أسامة الرنتيسي
على ذمة منظمة “مراسلون بلا حدود” فإن الأردن تَقدّم 14 مرتبة في تقرير الحريات 2024 بشأن تصنيف الدول في الحريات الصحافية لعام 2024.
وما جاء في التقرير أيضا وتجاهلته عناوين المواقع الإخبارية أن الأردن جاء في المرتبة 132 من أصل 180 دولة، أي نحن في المراتب المتأخرة، وأمامنا 131 دولة متقدمة علينا.
يطل علينا اليَومُ العالَميُّ لِحرّية الصحافة (3 أيار /مايو)، ونحن في عصر ازدهار الإعلام الحديث وسطوة وسائِل التواصل الاجتماعي، ولا حديث يُذكَرُ عن الصحافة الورقية، وكأنّها تؤبّن.
تكشف دراسة حديثة موثقة عن أن الأخبار الكاذبة تنتشر ست مرات أسرع من الأخبار الصحيحة، وعلى هذه المعادلة ليكن الاحتفال مختلفا باليوم العالمي لحرية الصحافة.
ليعترفَ المشتغلون بمهنة الصحافة التي كانت تسمى السلطة الرابعة، ونحن نحتفل باليوم العالمي لحرّية الصحافة، أن سلطة خامسة فرضت تجلياتها علينا هذه الأيام، بعد أن نجحت صحافة الشبكات الاجتماعية، خاصة الفيس بوك وتويتر، في القيام بدور سلاح الإشارة في الأحداث التي شهدها العالم العربي في السنوات الأخيرة، وقد أضيفت إليها منصات إعلامية حديثة، الانستغرام، تعتمد الصورة والفيديو وغواية السناب شات التي تغزو عقول شبابنا بشكل لافت.
سلطة الشبكات الاجتماعية أصبحت تمثّل سلطة جديدة، يمكن أن نُطلق عليها السلطة الخامسة، يفوق تأثيرها تأثير السلطة الرابعة، لا بل أخضَعت السلطة الرابعة للرّقابة، وهدّدت المكانة الرفيعة التي احتلتها لدى الضمير الإنساني على مدى قرون.
هذه السلطة الجديدة قد فتحت المجال لراغبي التغيير جميعهم، ومنحت مواطنين من مختلف دول العالم يمتلكون القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت فُرصًا غير محدودة لممارسة الرقابة الشعبية على السّلطات، وكذلك السلطة الممنوحة للصحافة منذ قرون.
ومن ثم يمكن القول: إن السلطة الخامسة الجديدة لا تُراقب الثلاث سلطات فقط، بل تضع سلطة الصحافة تحت أول اختبار حقيقي لها كذلك.
إنها سلطة جديدة مثيرة، لم يكن أحدٌ يتخيلها، مِمَّن حَلِموا بحرية الإعلام على مر العصور. سلطة تفوق سلطة الإعلام التقليدي بمراحل. إنها سلطة الشعب، سلطة المواطن.
أخطر ما في الصحافة الجديدة، أنها أزاحت إلى الظل الصحافة والإعلام التقليديين، لا بل شكلت خطرًا على مستقبلهما، وقد تكون صحافة الشبكات الاجتماعية السبب الأول في الأزمة التي تمرّ بها الصحافة الورقية في العالم، والأردن منه.
الصحافة الحديثة فرضت تغييرًا في الاستثمار وأنماطه في الإعلام، ولم يَعُد الاستثمار الإعلامي محصورًا في إصدار صحيفة ورقية يومية ودعمها بموقع إلكتروني يكون نسخة عن الورقية، بل بات الأمر يَتطلّب تغييرًا في طريقة التفكير في الاستثمار الإعلامي، ليس فقط إصدار مطبوعة وانتظار تمويلها من مردود الإعلان التجاري.
الإعلام في المرحلة الحالية تجاوز فكرة تكريس يومٍ مثل (3 مايو ) للاحتفال بالحريات الصحافية، لأن الإعلام الاجتماعي أوجد حريات لم تستطع وسائل الإعلام التقليدية في كل السنوات الماضية الوصول إلى سقوفها.
بالمناسبة؛ لمراسلون بلا حدود، ولجميع المؤسسات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية المعنية بالحريات الصحافية، لم نسمع لكم صوتا عاليا عما يجري من إبادة للصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة بعد أن قتل الاحتلال البشع 141 صحافيا وعائلات بعضهم.
الدايم الله…