المشاركة الملكية في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 29 في العاصمة الأذربيجانية باكو

 

 

 

زياد الرفاتي

انطلق في العاصمة الأذربيجانية باكو في الثاني عشر من الشهر الجاري ولمدة  12 يوما مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ  في دورته التاسعة والعشرين (  كوب 29 ) بمشاركة قادة دول ومنظمات  دولية واقتصادية  وعلماء مناخ ، والمخصص لتمويل جهود حماية المناخ والتركيز على تمويل مكافحة تغير المناخ  و يتطلب أكثر من تريليون دولار سنويا  ومساعدة الدول ذات الدخل المنخفض والطلب من الدول  الغنية تحمل العبء الأكبر، والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ ، والحد من ارتفاع درجات الحرارة الى 1،5 درجة مئوية .

و ناشدت الأمم المتحدة في جلسات المؤتمر الدول الكبرى دعم جهود تمويل المناخ ، و طالبت دول مؤتمر المناخ بزيادة المساعدات المناخية ، ويرى خبراء أن محادثات المؤتمر لم تعد تفي بالغرض لانقاذ البشرية  .

 وقد عقد في نهاية تشرين الثاني من العام الماضي مؤتمر  كوب  28 في دولة الامارات  حضره جلالة الملك عبدالله الثاني حيث فتح  المؤتمر افاقا جديدة وحقق انجازات غير مسبوقة  عرف ” باتفاق الامارات ” ، وكانت أبرز مخرجاته وانجازاته جمع أكثر من 83 مليار دولار للحلول المناخية ، وانشاء صندوق الخسائر والأضرار بقيمة 792 مليون دولار ، واطلاق الامارات صندوق للاستثمار المناخي برأسمال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار  استثمر منه 6،5 مليار دولار حتى الان ، وتفعيل دور الشباب والمرأة في المفاوضات المناخية ، والابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري       ( النفط والغاز )  تدريجيا رغم الانتقال المتعثر نحو التخلي عن الوقود الاحفوري بعد عام من مؤتمر كوب 28 ، والتوقيع على خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز من الكربون ، وتوقع تحقيق رقم قياسي عالمي في نمو الطاقة المتجددة  .

وحضر سمو ولي العهد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر كوب 29 مندوبا عن جلالة الملك وألقى كلمة الأردن فيه . 

وقد أشار سموه ، أنه يجب العمل لانقاذ كوكبنا من قناعة مفادها ان جميع الأرواح تستحق الحياة  والانقاذ والتضامن  وفي صراع الحياة على الأرض ليس هناك متفرجون ويعني ذلك النضال من أجل مكافحة معاناة التغير المناخي  ، ودعوته لنهج شامل في التعامل مع تحديات المناخ  ، وكيف لنا أن نعمل من أجل مستقبلنا المشترك عندما ينظر الى البعض على أنهم لا يستحقون أن يكون لهم مستقبل وأن العنف في منطقتنا يقوض السلام والأمن ولا يصب في مصلحة أحد ، وان المنطقة تتعرض لواقع قاس مرتبط بالتغير المناخي وتتسبب الحرب على غزة في تفاقم التحديات البيئية بالنسبة لغزة وخارجها وتلوث الأرض والمياه والهواء في غزة وتدمير أنظمة الصرف الصحي وادارة النفايات وتحولت غزة خلال 13 شهرا الى مقابر من الحطام ، وأن مجتمعات  اللاجئين والدول المستضيفة لهم من أكثر الفئات عرضة بالتأثر بالتغير المناخي وأن واحد من كل ثلاثة أشخاص يعيشون في الأردن هم من اللاجئين مما يشكل ضغطا على البنى التحتية وطلبا متزايدا على الموارد الشحيحة بما في ذلك المياه والصحة والتعليم ، ونحن  في الأردن بحاجة  الى حشد المجتمعات من أجل العمل المناخي وتأمين مستقبل أفضل لشبابنا والأجيال القادمة .

وتهدف اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 الى احتواء الاحترار الحراري الذي يهدد حياة البشر وتداعياته المدمرة  دون درجتين مئويتين لحرارة الأرض ، ومواصلة الجهود بحصره في 1،5 درجة مئوية  مقارنة بالفترة ما بين 1850 و1900 ويصل حاليا  الى 1،3 درجة ،  لكن حسابات الأمم المتحدة للبيئة تقود الى احتراز 2،6 الى 2،8 درجة بحلول 2100 والطقس المتطرف يكبد العالم تريليوني دولار خلال العقد الماضي ، و 2024 العام الأ؟شد حرارة على الاطلاق وتزايد الكوارث الطبيعية  .

وحسب التقارير المناخية  المتخصصة ، فان  تداعيات ارتفاع درجة حرارة  الأرض الى  4 درجات مئوية  تكمن  في ذوبان أجزاء كبيرة من القارة القطبية الجنوبية ، وزيادة معدل انتشار الأمراض والأوبئة ، وتدمير الكائنات الطبيعية الحيوية ، وتغير أنماط الأمطار والثلوج وتيارات المحيطات .

ويخيم على  المؤتمر شبح انسحاب ترمب  من اتفاق باريس للمناخ  و يعقد بعد أيام من انتخابه ،  الذي يعارض جهود محاربة  تغير المناخ  ويسعى لزيادة عمليات التنقيب عن النفط حيث يهدف لتقليل  تكلفة وقود السيارات للمواطنين  داخل الولايات المتحدة  ، ويبحث المؤتمر  طريقة تسريع العمل المناخي في غياب الولايات المتحدة   ويتبنى قواعد جديدة للأمم المتحدة بشأن أسواق الكربون واطار عمل لسوق كربون عالمية  ، و كشف المشاركون  في المؤتمر    عن حقائق مفزعة تتعلق بالتغير المناخي .

