المحامي النعيمات: نحو صحوة اقتصادية شاملة والحاجة إلى حلول جذرية لتنمية الاقتصاد الأردني

 

كتب المحامي والخبير القانوني مهند النعيمات

في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن على مختلف الأصعدة، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى التفكير بشكل جاد في نهج اقتصادي شامل ومتكامل، يعيد ترتيب الأولويات ويضع حلولاً جذرية تنهض بالاقتصاد الوطني. إن الاقتصاد الأردني يواجه العديد من القضايا المعقدة التي تتطلب استراتيجية جديدة قائمة على تقييم شامل وتحليل دقيق للواقع الاقتصادي، بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو النهج التقليدي الذي لم يعد قادرًا على تلبية احتياجات المواطنين أو تفعيل عجلة النمو بشكل فعال.

إعادة تقييم الملف الاقتصادي

في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الأردني تزايدًا في معدلات البطالة وارتفاعًا في نسبة الدين العام وتذبذبًا في معدلات النمو، يصبح من المهم إعادة تقييم الوضع الاقتصادي بشكل كامل. نحن بحاجة إلى دراسة معمقة لوضع القطاعات الاقتصادية الأساسية، مثل الصناعة، والزراعة، والخدمات، وتحليل مدى قدرتها على المنافسة المحلية والدولية، واكتشاف الفرص التي يمكن استثمارها لدفع عجلة التنمية.

إعادة التقييم هذه يجب أن تشمل أيضًا تقييم السياسات الحكومية الحالية في مجالات الاستثمار، والضرائب، والإصلاحات المالية، بحيث يكون هناك تنسيق بين السياسات المالية والنقدية بشكل يتسم بالمرونة والتكيف مع التغيرات العالمية والمحلية. هذه العملية تتطلب نهجًا شاملًا يعتمد على البحث والتحليل المتواصل، ويشمل التفاعل مع الخبراء الاقتصاديين، ومشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في صياغة الحلول.

الحاجة إلى حلول جذرية

لا يكفي أن تقتصر الحلول على مسكنات مؤقتة أو برامج اقتصادية قصيرة الأمد، بل يتطلب الأمر حلولًا جذرية وعميقة. علينا أن نتوجه نحو تنمية اقتصادية مستدامة ترتكز على استثمار الموارد المحلية، وتطوير القطاعات الحيوية التي يمكن أن تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. من الحلول الجذرية الممكنة:
1. إصلاح قطاع الطاقة: من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، يمكن تقليل الاعتماد على الواردات من الطاقة، وبالتالي تقليل الأعباء المالية على الدولة.
2. تنمية قطاعات التكنولوجيا والابتكار: الاستثمار في قطاع التكنولوجيا والابتكار يمكن أن يوفر فرصًا عمل جديدة ويساهم في خلق اقتصاد معرفي ينافس الاقتصادات العالمية.
3. التركيز على التعليم والتدريب: لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون تحسين التعليم والتدريب المهني. يجب أن يتم تطوير برامج تعليمية تتماشى مع احتياجات سوق العمل المحلي والدولي.
4. دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: هذه المشاريع تعتبر محركًا رئيسيًا للاقتصاد الوطني، ويجب أن تتيح الحكومة لها الفرص من خلال تسهيل القروض، وتقليل القيود البيروقراطية، وتقديم التسهيلات اللازمة للنمو.
5. تنمية السياحة: الأردن يمتلك مقومات سياحية هائلة مثل البتراء، البحر الأحمر، والمواقع التاريخية والدينية، والتي يمكن أن تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني بشكل كبير إذا تم تطوير هذا القطاع بشكل مدروس.

ضرورة تبني رؤية شمولية للتنمية المستدامة

إن الحلول الجذرية التي ذكرناها لا بد أن تتأسس على رؤية شمولية للتنمية المستدامة، بحيث تكون الحكومات المتعاقبة قادرة على تقديم استراتيجيات طويلة الأمد. يجب أن يرتكز هذا النموذج التنموي على معالجة جذور التحديات الاقتصادية الحقيقية، وأن يأخذ في الحسبان توازن الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

يتطلب الأمر من الحكومة تبني رؤية وطنية واضحة تسعى إلى بناء هوية اقتصادية وطنية، قادرة على المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي. كما يجب أن تكون هناك استجابة فعالة للتحديات العالمية المتجددة مثل تغيرات المناخ، التحولات التكنولوجية السريعة، والأزمات الاقتصادية الدولية، مع الحفاظ على القيم الاجتماعية والعدالة الاقتصادية.

الخلاصة

إن الأردن اليوم في أمس الحاجة إلى صحوة اقتصادية شاملة، تتجاوز الحلول التقليدية والتكتيك اللحظي، وتعمل على وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لتحسين الوضع الاقتصادي. هذا يتطلب من الحكومة تبني سياسة إصلاح اقتصادي شاملة، تركز على التنوع الاقتصادي، وتعزيز الاستدامة، وتطبيق حلول مبتكرة تسهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام.