التحول الرقمي والإنساني: رحلة الاتصال المؤسسي في الأردن خلال عام 2024 وما بعده   بقلم: إبراهيم تادرس – المدير العام لشركة “أصداء بي سي دبليو-الأردن”  

في بداياته في الأردن، اعتمد الاتصال المؤسسي على أساليب تقليدية كالبيانات والمؤتمرات الصحفية لبناء تواصل مسؤول مع الإعلام والجمهور، وكانت هذه الطرق فعالة آنذاك. ومع تطور وسائل الإعلام كالتلفزيون والراديو، أصبح الاتصال المؤسسي أداة أساسية لتعزيز السمعة وبناء الثقة بين الشركات وجمهورها. ومع صعود الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تحول المشهد جذرياً، فتوسع دور الاتصال المؤسسي ليشمل التفاعل المباشر مع الجمهور عبر منصات متعددة في الوقت الحقيقي، مما هيأ الساحة لنقلة عززت وستواصل تعزيز دور وأساليب العلاقات العامة، وهو ما يشهده العام 2024 بوضوح.

 

لم يكن العام 2024 مجرد استمرار للتحول الرقمي في الاتصال المؤسسي وتبني أدوات حديثة لنقل الرسائل المؤسسية، بل إنه كان شاهداً على تحول حقيقي مدفوع بفهم أعمق بفضل التحليل المعتمد على البيانات للمشهد العام وللجمهور الذي يعد مجرد متلقٍ للمعلومات، وهو ما يعني الفهم الدقيق للمتطلبات والقدرة على تحديد الطرق المثلى للتواصل لكل حملة ورسالة بما يلائم مضمونها ويزيد تأثيرها، فيتحقق الهدف وتتشكل الصورة الإيجابية والفاعلة المراد تشكيلها للشركات.

 

لقد تزايد الاعتماد على الاستراتيجيات الهجينة التي وازنت بين العمق الذي يوفره الاتصال التقليدي والديناميكية التي يتيحها الاتصال الرقمي، بما يتماشى مع تطورات بيئات الأعمال والإعلام وسلوك الجمهور. هذه الاستراتيجيات تميزت بالابتكار في المحتوى بالتركيز على المحتوى الرقمي متعدد الأشكال الذي يتردد صداه ضمن سرديات وصيغ جذابة تواكب تطلعات الجمهور وتبقى أقرب إلى ما يهمه من قضايا وأحداث. شمل ذلك مقاطع الفيديو والبودكاست والمدونات، مع رسائل مخصصة، دون تفريط في الشق التقليدي الذي لا يزال يحافظ على فعاليته في الحالات التي تتطلب تفسيرات أو نقاشات مستفيضة.

 

المضمون القيمي والإنساني كان ساحة للإبداع في مختلف ركائز الاتصال المؤسسي، لا سيما فعاليات وتطبيقات المسؤولية المجتمعية والاستدامة، التي تواصل صعودها لتصبح مكوناً أساسياً للهوية المؤسسية للشركات التي أضحت تركز على محتوى يعزز تفاعلها مع القضايا المجتمعية.

 

وبالنظر لتزايد التوجه نحو اللامركزية، فقد برزت أهمية التسويق المؤثر كجزء أصيل من نسيج الاتصال المؤسسي، الأمر الذي ترجم إلى خلق قوة مناصرة للعلامات التجارية بفضل السفراء المؤثرين من الموظفين وصناع المحتوى، وذلك لتعزيز الروابط مع الجمهور عبر سرديات حقيقية وشفافة.

 

شركة “أصداء بي سي دبليو-الأردن”، التي لطالما كانت في طليعة تطوير الاتصال المؤسسي في المملكة، بالاستفادة من قدراتها ومن عملها تحت مظلة مجموعة ميناكوم للاتصال التسويقي المتكامل-الأردن، والتي تعتبر بدورها المجموعة الرائدة في مجالها على المستوى المحلي والإقليمي، مع إرث ممتد لما يقارب نحو 30 عاماً، سخرت كافة إمكانياتها خلال العام لمساندة عملائها من القطاع المؤسسي لمواجهة تعقيدات الاتصال المؤسسي الحديثة، من خلال استراتيجيات دمجت بين التحليلات والأدوات الرقمية والتقليدية لبناء وتعزيز جسور التواصل الاستراتيجي الفعال بطابع إنساني يحترم قيم المجتمع.

 

ولعل العديد من البرامج والحملات التي ابتكرتها الشركة وقدمتها لعملائها ضمن استراتيجياتهم للاتصال المؤسسي، تبرز نجاح هذا المزيج، ابتداءً من إطلاق أقسام متخصصة بقطاعات العملاء عبر مواقع إخبارية إلكترونية برعاية هؤلاء العملاء، مروراً بالتعاونات المتنوعة مع مؤثرين محليين متخصصين بقطاعات العملاء، وبإطلاق النشرات الإخبارية الرقمية Newsflashes التي تقدم حلاً مثالياً لإبراز مستجدات وأخبار العملاء على شكل محتوى فيديوي عصري لإبقاء متابعيهم الإلكترونيين على اطلاع دائم بفعالية تواكب السرعة الرقمية الحالية، ووصولاً إلى الأطر المؤسسية المبتكرة والاستراتيجيات التي تجمع مبادرات المسؤولية الاجتماعية تحت مظلة موحدة مع محاور رئيسة مصممة بعناية لتتوافق مع اهتمامات العملاء، في الوقت الذي تعزز فيه الأثر الإيجابي، كما تدعم الشمول والاستدامة في تلبية احتياجات المجتمع.

 

هذه الأمثلة ليست سوى بعض من الممارسات التي تؤكد تطور الاتصال المؤسسي في الأردن نحو نمط أكثر ذكاء وحداثة، فيما أن المستقبل لا يزال يحمل فرصاً هائلة، في حال توافرت توجيهات استراتيجيات فعالة ومبتكرة لبناء علاقات مستدامة مع الجمهور.

 

إن هذه النهضة ليست مجرد تطور عابر، بل هي فرصة لاستكشاف أنماط جديدة من التواصل والاستجابة الفعالة وتقديم الاستراتيجيات التي تحفز الأداء المؤسسي والمجتمعي وتبرزه مع محتوى يتم إنتاجه بسمة العصر ويقدم رسائل أكثر تخصيصاً إلى الجمهور المناسب في الوقت المناسب، بالاستفادة من تزايد الاعتماد على البيانات والتحليلات والتطورات التكنولوجية المتواصلة. وفي ظل هذا التقدم المستمر، فإن تطوير القدرات الرقمية إنما هو مطلب للشركات المتخصصة في الاتصال المؤسسي ولعملائها من أجل تقديم حملات مبتكرة توازن بين المضمون الرقمي والإنساني، مما يعزز العلاقات المستدامة مع الجمهور ويجعل الاتصال المؤسسي أداة مؤثرة ومواكبة لعصرها.