  ومن جانبها ، أعلنت السعودية عن تدشين  منصة  تداول الكربون لجذب التمويل المناخي ، فيما أعلنت مجموعة دول العشرين  باجتماعها  في البرازيل أنهم يواجهون عقبات  بشأن المناخ .

وفيما يلي  أكثر الدول الملوثة للبيئة :-

  • الصين في المرتبة الأولى عالميا ، و مسؤولة  عن 26% من اجمالي الانبعاثات العالمية .
  • الولايات المتحدة في المرتبة الثانية عالميا ، ومسؤولة  عن 13% من اجمالي الانبعاثات العالمية .
  • الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثالثة عالميا ، ومسؤول عن 7،5% من اجمالي الانبعاثات العالمية .
  • الهند في المرتبة الرابعة عالميا ، ومسؤولة عن 7% من اجمالي الانبعاثات العالمية .
  • روسيا في المرتبة الخامسة عالميا ، ومسؤولة عن 4% من اجمالي الانبعاثات  العالمية .
  • البرازيل في المرتبة السادسة عالميا ، ومسؤولة عن 3،5% من اجمالي الانبعاثات العالمية .

 أما في الأردن وحسب  مديرية التكيف المناخي في وزارة البيئة ، فقد زادت نسبة انبعاثات الكربون بالأردن العقد الماضي بسبب ازدياد عدد اللاجئين لحاجتهم الى الطاقة والنقل والعمل وكلها تنقل انبعاثات كربونية .

وتسبب التغيرات المناخية على الأردن تحديات وضغوطات على القطاع الزراعي وقلة أو تذبذب الهطولات المطرية والبحث عن زراعات جديدة  تتحمل الحرارة ولا تحتاج لكميات مياه كبيرة وزيادة الاعتماد على الابار الارتوازية في  ري المحاصيل الزراعية  للحد  من أثر التغير  المناخي ، وتشجيع تربية المواشي والثروة الحيوانية المتعددة لخفض  كلفة تربيتها ، وحفر ابار وحفائر  لتجميع مياه الأمطار، وأهمية الأخذ بتوصيات الخبراء في الأمن الغذائي والحصاد المائي وتعزيز دور البحث العلمي والتحول الى مصادر الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر ،  بالتركيز على الاستدامة البيئية ورفع  كفاءة استخدام الطاقة و الموارد واستخدام التكنولوجيا الزراعية والحد من انبعاثات الكربون ونعميم الحوكمة البيئية والوعي  البيئي المجتمعي .

 ولا يقتصر تأثر الزراعة بالتذبذب المطري حصرا ، بل يمتد الى انخفاض درجات الحرارة  والبرد  والصقيع والجفاف والرياح والسيول والفيضانات مما  يرفع  من مستوى درجة المخاطر الزراعية  ويؤثر سلبا على الانتاج الزراعي  ويزيد من تكاليفه وارتفاع الأسعار .

و شهد المؤتمر حراكا ومساع من الوفد الأردني لوزراء الطاقة والبيئة والتخطيط  في بحث احتياجات الأردن المناخية  والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية وجلب  الاستثمار المناخي  وجذب الاستثمارات لمشاريع التنمية المستدامة ، واستعرضوا تقدم الأردن في مجال الطاقة المتجددة  ودعوتهم  في المؤتمر لاستخدام الأدوات المبتكرة لزيادة التمويل المناخي من خلال التمويل الميسر والفصل بين المساعدات المناخية والمساعدات الانمائية .

 وقد ضمنت الحكومة الأردنية خططا بيئية ومشاريع وبرامج ضمن رؤية التحديث الاقتصادي .

 ورحبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقرار الأردني مؤخرا تمديد صلاحية وثائق اللاجئين وطالبي اللجوء ، حيث يستضيف الأردن 3،7 مليون لاجئ من 49 دولة اضافة لمليوني لاجئ فلسطيني ، وثاني      أكبر مضيف للاجئين السوريين ويلعب دورا حاسما في استضافة اللاجئين وقد أتاح للاجئ السوري العمل في قطاعات معينة ، وأضافت أن الأردن مثال يحتذى به من حيث استضافة اللاجئين ودوره لا يضاهى في المنطقة وهو يمثل صوت السلام  .

وقد أطلق جلالته في كلمته التي ألقاها في مؤتمر كوب 27 بشرم الشيخ مبادرة ” متلازمة المناخ واللاجئين ” .

 وفي قطاع غزة ، استخدم الجيش الاسرائيلي أسلحة تحمل مواد كيميائية خطيرة على البيئة والانسان وألقى ما يقارب 85 ألف طن من المتفجرات على غزة منذ بدء الحرب ، مما تسبب في 37 مليون طن من الركام وانبعاث مليوني طن من ثاني أوكسيد الكربون وتدمير المنازل  ومضخات المياه وشبكات الصرف الصحي وضخ المياه العادمة الى الشوارع دون معالجة واختلاطها مع المياه الصالحة للشرب وتكدس النفايات الصلبة  والمنزلية والصناعية وحدوث مخلفات بشرية وكيماوية  وانتشار الأمراض المعدية والأوبئة بين سكان القطاع  وتدمير الغطاء النباتي وقصف  الأراضي الزراعية  واجراء عمليات التجريف وتحذيرات من اثار بيئية كارثية  جراء الحرب  الاسرائيلية على غزة .