طالبان تزحف نحو كابول؟

– من المناطق الريفية غير الوازنة ديمغرافيا أو اقتصاديا، توجه طالبان بوصلتها نحو المدن الكبرى والمعابر استعدادا للزحف نحو العاصمة كابول.

مشهد يبدو متطابقا حد التماهي مع ما حدث في 2014 حين تمددت الحركة المسلحة باتجاه العاصمة، وذلك قبل أيام من الإعلان الرسمي عن رئيس أفغانستان الجديد حينها، في إحداثيات أعادت بدورها إلى الأذهان سيطرتها على البلاد في عام 1996.

تطورات تأتي في بلد يوشك على توديع آخر جندي أمريكي على أراضيه، في انسحاب يمنح الحركة المسلحة المجال واسعا لإعادة ترتيب الصفوف والانقضاض مجددا على مناطق البلاد لإخضاعها لسيطرتها، ما يطرح المخاوف من سيناريو التقسيم وانهيار الدولة.

معابر ومدن

المتتبع للرسم البياني لتمدد طالبان في أفغانستان يكتشف أن الحركة اعتمدت تكتيكا تصاعديا لتحركاتها على الأرض، يمضي وفق وتيرة الانسحاب الأجنبي من البلاد.

ففي البداية، ركزت طالبان على الهجمات الخاطفة بالقرى والمدن الصغيرة، ولم يكن ذلك بسبب عجزها على دك المدن الكبرى كما يقول بعض المحللين، لكن الحركة العارفة بأدق تفاصيل تضاريس أفغانستان، تدرك أن السياق يفرض في مرحلة ما الاكتفاء بالمكاسب في جزء من جغرافيا البلاد.

فالحركة تعج برجال قبائل “البشتون” الذين ترعرعوا مشبعين بثقافة حرب العصابات، وتعلم معظمهم القتال في سن مبكرة، ولذلك، عملوا لسنوات على استنزاف القوات الأمريكية والأجنبية عبر الانتشار في نطاق واسع بين العديد من القرى والمدن الصغيرة.

انتشار فرض على القوات الأجنبية أيضا التمركز في قواعد صغيرة متباعدة، مما يطيل عادة الطريق على حركة الإمداد والمؤازرة، ويجعل مراكز القواعد عرضة للهجمات المركزة، وهذا بالضبط ما كان يحصل.

وببدء الانسحاب، اقتنصت الحركة الفرصة لتتمدد نحو عواصم الأقاليم والمعابر، حيث أكدت، أمس الجمعة، السيطرة على معبر “إسلام قلعة” أحد أهم المعابر الحدودية في أفغانستان على الحدود مع إيران.

وقبلها بيوم، أعلنت منظمة الجمارك الإيرانية وقف التجارة مع أفغانستان عقب سقوط معبرين حدوديين من أصل ثلاثة بيد مسلحي حركة طالبان.

وعلاوة على إيران، أعلنت الحركة أيضا سيطرتها على بلدة حدودية ومعبر تورغوندي مع تركمانستان.

والثلاثاء، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن الحركة حصلت على مصدر جديد مربح للدخل، بسيطرتها على معبر “شير خان بندر” الرئيسي إلى طاجيكستان، وبدء تحصيل عائدات الجمارك.

وأضافت الصحيفة، في تقرير لها، أن المعبر الذي شيدته الولايات المتحدة الأمريكية شمال مدينة قندوز، وقع بأيدي طالبان في 22 يونيو/حزيران، مع هروب 134 من حرس الحدود وقوات أخرى تابعة للحكومة الأفغانية إلى طاجيكستان المجاورة.

سيناريوهات

في وقت من الصعب فيه تحديد رقم دقيق لمكاسب طالبان حتى الآن على الأرض، سواء من حيث المساحة أو المدن والمعابر، أعلن عضو فريق مفاوضي الحركة شهاب الدين ديلاور، محصلة نفوذ حركته.

وقال ديلاور خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الروسية موسكو، إن “85 بالمئة من الأراضي الأفغانية” باتت تحت سيطرة الحركة، بينها نحو 250 إقليما من بين 398 في البلاد.

من جانبها، قالت روسيا إن طالبان سيطرت على نحو ثلثي الحدود الأفغانية الطاجيكية في تقدم سريع، حاثة جميع الأطراف في أفغانستان على “ضبط النفس”.

تطورات حثيثة ترفع منسوب القلق في واشنطن من أن تنجح الحركة من السيطرة على أفغانستان في غضون ستة أشهر، وفي وقت يصر فيه الرئيس الأفغاني أشرف غني على أن قوات الأمن ببلاده قادرة على إبقاء طالبان في مأزق.

في الأثناء، يتداول محللون 3 سيناريوهات للمشهد الأفغاني في ظل التطورات الراهنة، أولها أن تنجح الحكومة في الصمود من خلال قلب موازين اللعبة عبر الاستمرار بالاحتفاظ بجميع عواصم المقاطعات.

أما السيناريو الثاني، فيحمل شبح تقسيم الدولة وانهيار الحكومة، وسط ترجيحات بأن تنجح طالبان في السيطرة على جزء من البلاد، فيما تهيمن القوميات والأعراق الأخرى على أجزاء أخرى، في سيناريو شبيه بما حدث في التسعينيات.

لكن، ووسط عتمة السيناريو الثاني، يطل طرح أكثر تفاؤلا وهو استئناف محادثات السلام بين طالبان والحكومة، وكسر الجمود الحالي بتعثرها عقب فشلها في إحراز أي تقدم ملحوظ.

(العين الاخبارية)