لامست مديونية الأفراد في الأردن والعائدة لبنوك محلية 13.3 مليار دينار (حوالي 18.8 مليار دولار)، وهو أعلى مستوى في تاريخها، نتيجة ارتفاع الإقبال على الاقتراض، لتمويل حاجات أساسية، خاصة السكن والتعليم والصحة، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة “العربي الجديد”.
وكشفت أحدث بيانات للبنك المركزي الأردني، عن زيادة هذه المديونية بنسبة 2.3% بنهاية العام الماضي، مقارنة بعام 2022. وبحسب التقديرات، فإن مديونية الأفراد الإجمالية تتجاوز هذا الرقم بكثير، نتيجة تعدد أوجه الاقتراض المتاحة أمام الأفراد بشكل مباشر وغير مباشر من جهات أخرى غير مصرفية. ويرى مراقبون أن ارتفاع هذه المديونية يعكس تراجع قدرة الأشخاص على تلبية احتياجاتهم، لاسيما الأساسية، وكذلك سعي الغالبية لتملك المساكن، وبشكل خاص في المدن التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في الإيجارات.
وبحسب بيانات البنك المركزي التي اطلعت عليها “العربي الجديد”، فإن جزءاً من الزيادة في مديونية الأفراد خلال عامي 2021 و2022 لا يمثل نمواً فعلياً لها، كونها ناتجة عن قيام البنوك بتأجيل سداد مديونيات العملاء المتضررين من جائحة كورونا على سبيل المثال أو مناسبات محلية.
وقد اضطر عدد كبير من المقترضين إن لم يكن جميعهم إلى تأجيل أقساط القروض عدة مرات، وذلك لتجاوز الظروف المعيشية الصعبة التي مروا بها، لاسيما خلال جائحة كورونا وفي مواسم الأعياد والمدارس، ما رتّب عليهم أعباء مالية إضافية بسبب إعادة جدولة الأقساط المؤجلة، وكثير من البنوك فرضت رسوماً أو فوائد جديدة.
وأشار البنك المركزي إلى أن عدد قروض الأفراد الممنوحة من البنوك في نهاية العام الماضي بلغ حوالي 970 ألف قرض، وبلغ عدد بطاقات الائتمان الممنوحة من البنوك للأفراد حوالي 389 ألف بطاقة ائتمانية. ولفت إلى أن 78.7% من عدد القروض الممنوحة للأفراد منحت للمقترضين الذكور، في حين بلغت حصة الإناث 21.3% من إجمالي عدد قروض الأفراد.
وقال الخبير الاقتصادي هاشم عقل لـ”العربي الجديد” إن مستويات مديونية الأفراد ترتفع بشكل لافت، خاصة في السنوات الأخيرة، نظرا لتراجع مستويات المعيشة من ناحية، وكذلك ارتفاع الأسعار والكلف التمويلية من جهة أخرى.
وأشار عقل إلى أن شراء شقة سكنية سابقاً كان يتطلب على سبيل المثال نحو 70 ألف دولار يتم اقتراضها من البنوك، لكن ذات الشقة ارتفع سعرها بنسبة لا تقل عن 50%، واحتاج المواطن لقرض بقيمة أعلى بغرض الشراء، وهكذا الحال بالنسبة للمجالات الأخرى التي تتطلب الحصول على التمويل.
ورأى أن مديونية الأفراد ستواصل الصعود خلال العام الحالي والأعوام اللاحقة، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية إلى مستويات كبيرة خلال الفترة الماضية، مضيفا أنه حتى مع تثبيت أسعار الفائدة مؤخراً فإن ذلك لم ينعكس على أسعار الفائدة في السوق المصرفية.
ووفق بيانات البنك المركزي، فإن نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد المقترضين من البنوك إلى دخلهم والتي تقاس بقيمة الأقساط والفوائد الشهرية التي يدفعها المقترض نسبة إلى دخلة الشهري المنتظم، تعتبر من أهم النسب التي تقيس مخاطر مديونية الأفراد على البنوك وعلى الأفراد أنفسهم، حيث إن لارتفاع هذه النسبة آثارا سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي، كما يؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على السداد، ما يزيد من نسبة التعثر لدى البنوك.
وهذه النسبة تضعف من قدرة الأفراد على الإنفاق والاستهلاك أيضاً، مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي. ويلاحظ انخفاض النسبة في نهاية العام الماضي، لتبلغ 44.2% مقارنة مع 45% في نهاية 2022 و45.1% في نهاية 2021 و45.2% في نهاية 2020.