من أفواههم ندينهم.. دراسة ومعلومات تكشف عن أدلة على وجود أصول يهودية لِ”هتلر- شيكل غروبر”

 

*إعداد: الأكاديمي مروان سوداح

بداية كنت أرغب بكتابة مقالة عن الأوضاع الحالية في منطقتنا المُحتَرَّة، لكنني ارتأيت كتابة مادة عن يهودية ونازية الزعيم الألماني المُنتحِر أدولف هتلر، الذي يغيب إسمه الحقيقي عن كثيرين في هذا العالم، وهو “شيكبل غروبر”.
في مقالة لافتة جداً للانتباه والتحليل سبق ونشرتها جريدة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، ثم أعاد نشرها موقع التلفزيون الروسي الناطق بالعربية (أر.ت)، وهي مقالة مقتبسة لدراسة للباحث الأمريكي، ليونارد ساكس (نشرت ب7 آب – أغسطس،2019)، وتضمنت أدلة واضحة تُشير إلى صحة الترجيحات بوجود “أصول يهودية لزعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر، “المعروف بكراهيته لليهود وحَملة إبادة بحقهم”..!
وجاء في تلك المقالة، التي ترتكز على دراسة ليونارد ساكس، التي تم نشرها في “مجلة الأبحاث الأوروبية”، على تحليل مذكرات هانس فرانك، المُستشار القانوني لأدولف هتلر، التي آلَّفها عام 1946، ونُشِرت بعد 7 سنوات من إعدامه بقرار من محكمة نورمبرغ التي حاكمت زعماء النازية ومن لف لفهم عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
تقول مذكرات فرانك: أن هتلر طلب منه في عام 1930 التَحَقُّق مِمَا إذا كان جدّه من جهة الأب يهودياً، وذلك “بعد تهديدات من ويليام باتريك هتلر، ابن شقيق زعيم النازيين، بالكشف عن أصوله اليهودية”.
واكتشف فرانك “أن جد هتلر كان يهودياً، إذ إنه عاش في مدينة غراتس النمساوية، في منزل عملت فيه جدّة أدولف هتلر، “ماريا آنا – شيكلغروبر” .
قال فرانك في مذكراته، إنه اكتشف مراسلات جرت بين ماريا آنا “شيكلغروبر” واليهودي المدعو فرانكنبيرغر، الذي كان صاحب المنزل الذي عملت فيه الجدة. وألمحت المراسلات إلى أن ماريا حملت من نجل فرانكنبيرغر، وتطلبت هذه الظروف منه دفع النفقة لها.
وَوِفقاً للمذكرات، فإن فرانكنبيرغر كان يُحِوِّل الأموال إلى جدة هتلر حتى بلغ ابنها غير الشرعي 14 سنة من العُمر، وكان يدفع الأموال بشكل غير رسمي، دون التوجه إلى الأجهزة القضائية خوفاً من تداعيات المرافعات والإساءة إلى سمعة عائلته.
وأشار ليونارد ساكس، إلى أن العديد من الباحثين شككوا في صحة مذكرات فرانك وتحدثوا عن عدم وجود يهود في مدينة غراتس في تلك الفترة، لكنه عثر على أدلة أرشيفية على أن جالية يهودية كانت موجودة في المدينة بالفعل. كما إنه لَفَتَ إلى أن بعض المُشكِّكِين في صحة المذكرات كانوا متعاطفين مع النازيين.
واستنتج ساكس بأن هتلر كان “رُبعه يهودياً”.
يذكر، أن العُلماء بحثوا موضوع الأصول اليهودية المُحتمَلة لهتلر منذ عقود من السنين، ولكن لم يتمكنوا من إيجاد أدلة كافية لدعم نظرياتهم. بسبب العمليات الغربية المتواصلة لإخفاء حقيقة شخصية هتلر.

