مرشحكم فلان .. لا بل مرشح نفسك

أسامة الرنتيسي –

 

 أثناء سيرك بسيارتك في شارع من شوارع العاصمة او أية مدينة او قرية أو مخيم في الأردن، تقع عينيك على لافتة لمرشح، يَستَهبِلنا بها بكل برودة أعصاب واضعا صورته بعد معالجتها كثيرا بالفوتوشوب، بأسنان بيضاء ووسامة تشبه نجوم المسلسلات التركية، ويكتب تحتها مرشحكم .. فلان.

فتُجيبه ضاحكًا: لا بل مرشح نفسك، إحنا ما رشحنا حد….

حتى التواضع مفقود منذ البداية، وصيغ الأمر جاهزة، مرشحكم.. كأنه يحملنا “جميلة” وكأننا نحن الذين رشحناه!

لنتوسّع في الحديث أكثر، أبرز ما يلاحظ في الانتخابات الأردنية عموما، ليس عدم القناعة بأننا سنصل يوما إلى انتخابات حرة نزيهة، مهما كانت الضمانات التي تطالب بأعلى درجات النزاهة، إنما أبرز ملحوظة هي أننا نكره المرشحين!!

في أيام العواصف والريح الشديدة التي تمزق كثيرا من لافتات المرشحين، الشيء الوحيد الذي حصل وكان واضحا من خلال المتابعة الحثيثة لتعليقات المدمنين على وسائل التواصل الحديثة في الفيس بوك وتويتير، وتعليقات قراء المواقع الإلكترونية، أن هناك شبه إجماع وحالة تشفٍ بهؤلاء المرشحين، وكأنهم أعداؤنا، أموالهم حرام، وشعاراتهم سبب الكوارث، وصورهم أخرجت شياطين الأرض.

لِمَ يكرهوننا؟ سؤال برسم الإجابة من قبل أغلبية المرشحين، الذين عليهم أن يجلسوا مع أنفسهم ويصفنوا لحظات، ويجتمعوا مع ملاكات غرف عملياتهم الانتخابية، ومستشاريهم الكثيرين، ومفاتيحهم الانتخابية، لمعرفة أسباب الكره الذي يُكُنُّه لهم الناخبون.

هل هو كره للعملية الانتخابية برمتها، أم كره لقوانين الانتخاب التي حصرت الترشح بنماذج لم تعد مرغوبة لدى الشعب الأردني؟.

هل هو عداء للشعارات الهوائية التي يتحفنا بها بعض المرشحين، أم عدم قناعة بأن القابل أفضل؟.

هل هي نتيجة بعض الممارسات الفاسدة، من قبل مرشحين وأنصارهم، بحيث أفقدوا الانتخابات بهجتها الديمقراطية وهدفها في التغيير والتحسين، أم أن ضعاف النفوس من قبل مرشحين وناخبين، أفسدوا المفهوم الحضاري للانتخابات، وأصبح المال الفاسد هو المسيطر على مجمل العملية الانتخابية؟.

هل هي ضعف في تقديم الحلول البديلة للوضع القائم، وتجنب الاستغراق في دفع الناس إلى التشاؤم واللامبالاة واليأس، أم هي فقدان البوصلة لدى قيادات الرأي في توجيه الناخبين نحو أهمية مشاركتهم في صنع القرار ودورهم في صناعة سياسات جديدة في البلاد؟

الناخب ليس مطمئنا للسياسات الرسمية ويساوره الشك والقلق الشديدين على مصير أسرته وأبنائه وحياته ومستقبله، وستكون الانتخابات المقبلة محط أنظار الجميع أداء والتزاما بمتطلبات الشعب وحاجات الوطن، بعيدا عن توقعات المتشائمين أو المتفائلين، فالسياسة الملتزمة هي التي تدب على الأرض، وتتحول إلى برنامج عمل يومي.

هل عرفتم أيها السادة المرشحون لِمَ يكرهكم الناخب ويتشفى فيكم، وفي أموالكم التي ذهبت لافتات وأحبارا على أرصفة الشوارع والأعمدة وواجهات العمارات.

الدايم الله…