مع تراجع عدد الإصابات بفيروس كورونا، وفتح القطاعات الرئيسية في المملكة على مصاريعها، وحصر ساعات منع التجوّل بفترة ليلية قصيرة، بدأ وصول السياح إلى البلاد بأعداد كبيرة. واللافت للانتباه، أن السياح الروس هم الأوائل الذين بدأوا بالتوافد، بخاصة إلى المناطق السياحية الرئيسية في المملكة، وأولها العقبة.
في الفترة الماضية التي كان فيها حظر التجول يمتد لساعات طويلة، كان السياح الأجانب يَجوبون الأردن ولو بأعداد قليلة، ما يُشير إلى أن وضعنا الوبائي لم يكن خطرًا عليهم، فقد شاهدتُ هؤلاء السياح عدة مرات، كان آخرها قبل بضعة شهور، عندما مَرَرتُ من أمام مطعم فخر الدين الشهير المجاور لمنزلي، وتزامن ذلك مع خروج مجموعة من عائلات السياح الروس وأطفالهم حتى، وقد استفسرت من موظفي المطعم فأفادوني بأنهم سياح روس حقيقيون، وقد تأكدت من ذلك من خلال استماعي لبعض أحاديثهم باللغة الروسية، خلال خروجهم من المطعم نحو الحافلة الأردنية السياحية الكبيرة التي كانت بانتظارهم بجانب السفارة العراقية المجاورة لهذا المطعم.
كتبتُ هذه المقالة عندما قرأتُ في جريدة (الأنباط) اليومية الناشطة، عن مجموعة أولى كبيرة من السياح الروس وعددهم 220 سائحًا، وصلوا مؤخرًا إلى مطار الملك الحسين الدولي في العقبة، ضمن رحلات مبرمجة للمملكة بمعدل رحلة أسبوعياً وتستمر حتى نهاية العام الحالي. كذلك، لفت انتباهي تصريح معالي السيد وزير السياحة والآثار نايف حميدي الفايز، أن وصول الطائرة السياحية الروسية يدعم دوران عجلة الحركة السياحية، التي تتمتع بالجاهزية العالية لاستقبالهم، سيّما وأن المملكة استطاعت السيطرة على الوضع الوبائي. من جهة أخرى اطلعت على تصريح مدير عام هيئة تنشيط السياحة الدكتور عبدالرزاق عربيات، الذي توقّع ارتفاعًا في أعداد الطائرات الروسية التي تحمل سيّاحًا قادمين إلى البلاد خلال الفترة المقبلة. كما بيّن مدير عام شركة ترافكو، الشركة المستقبلة للسياح، باولو نوشيرينيو، “إن قدوم السياح يأتي نتيجة جهود مشتركة بذلتها الشركة وهيئة تنشيط السياحة الأردنية.
أخبار الأردن السياحية والسياسية يُعاد نشرها بواسطتي من (الأنباط) في (الشبكة الدولية للأخبار التحليلية – أوراسيا) الشهيرة، ما يُعدُ نشاطًا يَصبُ في اتجاه تعميق العلاقات الثنائية بين بلدينا الأردن وأذربيجان، وفي المجال السياحي أيضًا، ما يؤدي إلى مزيدٍ من تعميق التفاهم المتبادل ومعرفة عميقة لبعضنا البعض ولتجذير علاقاتنا الثنائية، بخاصة للعُرى الكثيرة التي تربط البلدين في الدين والتاريخ والعادات والتقاليد واللغة. فاللغة الأذربيجانية أخذت الكثير من المفردات العربية، لهذا تقوم اللغتان على قاعدة واحدة تصب تاريخيًا في تعزيز لُحمة أبناء العالمين العربي والأذري وللتنسيق الأخوي بينهما، ولتطوير المُشتركات التي ضمنها السياحية كرافعة مناسبة جدًا لتجسير الصِّلات الشعبية والاجتماعية، ولرفع منسوب التعاون الثقافي والعلمي والإعلامي والإنساني عمومًا.
نتمنى أن يتم تفعيل التعاون السياحي بين الأردن وأذربيجان، وبين المملكة ومختلف دول العالم لانتاج نجاحات يومية تصبُ في صالح الشعوب، فالسياحة فضاء حضاري عملية التفاهم والتعاون والتلاقي الفكري والعقلي، فالأردن وأذربيجان تربطهما اتفاقية طيران تم توقيعها قبل انتشار كورونا في رياح العالم. ننتظر أن يتم تفعيلها لنقل السياح من باكو إلى عمّان وبالعكس، كذلك الأمر بالنسبة للطلبة الأردنيين الجُدد الذين سيدرسون في جامعات أذربيجان في العام الدراسي المقبل، ولزملائهم الأردنيين في أذربيجان مِمّن يَنتظرون قضاء إجازاتهم وعطلاتهم الأسبوعية أيضًا في الوطن الأردني، إذ لأت باكو تقع على مَرمى عصَا من عَمّاننا.
شخصيًا، يَسرني كمتخصصة في السياحة مرافقة السياح الأذريين وعمومًا أولئك الناطقين بالروسية في أرجاء الأردن، والتعريف بالاردن سياحيًا وحضاريًا من خلال التفاهم معهم باللغة الروسية، فقد درست علوم الدلالة السياحية وهي عديدة، قبل سنوات طويلة في (كلية عمّون الجامعية التطبيقية) الأردنية، إلى جانب دراستي للهندسة الكيميائية الصناعية في جامعة سوفييتية، وممارستي الإعلام والكتابة منذ سنوات طويلة. السياحة إحدى روافع السلام والأمان والتفاهم العالمي، ونحن ننتظر إعادة عجلة التواصل مع شعوب الكرة الأرضية وهي معنا، لنستمر في تحقيق هذه المبادئ السامية.
*مؤسِسة ورئيسة تحرير جريدة “المُلحق الروسي” في الأردن.