للكاتب والمحلل الأمني د. بشير الدعجه
يشهد الأردن في الآونة الأخيرة موجة جديدة من الرسائل الاحتيالية التي تستهدف المواطنين عبر هواتفهم النقالة حيث يتلقى العديد من الأردنيين رسائل نصية تدعي أن لديهم طرودًا في البريد الأردني، وتطلب منهم تصويب بياناتهم وتحديثها، مهددةً بإعادة الطرود إلى مصدرها في حال عدم الاستجابة
وهذه الرسائل جزء من أساليب الاحتيال الحديثة التي تتخذ من التكنولوجيا وسيلة لخداع الأفراد وسرقة بياناتهم الشخصية.
تعتمد الرسائل الاحتيالية على التلاعب بثقة المواطنين، حيث تتظاهر بأنها صادرة عن جهات رسمية مثل البريد الأردني … وتتضمن الرسائل عادةً رابطًا يدعو المستلم للنقر عليه لتحديث بياناته … وبمجرد النقر على الرابط، يتم تحويل المستلم إلى صفحة ويب مزيفة تطلب إدخال معلومات شخصية مثل الاسم الكامل، الرقم الوطني، العنوان، ورقم الهاتف. وفي بعض الحالات، يتم طلب معلومات مالية مثل أرقام الحسابات البنكية أو بطاقات الائتمان.
تُعد سرقة المعلومات الشخصية أحد الأهداف الرئيسية لهؤلاء المحتالين فعند تقديم هذه المعلومات، يصبح المواطن عرضة لعدة مخاطر من بينها سرقة الهوية، حيث يمكن للمحتالين استخدام المعلومات المسروقة لفتح حسابات بنكية أو الحصول على قروض باسم الضحية، والابتزاز باستخدام المعلومات الشخصية لتهديد الضحية بنشر بياناته، والوصول غير المشروع للحسابات المالية، حيث يمكن للمحتالين استخدام المعلومات المالية المسروقة للوصول إلى حسابات الضحية البنكية وسرقة الأموال.
تتطلب مواجهة هذه الرسائل الاحتيالية جهوداً مشتركة من قبل الجهات المختصة ووسائل الإعلام لتوعية المواطنين ويجب على المواطنين التحقق من مصدر الرسالة قبل النقر على أي روابط، وذلك من خلال الاتصال بالبريد الأردني أو الجهة المذكورة في الرسالة للتأكد من صحة المعلومات … كما يجب الامتناع عن تقديم أي معلومات شخصية أو مالية عبر الإنترنت أو الهاتف ما لم يتم التحقق من هوية الجهة الطالبة … ويمكن استخدام تطبيقات الحماية الإلكترونية التي تقوم بفحص الروابط والرسائل وتحديد مدى مصداقيتها، بالإضافة إلى الإبلاغ عن أي رسائل مشبوهة إلى الجهات المختصة مثل مديرية الأمن العام لتتمكن من تتبع المحتالين واتخاذ الإجراءات اللازمة.
تلعب مديرية الأمن العام دوراً حيوياً في مكافحة هذه الجرائم الإلكترونية حيث تقوم المديرية برصد وتتبع الرسائل الاحتيالية وملاحقة القائمين عليها، بالتعاون مع الجهات الأمنية في مختلف دول العالم … كما يجب تنظم حملات توعية بالتعاون مع وسائل الإعلام لتثقيف المواطنين حول مخاطر الرسائل الاحتيالية وطرق الحماية منها.
أيضا من جانبها، تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في نشر الوعي بين المواطنين … فعلى وسائل الإعلام القيام بتقديم البرامج التثقيفية التي تشرح أساليب الاحتيال وتقدم نصائح عملية للحماية، ونشر الأخبار والتقارير الصحفية التي تحذر المواطنين من الأساليب الاحتيالية الجديدة، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر رسائل توعوية والتحذيرات السريعة.
في ظل تزايد أساليب الاحتيال الإلكتروني، يجب على المواطنين أن يكونوا في غاية الحذر عند التعامل مع الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية … والحفاظ على المعلومات الشخصية والمالية آمنة هو مسؤولية فردية وجماعية تتطلب وعيًا وإدراكًا لمخاطر هذا النوع من الاحتيال… وتبقى الوقاية من هذه الجرائم الإلكترونية مسؤولية مشتركة بين الأفراد والجهات الرسمية، والتي تتطلب تضافر الجهود لحماية المجتمع من مخاطر الاحتيال الرقمي… وللحديث بقية..