لكل دولة في هذا العالم أعيادها التي تَعني الكثير لشعبها وسيادتها واستقلالها ووحدتها واستقرارها ومستقبلها، وبخاصة في قضية العيش في التماهي مع الإنسانية وتطلعاتها الجَمعية دون تفرقة بين قومية وأخرى وبين جنس آدمي وآخر.
في الأردن نحتفل جماعة واحدة وموحَّدة بالعديد من الأعياد الهاشمية والوطنية، فقد حقّقت مملكتنا العزيزة نجاحات مذهلة لدولة صغيرة المساحة لكنها كبيرة بحُلْمِها النهضوي، فغدت بلدًا محوريًا في التاريخ والتأريخ للوقائع العربية وما حولها، وتلعب دورًا غاية في الأهمية والمفتاحية على صعيد الكرة الأرضية وقضاياها وأولها السلام العالمي، في محاولة محمودة للتخفيف من حدة التوتر الدولي سعيًا من سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم سلسل الدوحة الهاشمية ورسالتها العروبية والإنسانية السمحة، إلى تأكيد الدور الدولي للأردن وسياسته الوسطية ونهجه العقلاني، الذي يأخذ بعين الاعتبار مصالح ومكانة جميع الدول وشعوب العالم وأوضاع منطقتنا الخطرة والمتلاطمة بالتغيرات والأحداث المؤلمة.
وفي مجال الأعياد والاحتفالات، لفت انتباهي اسم ومعنى “يوم النجاة الوطني” في أذربيجان والذي يحتفلون به على نطاقات واسعة، وقد عَلِمت بأنه دخل التاريخ بوصفه يوماً يكتنز بأهمية اجتماعيَّة وسياسية وتاريخية خاصة، إذ شهد الشعب الأذربيجاني في يوم 15 حزيران من عام 1993 عودة الزعيم الوطني الشهير حيدر علييف إلى سدة الحُكم مرة أخرى، فقبل هذا الحدث البارز في الثامن عشر من تشرين الأول 1991 أعلنت أذربيجان استقلالها، وهو الإعلان الثاني خلال القرن العشرين الذي أكد وجوب تفعيل الوَحدة الوطنية الشاملة، من خلال تحرير المُحتلِ من الأرض الأذرية، واتساقًا مع ذلك ضرورة نقل المجتمع إلى الأمام ووقف التدهور الاجتماعي للشعب، فتمكن هذا القائد الوطني ببُعد بصيرته من تذليل المصاعب والمحن التي جابهت البلاد والعباد، وقادهما إلى بر الأمان والاستقرار، إذ كان المرحوم حيدر علييف رائدًا وطنيًا يُشار إليه بالبَنان، تمكّن من تعزيز التوحيد المجتمعي، فبرز باعتراف شعبه في مرتبة الشخصية الوحيدة صاحبة أوسع الخبرات السياسية والمتفردة لصون المجتمع من بعض القوى الداخلية المناهِضة لاستقلال أذربيجان، كما رفضت بعض الأوساط في الدول الأجنبية هضم المساعي الاستقلالية والسيادية لأذربيجان، باعتبارها بلداً بموقع إستِراتيِجي وموارد طبيعية زاخرة تتطلع تلك الدول التوسعية لاستغلالها. حينها وصف القائد حيدر علييف تلك المرحلة بالتالي: “كانت أذربيجان تواجه خطراً جسيماً، إذ طالما عاودت النهوض، فتقهقُر أذربيجان إنما هو بسبب العدوان الأرميني من جهة، والتناحر الداخلي على السلطة من جهة ثانية، فأوصلا إلى إسقاط القوى التي استولت على زمام الحُكم في حزيران 1992 على يد الشعب”.
في 15 حزيران 1993 عاد حيدر علييف إلى السلطة تلبية لنداء شعبه. وتوّجت هذه العودة بتطور اجتماعي واقتصادي وسياسي شامل في البلاد، مِمَّا لعب دوراً حاسماً في تقويتها وانضمامها إلى العملية التكاملية الكثيفة مع العالم المتحضر. وهكذا دخل هذا التاريخ بوصفه “يوم النجاة الوطنية”، وفي 27 حزيران1997 أصدر المجلس الوطني الأذربيجاني قراراً بمنح الصفة الرسمية لذلك التاريخ.
كانت تلك الخطوة بمثابة تفانٍ منقطع النظير لابن الوطن صاحب القلب الكبير أمام شعبه ووطنه، وبالتالي تحوّلت أذربيجان بفضل العمل الدؤوب والهمّة الهائلة لحيدر علييف ومن بعده الرئيس إلهام علييف؛ الذي يُحافظ في ذاته على همّة الليثِ في الأشبلِ؛ إلى دولة تتمتع بثقلٍ كبير ومكانة رئيسية في عائلة الدول الإسلامية والعربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأُمم المتحدة وغيرها العديد من الهيئات الأممية. وكل عام وأذربيجان وقيادتها ومعها العالم الكبير الصديق لها بخير وسؤدد وعلياء.
*مؤسِسة ورئيسة تحرير جريدة “المُلحق الروسي” في الأردن.