“طفرة الصحافة وقبيضة التسعينات”

الصحفي عبدالله بني عيسى

في التسعينات حدثت طفرة صحفية غير مسبوقة في تاريخ الأردن، كانت الطفرة من ثمار العودة إلى “الديمقراطية” والأجواء الاستثنائية التي خلفها “برلمان 89” ذائع الصيت. فصدرت خلال أعوام قليلة أكثر من 20 صحيفة أسبوعية، وتضاعف اهتمام المؤسسات الإعلامية الدولية بالساحة الأردنية.
ونتيجة لهذه الوفرة في المنابر الصحفية اشتعلت حروب الاستقطاب من كل الاتجاهات، مؤسسات حكومية وأمنية وأحزاب ونقابات وصالونات وأفراد.. الخ. كل من هؤلاء كان مستعداً لدفع أي ثمن ليكون له مساحة ضمن هذا الفضاء المتخم بالسياسة، من معارضين وموالين ومُسوّقي أجندات متباينة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، إضافة إلى أطراف هلامية وأخرى خارجية كانت تتحرك كالأشباح.
ورغم أن هذه الطفرة حملت الكثير من الإيجابيات، وزادت، بل خلقت، حرية غير مسبوقة في طرح القضايا السياسية والاجتماعية، إلا أن من مثالبها أنها كشفت عورات الكثير من الصحفيين “الأخلاقية”، فسقط كثيرون مع الأسف في اختبار النزاهة والحياد والموضوعية، وانتشرت ظاهرة “القبّيضة”.
ومع أنني لست مع فتح هذا الملف وكشف الأسماء انطلاقاً من غموضه وارتباك المرحلة كلها، وحتى لا تختلط الحسابات الشخصية بالأمر، فيُظلم البعضُ ويُنصف أخرون دون حق، إلا أن الأمانة التاريخية تقتضي الإشارة إلى تلك الفترة باعتبارها قد كشفت عن هشاشةٍ في البُنى الأخلاقية ليس فقط بين عدد معتبر من الصحفيين، بل في المجتمع بأكمله، فمقابل كل صحفي باع قلمه ثمة من اشترى بلا وجل أو خوف.

الصحفي عبدالله بني عيسى