رسالة إلى معالي المهندس سامي سميرات وزير الاقتصاد الرقمي والريادة.

 

تحية طيبة وبعد،

فبداية أتمنى لمعاليكم موفور الصحة والعافية ونبارك لكم توليكم هذا المنصب الهام، كان الله في عونكم على حمل هذه الامانة.
كلنا ثقة بأنكم ما توليتم هذا المنصب إلا وأنتم أهل له، لما تتمتعون به من خصال تؤهلكم لقيادة دفة الاقتصاد الرقمي والريادة بكل شجاعة وحزم ونزاهة، وإن اعتلائكم صهوة هذا القطاع المتميز يبعث في نفوسنا الأمل بأن يحظى هذا القطاع بالرعاية التي يستحقها لما فيه خير البلاد.

فكما تعلمون معاليكم بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باتت العصب الرئيس لأي دولة تسعى إلى التقدم والازدهار، وركيزة داعمة لاقتصادها إذا ما تم استثمارها وتوظيفها بالشكل الأمثل، خاصة في ظل توفر هذا الكم الزاخر من الشباب المؤهل والقادر على الإبداع في تكنولوجيا المعلومات لخدمة قطاعهم وبالتالي خدمة الوطن.

ومما دعاني لكتابة هذه السطور لمعاليكم وأنتم في بداية عهدكم بالوزارة، هو أن هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات لم يأخذ حقه الكافي في التوجيه والدعم والرعاية طوال عقود مضت، حيث كان جهد الحكومة منصبا على بناء منظومة الخدمات الاكترونية لخدمة المواطن والتي استغرفت الكثير من الوقت، وما زالت غير فعالة بالشكل الذي يطمح له المواطن حتى اللحظة، في الوقت الذي تتسابق فيه الدول اليوم لولوج عوالم تقنية متقدمة وحديثة كالذكاء الاصطناعي والربوتات والحكومات الذكية.

إن الاستثمار الجمعي في قطاع تكنولوجيا المعلومات والذي امتد لعدة عقود لم يأت أؤكله بعد، ولم يشكل الا النزر اليسير من إجمالي الناتج القومي فيما لو تم حساب ناتج تكنولوجيا المعلومات او صناعة البرمجيات المحلية بمعزل عن قطاع الإتصالات، واعتقد ان ذلك يعود لغياب الحماية والرعاية لمنتجي البرمجيات تحديدا، حيث أن البرمجيات هي المنتج الرئيس الذي يمكن تصديره إلى كافة دول العالم دون قيود أو دون الحاجة لعمليات لوجستية مكلفة، وهذا النوع من المنتجات يمتاز بقدرته على إدخال العملة الصعبة بكل سهولة ويسر، ناهيك عن الفوائد الأخرى العديدة التي تمتاز بها صناعة البرمجيات وأهمها توفير فرص عمل للشباب والمساهمة في تطوير الأعمال ومساعدتها على أتمتة عملياتها وتحسين عوائدها.

إن ما يحتاجه هذا القطاع وقبل كل شيء هو وضع استراتيجية وطنية لصناعة البرمجيات، كما نادى بذلك جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه منذ توليه مهامه الدستورية، ولكن وبكل أسى لم تستطع الحكومات السابقة تحقيق هذه الرؤية أو حتى الاقتراب منها وملامستها بما يلبي طموحات وتطلعات العاملين في صناعة البرمجيات.
كما أنه لا يخفى على معاليكم بأن صناعة البرمجيات تتطلب وضع سياسات فاعلة في الدولة لدعم هذه الصناعة النظيفة، كأعطاء الأولوية للبرمجيات التي تنتج محليا لتطبيقها في كافة مؤسسات الدولة، اضافة إلى أهمية دعم هذه البرمجيات والمساعدة في خلق اسواق جديدة لبيعها وعقد تحالفات وشراكات برعاية الدولة سواء كان ذلك في الوطن العربي أو خارجه، وهنا ياتي دور معاليكم في تبني مثل هذه السياسة التي ستجلب منافع لا حصر لها لشركات تكنولوجيا المعلومات بشكل خاص وللوطن بشكل عام.

أما فيما يخص ريادة الأعمال فنأمل من معاليكم إعادة النظر بوسائل الدعم التي تقدم لرياديي الأعمال بأشكاله المختلفة سواء المادية أو المعنوية، لأن الدعم الذي يقدم من الحكومة أو الجهات المانحة لرياديي الاعمال لم يحقق النتائج المرجوة منه، فما يحتاجه رواد الاعمال لا يقتصر على تقديم الدعم المالي او توفير حاضنات الاعمال لهم فحسب، وانما يعتمد بشكل اساسي على تخفيف الأعباء التأسيسية اللازمة لإطلاق أعمالهم وإلغاء المتطلبات الحكومية العديدة من تراخيص ومكاتب وضرائب وغيرها من رسوم متنوعة، والسماح لريادي الاعمال بقطاع تكنولوجيا المعلومات المباشرة بأعمالهم دون اي متطابات تذكر لمدة ثلاثة أعوام على أقل تقدير مع إعفاء كامل من كافة الرسوم والضرائب حتى يتمكنوا من تطوير وإنجاح أفكارهم الريادية بأقل تكاليف ممكنة.

وأخيرا نتمنى على معاليكم إعطاء الأهمية القصوى لصناعة البرمجيات المحلية، فهي من موارد الاردن الحقيقية التي تعتمد على الإنسان الأردني المميز والقادر على دعم اقتصاد وطنه وتعزيزه في اللحظة التي تؤمن له حكومته الحماية والدعم، وفي اللحظة التي يشعر بأنه وحكومته يعملان في نفس الاتجاه ونحو ذات الهدف.

حسام المضاعين
مدير عام شركة ITAC