائج انتخابات طلبة جامعة مؤتة او غيرها ، فيبدو ان الاطر المحرك سياسيا لاجيال من طلاب الجامعات مازال محافظا ، و هذا ليس عيبا سياسيا ، و لا ينقص من قيمة و اهمية العملية الانتخابية ومدى ديمقراطيتها !
هذا هو جيل الفراغ ، وقد ولد في حقبة اللااحزاب و حقبة اللاسياسية ، و حقبة استثنائية من عمر الدولة الاردنية .
فالاحزاب الكبرى ذات المشارب الايدولوجية انقرضت ، الشيوعيين و القوميين و العلمانيين .
و في الاردن منذ ولادة الدولة انضوت القوى المجتمعية و الشعبية تحت رايات الحركة الوطنية ، وعصبها وطنية واحدة ، لا وطنيات طارئة و فرعية ، و مستوردة .
و العقيدة الوطنية الاردنية الاولى “نواة الحركة الوطنية ” تأسست على مدنية الدولة اردنية ، ونضال وطني معاد للاستعمار و الصهيونية .
المجتمع الاردني صمد وقاوم محاولات متراكمة لتفكيك البنى التقليدية ، وهي العشيرة و العصبية الوطنية .. و الا ، كيف صمد الاردن ؟ّ
هذه البنى ، هي المناعة الذاتية لمقاومة تحديات و صعاب داخلية و اقليمية ودولية .
الجديد في نتائج انتخابات جامعة مؤتة ان ثمة اتجاها ظهر بين الطلاب ادار ظهره الى الاسلاميين تحديدا .
و في تكتيك الاسلاميين الانتخابي يلجؤون الى توظيف ابناء العشائر و اقحامهم الانتخابات ، و استغلالهم لمآرب سياسية اسلاموية .
من مؤتة ، ارى ان ثمة علامة كبرى لاحقت في الافق السياسي العام الاردني ، وذلك في موعد متزامن مع استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة .
و اظن ان امام الدولة و الاحزاب السياسية سواء اسلامية او ليبرالية او محافظة او وسطية او تقدمية فرصة ووقت كاف لدراسة وتحليل ، و قراءة ما وراء نتائج انتخابات جامعة مؤتة و بنية التحالفات الانتخابية .
اردنيو جامعة مؤتة قالوا كلمتهم ، و كيف ينظرون الى الاردن القادم ، ومن اي نافدة وزواية و بصيرة وطنية ؟
و هي طبقة اجتماعية تسكن في اطراف وهوامش الجغرافيا الاردنية اكدت مرة اخرى من عبر صناديق الانتخابات ، كم ان علاقتها متينة وقوية الصلة مع الدولة و المجتمع .
لا اجد ما يدفع الى الصدمة و الدهشة من “العصيبة الاردنية ” و احياء روحها في الشخصية الاردنية . و هي روح لربما تحاول قوى سياسية تجفيفها و محوها ، وذلك وفقا لصيغ باسم تحديث و ديمقراطية جديدة ، و غيرها من اشكال نيو ليبرالية .
فارس حباشنة