لم أنس الكتابة عن التبرعات بالمواد الطبية التي تقدمت بها منطقة شينجيانغ الغربية الصينية لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وهي علامة مضيئة للتعاون المُثمر بين الدولتين والشعبين ضمن الصداقة الثنائية والحضارة الإنسانية. أذكرُ للآن كيف أن سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة كانت السبّاقة للإعلان عن هذا التبرع الأخير في بيان لها، والذي جاء من شينجيانغ ذات القومية الويغورية والأغلبية المُسلِمة، ويَشمل مواد طبية مُهداة لمنطقة العقبة، بهدف مساهمة الصين في مكافحة كوفيد/19. السفارة الصينية أشارت وقتها في بيان صحفي إلى أن “مدينة أورومتشي حاضرة منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم، تبرعت بمئتي مقياس لدرجة الحرارة (ترمومتر بالأشعة تحت الحمراء)، لمنطقة العقبة، لمكافحة وباء كورونا، تعبيرًا عن الصداقة الصينية الودية مع الجانب الأردني”. وكانت مذكرة نوايا لإقامة علاقة التوأمة بين المدينتين، أورومتشي والعقبة قد وقّعِت في عام 2014، الأمر الذي يعكس عُمق علاقات أُخُوَّة بين الصين والأردن.
اطَّلَعْتُ كذلك على الخبر المُقتضب الثاني عن التبرع الذي تقدمت به شركة صينية عاملة في العقبة الصناعية لسلطة العقبة، وهو عبارة عن 500 مصباح كهربائي مُعقِّم، للحفاظ على بيئة نظيفة وصحة المجتمع خالية من التلوث الفيروسي والبكتيري. حينها، صرّح رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، المهندس نايف بخيت، إن هذا التبرع الذي تم توزيعه على المؤسسات العامة والمدارس والمساجد، يُعتبر إضافة نوعية لحماية مؤسسات العقبة من الفيروسات، وأكد على أن “الأجهزة صُنعت في الصين، وتم فحصها من قبل الأجهزة المعنية، وهي آمنة للاستخدام وتعمل على تعقيم الأماكن التي توضع فيها”. أوضح رئيس شركة برق لتكنولوجيا ترشيد الطاقة في مدينة العقبة الصناعية الدولية يان بو تشين، من جهته، “إن مدينة العقبة بيتي الثاني ويَفرض علينا الواجب مساعدة مجتمعها من خلال تقديم الدفعة الأولى من هذه الأجهزة المُعقّمة التي هي من اختراع الشركة، إذ يُمكنها تعقيم الأماكن العامة لتصبح خالية من الفيروسات أو البكتيريا، وبالتالي الحفاظ على صحة المجتمع.
الصين مشكورة رئيسًا ودولةً وشعبًا لإيلائهم الاهتمام بالعقبة، ولتعميقهم العلاقات معنا كأردنيين على مختلف المستويات، فهذه المساعدات هي جزء يَسير مِمّا تقدمه الصين للأردن، ما يُعزّز العلاقات والتفاهمات، وتمكين إحراز المزيد من النجاحات في خضم العمل الأممي على مجتمع المصيرالواحد والسلمي للجماعة البشرية قَاطِبَةً، والذي يضمن فعليًا واقتصاديًا وقانونيًا الخير للجميع، وتأمين الأعمال والتشغيلات، وإعلاء كرامة الكيان الإنساني الوثّاب للخير والصلاح، ووحدة الشعوب ومساواتها بغض النظر عن حجمها الجغرافي، ولغاتها، وقومياتها، فالأهم هو المساواة في العيش المشترك ضمن معادلة الربح للجميع.
للعقبة مكانة خاصة في الصين ولدى الصينيين، فِمن هذه المدينة، من ساحل (أيلة) القديمة، انطلق واحد من الخطوط العريقة لطريق الحرير الصيني، ليربط عبر القوافل مساره التاريخي والاقتصادي والإنساني بفلسطين والشام الكبرى، ومن هناك اتجه إلى جنوب غرب آسيا وأوروبا وإفريقيا. وبالنسبة لطريق الحرير البري، يذهب البحّاثة للحديث عن طريق من (الشام الشمالية) نحو البترا والعقبة. فالعقبة والأردن عمومًا، مركز للأعمال الإقليمية والدولية بسبب الموقع الجيوسياسي والإستراتيجي المفتاحي لهما كمَعبر لقارات قديمة ثلاث. تطوير الأردن بالتعاون مع الصين ضمن طريق الحرير الجديد، بات حقيقة واقعة يجب تنميتَها والاِرْتِقَاءِ بها إلى مشاريع ثنائية مُتَكَاثِر، لتعود بالنفع على البلدين، بخاصة مخططات التنمية الصناعية والتكنولوجية والزراعية، ولترسيخ قواعد البُنية التحتية المؤدية بسهولة صوب الدول الأخرى، إذ يربط الأردن كمركز متوسط، القارات والدول، ويُسهّل من سرعة ونفع التعاون الجماعي بينها، وبالتالي تأصيل معادلة الربح للجميع دولًا وشعوبًا.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.