أسامة الرنتيسي
حزنت بسبب الحظ السيىء الذي يتمتع به رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان، حين حاول أن يدخل عالم الرؤساء أصحاب المقولات الجاهزة، ففي أول يوم دراسة جامعي وَجَّه حسان، رسالة إلى طلبة الجامعات الذين بدأوا الأحد يومهم الأول في الجامعة.
وقال حسان في تغريدة له على موقع اكس: “شابات وشباب الأردن، يتوجه عدد كبير منكم إلى جامعته اليوم، ليبدأ فصلا جديدا من حياته، ويرسم مستقبله، طُموحاتِكُم هي مستقبل وطننا، والأمل معقود عليكم. وأكد عليهم: لا تقبلوا بأقل من السماء سقفا لِطُموحاتِكُم، ولا يثنِيَنَّكم شيء عن تحقيقه. لكم علينا أن نقدم كل الدعم لتكونوا قادة المستقبل”.
طلاب الجامعة الأردنية كانوا أكثر الطلبة الذين استقبلوا الرسالة، خاصة جملة “لا تقبلوا بأقل من السماء سقفا لِطموحاتِكم…” فوقعت في أول يوم دوام جامعي مشاجرة عنيفة بين الطلبة استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة البيضاء والحجارة.
أتمنى ان تكون هذه المشاجرة عابرة وانتهت تداعياتها، وأن لا نعود إلى مُشاجَرات الجامعات التي كثرت في فترة ما وأصبحت تقلق المجتمع بأكمله.
حزني لحظ الرئيس أنه ابتلع فكرة وضرورة أن يقول المسؤول كلاما ضخما مهما كانت نوعية هذا الكلام ولمن يوجه، ونعرف أن معظم رؤساء الحكومات السابقة غادروا الرئاسة ولم يبق خلفهم أثر سوى جملة عابرة قيلت في هكذا مناسبات بقيت في أذهان الناس للدّعابَة والسخرية.
مُتَلازِمَتان، لم نتمكن من التخلص منهما برغم مرور سنين طوال، هما الوعود الحكومية وكلام الجَرايِد.
تطورت الصحافة إلى أن أصبح الإعلام قائد التغيير في المجتمعات، إلا أن متلازمة “هذا كلام جرايد” لم تغادر عقول الكثيرين.
والوعود الحكومية، متلازمة أخرى لا يصدقها الناس، فإذا وعدت الحكومة، تأتي قناعة الناس عكس وعدها تماما.
تقدم الحكومة، أية حكومة، برنامج عملها إلى مجلس النواب لتحصل على ثقته، ضمن مشروعات وأهداف محددة، وأوقات زمنية محددة أيضا، لكن بعد الثقة التي تحصل عليها دائما، لا أحد يعود إلى ذلك البرنامج للمحاسبة على أساسه.
أكثر تصريحات الحكومة السابقة كانت عن الأوضاع المالية للدولة وضرورة تخفيض أرقام المديونية من خلال خطط النمو الاقتصادي وتحفيز القطاعات الحيوية، طبعا لا النمو الاقتصادي تحسن ولا المديونية انخفضت وهما يُقلِقانِ الجميع.
الخطاب الحكومي يتوسع في إطلاق الوعود، أقلها “أن الحكومة حريصة على تقديم الدعم والمساعدة للمؤسسات الرقابية والمحاسبية، والمؤسسات الاقتصادية الكبرى لمواصلة دورها في دعم الاقتصاد الوطني”.
فكرة الوعود وتقديم الدعم، هي الصفة الغالبة في الخطاب الرسمي منذ سنوات طوال، ونسمع كثيرا من أشخاص ومؤسسات تلقوا وعودا حكومية بقيت هواء منثورا.
يزور وزير البلديات أو الإدارة المحلية إحدى المدن، فبعد أن يستمع إلى مطالب أهلها، يبدأ بإطلاق الوعود، وهو ومن يسمعونه يعرفون أنها لن تتحقق.
يضع وزير الصحة أساسا على حجر صوان لمستشفى أو مركز صحي، فيبقى حجر الصوان ويضيع الأساس.
طبعا، عن وزراء الاقتصاد والمال، حدث ولا حرج.
وعن كلام الجَرايِد أيضا حط في الخُرُج….
الدايم الله…