كتب احمد الحراسيس –
لا اعرف كيف تشكلت القناعة لدى الغالبية العظمى من المترشحين للانتخابات النيابية ٢٠٢٤ ان تواجدهم على جوانب الطرقات ، واغراق العاصمة وبقية محافظات المملكة بالصور المشغولة على الفوتوشوب والابتسامات الهوليودية يكفي لوحده في ضمان وصولهم الى قبة البرلمان ؟!!! الا يضمر هذا استخفافا في عقولنا ؟!! ما يميز حملات المترشحين في هذه الانتخابات انها تخلو تماما حتى من الشعارات ذات الدلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكأن هناك اتفاقا جماعيا على تجاهل الخوض في السياسة والاكتفاء بما دون ذلك من عبارات فضفاضة فارغة من اي معنى او مضمون ؟!! كنا في انتخابات سابقة نتحدث عن هندسة متعلقة في التأثير على النتائج ، والتاثير على الترشيحات والعبث بالفرص ، والان يبدو ان الحملات الدعائية ايضا قد تم هندستها ايضا ورسم خطوطها العريضة !! هل وصلنا الى هذه الدرجة فعلا ؟!!
هذا الازدحام في الصور واليافطات لن يحرك الجموع الغفيرة الى صناديق الاقتراع ،فالناس لا تعرف شيئا عن هذه الاسماء ، غالبيتهم من حديثي العهد في العمل العامة وربما الخاص ، سيرهم الذاتية غير معروفة ، فما الذي سيغري – والحالة هذه – المواطن للمشاركة في العملية الانتخابية!!
اللافت في أسماء وصور بعض المترشحين المنتشرة في أرجاء المملكة، أن هؤلاء إما أبناء أو بنات أو أشقاء لنواب أو مسؤولين سابقين! وهذا بالتأكيد ليس كافيا ، او مسوغا لتهافت الناس وانكبابهم على التصويت لصالح هؤلاء تحديدا .. صحيح انهم يملكون فرصا اكبر من غيرهم ، ولكن نظريا كل مترشح له هويته الخاصة ومواصفاته المختلفة ، والاصل ان يحاكم وفقها ، التقييم والتصويت يفترض ان يكون على اساس ما يعرفه الناس عن المترشح نفسه وليس والده او شقيقه، هذا بالفرض الساقط ان تجربة الاب او الاخ كانت استثنائية وتركت بصمات واثارا رسخت في ذاكرة الاردنيين الجمعية وهذا لم نرصده في اي من الحالات الماثلة امامنا ..
اذا ، لماذا يتنطح هؤلاء للترشح ؟ والجواب سهل للغاية ، يبدو ان هؤلاء ادركوا جيدا بركات النيابة ، وانعكاسات ان يكون في بيتهم نائب ، لما يشكله ذلك من حصانة ومكانة اجتماعية وشيخة ، الى جانب ما يمكن تحقيقه من مكتسبات سياسية واقتصادية وفرص لهم او لابناء عمومتهم في مراكز القرار المتعددة ، هؤلاء فهموا اللعبة ، واحترفوا خوض غمار الانتخابات والقفز على التناقضات وتحقيق المكتسبات وادمنوا المكانة الاجتماعية التي تصاحب وجودهم في مجلس النواب ، وكل هذه الحسابات المصلحية الضيقة لا علاقة لها بدور النائب الحقيقي ورسالته والمسؤوليات التي يفترض ان يضطلع بها . وهو ما يفسر واقع مجالسنا النيابية التي تداور عليها هؤلاء واشباههم من الباحثين عن الشيخة والمنفعة الشخصية.
الأمر ذاته ينطبق على عشرات النواب السابقين ممن ترشّحوا حاليا ضمن قوائم عامة أو محلية ، اولئك المصابون بحمى الترشح، وكان أقصى طموح قواعدهم الانتخابية أن يسمعوا صوتهم تحت قبة البرلمان، ان يساهموا ولو بمداخلة نوعية واحدة طيلة أربع سنوات عجاف امضوها في مجلس النواب .. فهؤلاء ينبغي أن نسألهم ونسأل قواعدهم الانتخابية عن الدافع وراء ترشّحهم للانتخابات لدورة جديدة ؟!!لماذا يجهدون بلاء الوطن رغم بؤس ادائهم وانكفائهم في كل منعطف او قضية مصيرية ؟!!!!
نعم ، هناك بعض المترشحين من أصحاب الخبرة السياسية وممن لهم باع طويل في العمل العام، خاصة مرشحي الأحزاب البرامجية الجادة ، لكن الحقيقة أن كثيرا من الأردنيين يتساءلون وهم يطالعون غالبية صور وأسماء مرشحين على القوائم العامة؛ من هؤلاء؟ و لماذا تتواجد صورهم في مناطقنا؟ ما الذي قدّموه حتى يتصدّروا قوائم هذه الأحزاب الناشئة ؟! هناك قوائم كاملة هي حشوات من اولها الى اخرها ، والغريب انهم يقدمون انفسهم بانهم الاوفر حظا وحضورا .. فاي مجلس نواب نترقب ، وعن اي اصلاح وتحديث قد نشهده وفق هذه التوليفة المصطنعة …