أسامة الرنتيسي
مَسَبَّةٌ جديدة ستنشأ بين مصطلحات الأردنيين بفضل الانتخابات النيابية، “يا ابن الحشوة”!!
والحشوة في الانتخابات النيابية الأردنية مصطلح جديد ظهر في الانتخابات الماضية، وهو ما يعرف بأن ينضم شخص أو أكثر إلى قائمة انتخابية “تكملة عدد” لا يطمح أبدا أن يكون منافسا في الانتخابات، وطموح رئيس القائمة أن يحصل “الحشوة” على مئات الأصوات فيرفع حظوظ القائمة في النجاح، طبعا؛ كل شيء بثمنه.!
والثمن مهما علا سعره يبقى بخسا، ومسبة في وجه “الحشوة” إلى ولد الولد، في الانتخابات الماضية توسعت الحشوات وكثر الحديث عنها، وكنا نأمل أن يتم تلافي هذه الظاهرة المؤسفة في الانتخابات في القانون الحالي، لكن للأسف تجاوز الحال من القائمة المحلية إلى القائمة الوطنية “الحزبية”.
في القوائم الوطنية قد تكون الحشوات بلا ثمن مالي، بل طمعا في موقع أو منصب إذا نجح الحزب وتولى مهام تنفيذية في الدولة، وهذا لا يعيب، وقد تكون من باب الاستعراض كأن يضع الأمين العام لحزب اسمه في الترتيب الأخير لدعم الحزب، على اعتبار أنه “الزعيم”، وهو يعرف جيدا أنه لا يستطيع النجاح في انتخابات جمعية خيرية أو نقابة عمالية، ولا يملك من الأصوات التي يستطيع تجييرها للقائمة الحزبية، لكنها تضخم الغدد قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع وفحص جماهيرية الشخص او الحزب الذي يمثله.
الحشوات أنواع، هناك من يبحث عن مبلغ مالي لتزبيط أوضاعه، وهناك من يطمح في الظهور تحضيرا لانتخابات مقبلة وفرص أخرى، وهناك من يعشق أن يرى أسمه في قوائم المرشحين وصوره معلقة على أعمدة الكهرباء والهاتف وفي الشوارع، لهذا تراه يترشح في أي انتخابات مع أن حظوظه في النجاح مستحيلة.
أيام وسيحل مجلس النواب، وسيفقد النواب ميزات “النمرة الحمرا” قد يكون الشعب الأردني الوحيد في العالم الذي يفرح، اذا حُلَّ البرلمان، ويفرح أكثر إذا ما وُجِّهت صفعات أكثر إلى أعضاء مجلس النواب.
لأن هناك شعورًا بأن المجلس لا يمثلهم، بل يمثل عليهم، وأنه يبحث عن مكتسبات ومزايا شخصية، ولا تهمه المصلحة العامة، وانه قد جاء بقانون عسير، وبشبهات فيها تزوير.. هكذا يقوّم الاردنيون مجلس النواب، للأسف.
من الناحية الشعبية، فقد المجلس مصداقيته في أكثر من منعطف، واكتشف الأردنيون أنه لا يحل ولا يربط، كل هذا وغيره صحيح، لكن هل من مصلحة حياة البلاد السياسية إسقاط قيمة العمل البرلماني في أعين الأردنيين؟ وأن لا قيمة لأصواتهم التي تذهب إلى صناديق الاقتراع؟.
اذا حُلَّ مجلس النواب، وأُسقطت عضوية أعضائه الـ 130 فإن نسبة العائدين منه تتجاوز دائما الـ 75 % وبأصواتنا نحن الناخبين، فما قيمة الحل وإعادة التدوير من دون أن نضع لبنة أساسية في الحياة السياسية، والإصلاح من خلال قانون انتخاب عصري تقدمي يفرز الأفضل والأكفأ، ولا يسمح لأُميي العمل السياسي والشعبي والرقابي بالوصول الى قاعة القبة.
إذا بقينا نتحدث عن النواب بالطريقة السلبية التي تزدحم بها وسائل التواصل الاجتماعي والردود الشعبية الحادة، فسنصل إلى مرحلة اليأس والكفر بالعمل البرلماني، عندها لن ينفع أي حديث عن الإصلاح السياسي الشامل.
الدايم الله….