يُعتبر رئيس الإدارة الدينية لمسلمي القفقاس، سماحة الأستاذ الدكتور شيخ الإسلام الله شكر باشازاده، زعيمًا دينيًا آسيويًا وعَالميًا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْبَنَانِ، وهو يعمل في حَلّهِ وتَرْحالِهِ من أجل تفاهم الشعوب وسلامها وتقاربها من بعضها البعض، ولأجل التخلص من كل ما مِن شأنه أن يؤدي إلى حروب ونزاعات ومواجهات بين الدول والأمم، فعصرنا الحالي يتطلب ترسيخ المودة بين الناس ومساواتهم بين بعضهم البعض وأمام الخالق عزو وجل، وهو وضع عالمي إن تم سوف يُفضي إلى تغيير جذري في قسمات الكرة الأرضية، ونقلها من ساحات الحرب والموت إلى حدائق الحياة والسلام الشامل، المُرتَكِز على العدالة وتعاليم العلي العظيم الذي يَعلمُ بنوايا وخبابا الجميع، ويَفسح لنا المجال أن نختار ما بين الصالح والطالح، رغبة منه بأن نكون خلائقه المحَافِظة على هِبة الحياة المقدسة التي منحنا إيّاها منذ الخَلْقِ الأول.
في دعوات سماحة الأستاذ الدكتور شيخ الإسلام الله شكر باشازاده المبجل، نقرأ الكثير عن أنشطته الأممية الداعية إلى ضرورة التزام الدول والشعوب بالقانونين الدولي والدولي الإنساني، حتى يتمكن البشر من السير واثقين على طريق واضح المَعَالم صوب إحقاق الحق في مواجهة الباطل والعدوان واحتلال أراضي الغير بالقوة والبطش والموت. وفي هذا المجال يُنادي سماحته بالتقاء شعوب القفقاس والعالم وتفاهمها حول مائدة مستديرة، تمامًا كما كان ذلك في بيانه الأخير الذي تطرّق فيه إلى ضرورة احترام أرمينيا لسيادة دولة أذربيجان، وعدم التعدي على حقوقها الترابية السيادية المسنودة بالقوانين الدولية، وشَرعة حقوق الإنسان، ومصفوفة العلاقات بين الدول، ولجهة منع أي دخول غير مشروع إلى أراضي الغير، ضمنها أرض أذربيجان التي ما زال بعض الأرمينيين يدخلون إليها عنوةً على مرأى ومَسمَع قيادات القوات الروسية في (قره باغ) التي تتواجد هناك بموجب اتفاقية للحفاظ على السلام والسيادة الأذربيجانية.
يكشف شيخنا الجليل في بيانه للناس مشكورًا، عن أن الخطاب والسلوك العسكري لم ولا يُفيد أحدًا على مدار التاريخ، فهو لم يجلب سوى الحروب والأحزان على الشعب الأرميني. فالأمهات يَبكين على أبنائهن الذين ماتوا أو فُقِدت آثارهم للآن كمَثل الغزاة في أرض أجنبية، ومن هنا يَتبدى لنا أن الدعوات للاحتلال والعنف بدلاً عن السلام وحسن الجوار تتعارض مع القيم الدينية والوضعية، فنهج الحرب كما يرى شيخنا الموقر “لا يخدم الحياة السعيدة والمزدهرة لشعوب القفقاس، وبخاصة الشعب الأرميني، فلا يمكن أن تتمثل مهمة الشخصية الدينية في خدمة النزاعات والمواجهات، بل في خدمة الأفكار المقدسة، والانسجام والهدوء”، فقد شهد العالم كله في الحرب الوطنية للشعب الأذربيجاني، والتي استمرت 44 يومًا، عُمق وحدة الشعب والجيش في أذربيجان، إذ أنهما يلتفان حول القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس إلهام علييف، ويستمران على أُهْبَةِ الاستعداد لتجذير السلام العادل والناجز بين أذربيجان وأرمينيا على وِسع المستقبل وشساعة التاريخ المُقبل. ولهذا تعمل أذربيجان؛ التي أعادت وحدة أراضيها المعترف بها دوليًا؛ على تنفيذ مشاريع تهدف إلى التنمية الاقتصادية للمنطقة القوقازية، بما في ذلك أرمينيا، فضلاً عن تحسين رفاهية شعوب القفقاس برمتها، بما في ذلك الشعب الأرميني نفسه.
لفت انتباهي على نحو خاص، ما جاء في بيان شيخنا الجليل شيخ الإسلام الله شكر باشازاده الموقر، من ضرورة أن يتقاسم الجميع الجهود المبذولة مع القيادات المسيحية القوقازية والروسية والعالمية، وهذا أمر في غاية الأهمية لأنه جاذب عالميًا للمجتمعات المسيحية نحو سماحته وصوب أذربيجان، فهو إذ يلفت انتباهنا إلى “أن لدينا خالقًا واحدًا للجميع يدعونا نحن القادة الدينيين مسلمين ومسيحيين، إلى بذل الجهود المتواصلة باسم السلام والطمأنينة لإيجاد الحل العادل لمشاكل شعوبنا، فطريق السلام والتفاهم المتبادل ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب توحيد الجهود للحفاظ على السلام، ومن الضروري أن ندين بشدة الدعوات إلى الحرب في مثل هذه الفترة المصيرية، فالسلام والاستقرار ضروريان لحياة سعيدة وسلمية، وبالتالي، من اللازم والحيوي أن نمنع بحزم التفسير غير المرغوب فيه للأحداث في منطقتنا، ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يَظل غير مبالٍ بهذه القضية”.
ما فَتِئ سماحة شيخ الإسلام الله شكر باشازاده يُناشد بلا كَلل ولا مَلل المجتمع الدولي والقادة الدينيين، يَحثهم على التعبير عن مواقفهم حِيال الأفعال غير المتساوقة مع مُثل ومبادئ السلام والوئام واحترام سيادة أذربيجان من جانب ممثلي (الكنيسة الرسولية الأرمنية)، إذ أنه يمكن للموقف الدولي الحازم والواضح، إرساء أسس فعلية في إقليم القفقاس لدعم السلام والتقدم، وليس الحرب في تلكم المنطقة الاستراتيجية.
*إعلامية وكاتبة روسية مؤسِسة لجريدة (ملحق الرؤية الروسية) في الأُردن.