التوترات الجيوسياسية تضع أسواق النفط تحت الضغط

 

 

 زياد الرفاتي

مع استمرار الحرب على غزة والفشل في انهائها بعد انقضاء عام  والذي كان سببا في اشتداد التصعيد العسكري بالمنطقة  ، وبدء التوغل البري الاسرائيلي داخل الأراضي  اللبنانية  الحدودية وتداعياتها والكلفة البشرية المروعة بسقوط الضحايا والمصابين من المدنيين  والكوادر الطبية والمسعفين  واستهداف عناصر الجيش اللبناني بسقوط جنديين         والغارات على  المعابر مع سوريا  بزعمها  نقل الاسلحة الى لبنان  ونزوح نحو 1،2 مليون شخص  بسبب الهجمات الاسرائيلية ، واكتظاظ المستشفيات الشديد وتعاني الارهاق بسبب تدفق المصابين وارتفاع أعداد الاصابات والوفيات حسب منظمة الصحة العالمية .

تواجه  الأسواق واقتصادات المنطقة والاقليم والعالم  تحديات وان كانت غير مؤئرة  بشكل كبير بعد وهي  في البدايات الأولى للتصعيد في لبنان وأبرزها أمدادات النفط  ، بعد الهجوم الايراني  بالصواريخ البالستية على اسرائيل  مساء الثلاثاء الماضي وتهديد  الأخيرة  بالرد على هذا الهجوم ( حرب الردود بين ايران واسرائيل ) واضعة  كافة الخيارات في الرد المحتمل وقد يشمل أكثر من خيار ومنها امكانية ضرب أهدافا نووية أونفطية  أواقتصادية  في ايران أو أنظمة الدفاع الجوي أواغتيالات سياسية ، مع ترقب ايراني .

وتنقل صحف أميركية  أن القلق يسود من أن يؤدي رد اسرائيل الى تصعيد خطير والتدحرج  نحو حرب اقليمية   وأنها لا تشعر بحاجنها الى الرد فورا ، و بعد أن شدد الرئيس الايراني أن بلاده سترد ” بشكل أقوى وأشد  ومختلف وغير تقليدي واستهداف البنى التحتية  ” على أي هجوم جديد وانتهاء مرحلة  ضبط النفس وعدم سعي طهران لخوض حرب في المنطقة .

وأعلنت الادارة الأميركية  الخميس ، أنها زادت الضغوط الدبلوماسية وعززت القوة لردع ايران وأكدت  معارضتها ضرب مواقع ايران النووية  وأن هجوم اسرائيل على مواقع نووية ايرانية غير وارد ودعتها  لرد متناسب بعد الهجوم الصاروخي  وأن ضرب اسرائيل لأهداف عسكرية سيكون الطريق الأقل خطورة للتصعيد ،  وتحث اسرائيل على تجنب حرب اقليمية شاملة في اطار ردها على الهجوم الصاروخي الأيراني وعلى التفكير في توقيت الرد ونطاقه  وتعتقد أنها سوف تتجنب حرب شاملة في المنطفة ولكن هناك عمل كثير يجب القيام به ، وتجري محادثات مع الاسرائيليين حول نطاق الحملة العسكرية في لبنان وأهدافها وتخشى أن اسرائيل ستجد نفسها في عدد من المواجهات بسبب حرب غزة وتصعيد الضفة الغربية وعملية لبنان وتراقب العملية في لبنان وقد تخرج عن السيطرة ، وأن ايران لم تمارس ضبط النفس وأطلقت 200 صاروخ باليستي على اسرائيل .

ووفق خبراء ومحللون ، فان الولايات المتحدة تعارض ضرب مصافي النفط الايرانية حيث سيكون  لذلك تأثيرات خطيرة على أسواق النفط وطرق الامدادات وارتفاع الأسعار وقد قفزت بنسبة 5% وهو أعلى أرتفاع يومي واحتمال اغلاق  ايران لمضيق هرمز الذي تعبر منه ناقلات النفط من الخليج  وهذا  ليس في صالح الادارة الأميركية الحالية وعلى بعد أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية ، وان كانت الزيادة  في  المحزون الاستراتيجي النفطي الأميركي واستئناف ليبيا لانتاج النفط بعد التوقف الطويل  للصراعات الداخلية  بين مجلسي الحكم والنفط الروسي قد يخفف من مخاطر الامدادات ، علما أن صادرات النفط الايراني تبلغ 1،5 مليون برميل يوميا تشكل الصين المستهلك الرئيسي له وأكبر المتأثرين من توقفه تحت أي ظرف .  .

وتشير الترجيحات الصحفية الى مخاوف من  ضرب أهداف اقتصادية ايرانية  التي تتصف بالشعبية  أو موانئأو محطات طاقة ، واستهداف الاقتصاد الايراني لا يقل خطورة  وتأثيرا عن استهداف المنشات النووية بسبب  ضغط العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على ايران والمشاكل الاقتصادية الداخلية التي سيفاقمها الاستهداف  المحتمل . .

وتواصل أسعار النفط  في جلسات متتالية ارتفاعها  بدافع المخاطر الجيوسياسية ووصلت الى 75 دولارا للبرميل  مع توقعات بأن تصل الى 100 دولار ، وقد صاحب ذلك ارتفاع الدولار مقابل العملات الرئيسية  الأخرى باعتباره ملاذا أمنا   في ظل الظروف الجيوسياسية  الحالية وكذلك صعود الذهب ويقترب  من حاجز 2700 دولار للأونصة ومحركاته حرب لبنان وتدفق الأسلحة الغربية الى أوكرانيا وأساسيات الاقتصاد  ، وخسائر جماعية في جلسات التداول للبورصات الخليجية  مع تراجع الأسهم القيادية بضغط من التوترات الجيوسياسية في المنطقة .

وحسب وزير الطاقة الاماراتي الأربعاء ،  فان هناك قلقا بشأن الامدادات  في أسواق النفط على المديين المتوسط والطويل اذا لم يتم زيادة حجم الاستثمارات في مجال النفط ، وبدون استثمارات سواء في المنبع وفي مصافي النفط والتجارة سنكون أمام أزمة خانقة .

ووفق  بلومبيرغ ، أن  تشاؤما قياسيا في سوق النفط ظهر جليا في اختفاء المستثمرين الذين يحتفظون بالخام تحوطا ضد التضخم تقريبا  وخفض المراكز الاستثمارية لصناديق التحوط الى مستويات تشاؤمية قرب أدنى ما سجلته منذ 2011 . والتشاؤم بشأن ارتفاع الأسعار في 2025 يؤدي لتثبيط المتداولين عن الشراء .

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية  الخميس أن روسيا ترفض بشكل قاطع الحوار مع الولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي دون شروط مسبقة ، وأن المحادثات الاستراتيجية معها لا يمكن فصلها عن الوضع العسكري والسياسي في مناطق الصراع  والتوتر ..