أسامة الرنتيسي –
الأردنيون يعيشون دائما على أمل أن يكون “بكرة أفضل..” وأن ورقة اليانصيب لا بد أن تزورهم يوما ما، لكن للأسف كل ما يحدث في البلاد تلمس فيه التراجع، في الإدارة العامة، وفي القيادات ومن يحتلون المناصب، وفي ما تبقى من النخب، وحتى في المنظومة الأخلاقية العامة.
في هذه الأيام ينتظرون “عيدية”…. يا الله !! أصبحت عيدية الـ 100 دينار حلما يراود معظم الأردنيين، تَكسر حواجز الضغط التي يعيشون بين جدرانها….
وأيضًا؛ الحالة السياسية، والعامة، والخاصة في البلاد تعمل ضمن نظرية “خليها لبكرة.. “، في تناغم مع السؤال اليومي الذي يُطرح عشرات المرات، ولا يجد إجابة من أحد، “وين رايحة البلد…”
و”خليها لبكرة” نظرية من لا يعرف ماذا يفعل في أية قضية تُطرح عليه، وتسمعها من كافة المستويات، ومن شتى المتفائلين والمتشائمين.
إذا أردت طلبا من صديق في أية قضية كانت، خاصة أو عامة، تجده تلعثم في الإجابة، فيبادر فورًا، قائلًا لك: “خليها لبكرة وبنشوف..”.
إذا وعدك مسؤول أو أي شخص لك عنده حاجة وتطلب منه المساعدة، ولا يستطيع تلبية طلبك، ولا يريد أن يعترف بعدم إمكان ذلك، فإنه ينسحب بوعد “خليها لبكرة…”.
و”خليها لبكرة..” تسمعها من الوزير والسياسي والاقتصادي ورجل الشارع وحارس العمارة، وتُسمعها أنت لزوجتك وأولادك وللبقال الذي تستدين منه، ولمحاسب المدرسة الذي لم تستطع أن تسدد له باقي أقساط أبنائك…
الحكومة أيضا تعمل ضمن نظرية “خليها لبكرة”، فهي تقوم الآن بحملة علاقات عامة وترويج لمصفوفة جديدة، لكنها تغمض الطَرْف عن فواجع مقبلة في رفع الأسعار، وكارثة مرتقبة في رفع أسعار الكهرباء.
ما بين “خليها لبكرة” و”وين رايحة البلد”، تشاهد حجم التجهم على وجوه الناس، وترى الترقب في الأعين، والقلق من بكرة، والحيرة في الإجابة عن المستقبل.
“وين رايحة البلد” سؤال تصعب الإجابة عليه في ظل الضباب الذي يلف القضايا الإقليمية حولنا.. ولا ندري متى سيمطر الغيم اللبناني الأسود، ولا أين يصل مستقبل السلطة الفلسطينية بعد توسع ذبح الحريات، وبعد أن تعطلت طاولة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد أن تاهت مشروعات المصالحة في غياهب الجب، وكيف ينتهي الاحتراب الطائفي في شرقنا البعيد.
“وين البلد رايحة” في ظل القرارات التي تُطبخ لأسعار الكهرباء وممكن المياه، وفي أزمة المالية الخانقة، واعتلال العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أقول لكم: “خلوها لبكرة..”
والدايم الله.