*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
كن وطني فعلا لا قولا فالانسحاب من المشهد السياسي، عندما يكون الهدف منه حماية الكيان أو المنظومة، يُعتبر من أعظم مظاهر الرجولة والنضج القيادي فالسياسة ليست ساحة لاستعراض القوة أو التمسك الأعمى بالسلطة، بل هي مسؤولية جسيمة تتطلب مرونة في التفكير واستعداداً لتقديم التضحيات من أجل الصالح العام فعندما يفشل القائد أو المسؤول في إدارة ملف معين، سواء كان ذلك بسبب عوامل شخصية، أو نقص في الكفاءة، أو ظروف خارجية تعيق التنفيذ الناجح، فإن الاستمرار بنفس النهج لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وفي مثل هذه الحالات، التمسك بالموقع يمكن أن يكون عملاً أنانياً ويؤدي إلى انهيار المنظومة بأكملها.
الانسحاب لا يعني الهروب أو الاستسلام، بل هو قرار استراتيجي ينبع من قراءة واعية للمشهد السياسي والتحديات المحيطة فالقائد الذي يختار الانسحاب يُظهر فهماً عميقاً لمعنى القيادة الحقيقية، إذ يدرك أن الاستمرار في طريق مسدود سيؤدي إلى نتائج مدمرة، ليس فقط بالنسبة له شخصياً، بل للحزب او اي منظومة يقودها وقد رأينا عبر التاريخ كيف أن بعض القادة، عندما أصروا على البقاء في مناصبهم رغم فشلهم الواضح، أدى ذلك إلى انهيار واندثار مؤسساتهم أو حتى وفي المقابل، هناك أمثلة على قادة أدركوا في لحظة معينة أن الأفضل لمنظوماتهم هو التنحي وترك المجال لغيرهم ممن قد يحمل رؤية جديدة أو قدرة على إصلاح ما تم إفساده.
الانسحاب في هذه الحالة قرار يتطلب شجاعة مواجهة الذات، وإدراك العواقب البعيدة للاستمرار في الأخطاء إنه اعتراف بأن مصلحة الجماعة أهم من مصلحة الفرد، وأن التضحية بالكرسي أو النفوذ قد تكون السبيل الوحيد للحفاظ على استقرار الكيان وثباته. أحياناً، الانسحاب يعني إعطاء فرصة للآخرين ذوي الكفاءة لإدارة الأمور بطرق جديدة، وربما يكون هذا التغيير الجذري هو ما تحتاجه المنظومة للخروج من أزماتها كما أن الانسحاب يرسل رسالة واضحة للآخرين، وهي أن القيادة ليست تعنتاً ولا تمسكاً بالسلطة لأجل السلطة، بل هي ممارسة للوعي والتواضع، وهي أن القائد الحقيقي لا يخاف من التنازل إذا كان ذلك يصب في مصلحة الجماعة فبهذا، يصبح الانسحاب خياراً استراتيجياً شجاعاً وليس مجرد هروب من مواجهة التحديات. وفي النهاية، الانسحاب من المشهد السياسي عندما تفشل الإدارة هو خطوة تحفظ الكرامة وتمنح الكيان فرصة للبقاء والتجدد، بدلاً من الاستمرار في مسار الهلاك الجماعي.
لهذا الانسحاب طيب