بلغ الصراع المزمن بين القوتين العظميين في العالم، الولايات المتحدة والصين أشده، اذ دخلتا في معركة حامية الوطيس من أجل التفوق والهيمنة التكنولوجية. وأصبحت ساحة المعركة الجديدة هي عالم الذكاء الاصطناعي، الذي يعد بثروات هائلة للأمة القادرة على الابتكار في الخدمات والمنتجات والتكنولوجيات التي يزداد الطلب عليها بشكل غير مسبوق عالمياً.
لقد تحدثت مطولًا عن وعود الذكاء الاصطناعي وضرورة التعاون العالمي في هذا المجال لتحقيق خير البشرية، مما يجعله أولوية قصوى في استراتيجيات الدول، لا سيما هاتين القوتين العظميين.
في 14 أيار 2024، اجتمع مبعوثون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة والصين في جنيف في محادثات مغلقة لبحث تداعيات الذكاء الاصطناعي الناشئ. أرى أن التعاون بين هاتين الدولتين ضروري لبناء نظام ذكاء اصطناعي بيئي مزدهر، حيث أنهما تعتبران في النهاية السلطتين الرائدتين عالميًا في هذا المجال. دارت مناقشاتهما حول ضمان عدم تشكيل تقنيات الذكاء الاصطناعي لمخاطر وجودية، بما في ذلك احتمال تسليح الذكاء الاصطناعي أو إساءة استخدامه، خاصة في مجالات مثل التزييف وحملات التضليل. كما شمل جدول الأعمال قضايا السلامة المتعلقة بأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث أكد الخبراء من الجانبين أن كلا الدولتين ستخسران كثيرًا إذا تم تسليح الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يبدو أن وجهات نظر هاتين القوتين وطموحاتهما تختلف كثيرًا عن بعضها البعض، مما يجعل من الصعب إقامة إطار حوكمة دولي للذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، فإن هذا لا يستبعد إمكانية الجهود التعاونية، والمحادثات، والمشاركات لدفع أجندة ذكاء اصطناعي صحية إلى الأمام. لقد أثار الذكاء الاصطناعي العديد من الأسئلة، وقد طرح المتخصصون مخاطر هامة يجب السيطرة عليها والتخفيف منها، والتي أعتقد أنه يجب التعامل معها من خلال اجتماعات رسمية بين ممثلي الحكومات، بالإضافة إلى حوارات تكنولوجية وعلمية بين الخبراء من كلا الجانبين.
من الواضح أن كلا الدولتين تشاركان في هذه اللعبة للفوز بها، حيث تعمل كل منهما على صياغة السياسات. وقد أصدر الرئيس جو بايدن في أكتوبر 2023 أمراً تنفيذياً يشترط على الوكالات الأمريكية زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي وفرض تنظيمات جديدة. من جانبها، تؤكد الصين على أهمية تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث أصدرت إدارة الفضاء السيبراني في الصين (CAC) تنظيمات صارمة بشأن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي والمحتوى الذي يتم توليده بواسطته.
وتتعاون كل من الولايات المتحدة والصين بشكل دؤوب لتشكيل فضاء حوكمة الذكاء الاصطناعي. وأنشأت الولايات المتحدة العديد من الشراكات العالمية التي تركز على حوكمة الذكاء الاصطناعي وتقود الأمم المتحدة في صياغة قرار حول “أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والموثوقة والقابلة للاستدامة. كماعملت الصين بجد، حين أعلنت عن معهد حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمي في عام 2023 واستضافت مؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي السنوي في شنغهاي. كما تشارك الصين في رعاية قرار الأمم المتحدة في مجال تعزيز التعاون الدولي على بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي. إنني وبصفتي رئيسًا لائتلاف التحضر المستدام، أؤيد بشدة تطوير الذكاء الاصطناعي المستدام، خاصة في ضوء الكم الهائل من الموارد التي تستخدم لتطوير هذه الأنظمة، والتي تحدثت عنها سابقا.
من الواضح أن كلا من الدولتين تدرك أهمية الدولة الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي رغم اختلاف أجنداتيهما. وهنا أقول إنه يجب تشجيع الحوار البناء، لأن الذكاء الاصطناعي هو تقنية عابرة للحدود ولديها القدرة على التأثير على كل قطاع عالميًا. ومع وجود الكثير من القضايا لمناقشته وحله، فإن الوقت الحاضر هو الأفضل للانخراط في محادثات ثنائية وحوار متبادل.
أحيي جهود هاتين الدولتين والتزامهما بتطوير قطاع عالمي آمن للذكاء الاصطناعي، وأعرض تقديم أي موارد متاحة لديّ تحت مظلة TAG. Global لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.