تصريحات روسية

قبل سنتين، أي في 3 مايو/ أيار 2022 هَزَّت تصريحات روسية العَالَم بشأن يهودية هتلر، فقد جاءت تصريحات وزير الخارجية الروسي الشهير سيرغي لافروف، بشأن وجود “دم يهودي” لأدولف هتلر لتعيد إلى الذاكرة شائعات وُلِدَت قبل الحرب العالمية الثانية، بسبب الهوية الغامضة لجد الديكتاتور النازي.
وفي هذا الصدد، قال المؤرخ النمساوي رومان ساندغروبر إن ألويس والد هتلر، الذي وُلِد في 1837 وتوفي في 1903، عندما كان إبنه في الرابعة عشرة، كان “إبنا غير شرعي والده غير معروف”. وساندغروبر مؤلف كتاب نشر العام الماضي، كان الأول عن سيرة والد هتلر.
وفي عشرينيات القرن الماضي، عند بروز مؤسس “الحزب الاشتراكي القومي” أُطلقت “تكهنات بأنه قد يكون له أصول يهودية”. غذّاها خصومه السياسيين، وعززها وصوله إلى السلطة في 1933.

نازي يحيي النظرية

في مذكراته التي تحمل عنوان “مواجهة المشنقة” التي نشرت في 1953 بعد سنوات على إعدامه، يقول هانز فرانك الذي كان برتبة حاكم (رايخسلايتر) في الحزب النازي ولُقِب ب”جلاد بولندا”، إنه حَقَقَ سراً في أصول أدولف هتلر بناء على طلب الزعيم النازي نفسه.
وَكَتَبَ: “كان ذلك في نهاية 1930 على الأرجح. استدعاني” هتلر الذي كان يَعتبر نفسه ضحية “ابتزاز بغيض” لقريب له بسبب وجود “دم يهودي يسري في عروقه”، حسب مقتطفات من المذكرات التي نشرتها المجلة الألمانية “دير شبيغل” حينذاك.
وأجرى هانز فرانك تحقيقه. وقال إنه اكتشف أن ماريا آنا شيكلغروبر، جدة هتلر لأبيه أنجبت صبيا هو ألويس، عندما كانت تعمل طاهية لدى عائلة يهودية تحمل اسم فرانكنبرغر في مدينة غراتس النمسوية.
ويروي كاتب المذكرات أن رب العمل دفع لها لاحقاً نفقة غذائية، إلى أن بلغ الطفل ال14، مع تبادل رسائل تثبت أبوته المزعومة.
لكن حسب الرواية التي قدمها أدولف هتلر، أقنعت جدته وزوجها المُقبِل، يوهان هيدلر، الرجل بأنه الأب، للحصول على المال منه.
لكن المؤرخين شككوا في هذه المعلومات.
وقال رومان ساندغروبر أنه عندما حدثت هذه الوقائع “لم يكن لليهود الحق في الإقامة في غراتس”، مُعتبراً أنه لا يرى “دليلا ملموساً” يدعم فرضية وجود أصول يهودية لهتلر.
وكتب عوفر اديريت الصحفي، المتخصص في هذا المجال، لصحيفة هآرتس الاسرائيلية: “مَن كَان جد هتلر في الواقع؟ إنه سؤال لا يمكن الإجابة عليه”. وأضاف أن البعض قالوا إن هذه المعلومات كانت “محاولة من جانب النازيين لتقديم تفسير لهزيمتهم في الحرب العالمية الثانية”.
وتابع أديريت: أن “آخرين أكدوا أن اضطهاده لليهود نتج عن الخزي الذي شعر به بسبب أصله اليهودي جزئياً. لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد دليل تاريخي على أي من ذلك”.
بدوره، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد ماسَمَّاه بـِ “الخطأ التاريخي الفاضح الذي لا يُغتفر والمُروع” بعد تصريحات الوزير الروسي الشهير لافروف الذي كان يُجري مقارنة مع الأصول اليهودية للرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلنسكي.
وقالت روسيا مِراراً إنها تريد “نزع سلاح” أوكرانيا و “إزالة النازية” منها.

*المصدر الأول للمقالة: (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية.
*الثاني الناقل لها هو: التلفزيون الروسي الناشر بالعربية RT-
** الثالث: فرانس برس وموقع قناة “الحرة” الأميريكية.