فاردة حزبية .. نيڨين العياصرة

بدأت الأحزاب تدق الطبول من سنوات لتستقطب “الأخضر واليابس ” وهذا المعنى يشمل استقطاب جميع فئات المجتمع للإنضمام إلى الأحزاب، واستغلال قلة الوعي والإدراك والعاطفة اللاصائبة المستفحلة في المجتمع لحشد الأعداد، وشعارات رنانة، الشباب، المرأة، الحرية، الديمقراطية، التغيير،” حط بالخرج”؛ لأنها كانت محاولة إيهام الشعب برؤية سياسية تسمح للجميع بالمشاركة بها لتحقيق طموح الشعب.

ولكن أعتاب المرحلة الأولى كشفت للشعب أن هذا العرس الحزبي ليس متاحًا لجميع الحضور، فمن يملك المال يسمح له كونترول الفاردة بالصعود ثم يتم فيما بعد الترتيب بناءً على المقدرة المالية لا الكفاءة، وهذه كانت بداية فاسدة، فكيف للفاسد أن يحارب الفساد؟ فما بُني على باطل فهو باطل، وهذا الأمر سيسهم في ضعف القبول المجتمعي للأحزاب في الفترة القادمة.

إن رؤية التحديث السياسي جاءت لتخدم المجتمع بكل اطيافه وتتطلب التشاركية و المصداقية والشفافية، لمواجهة الفساد وتحقيق التنمية السياسية التي ستنعكس على معيشة الفرد.

الأخطاء أرتكبت وارتكاب الأخطاء السياسية وارد في بداية تجربة، ولكن استمرارية ارتكابها جريمة يجب أن يحاسب عليها القانون، ويتعض منها القيادات الحزبية صاحبة الضمير ، وذلك بوضع حلول لتدارك الأخطاء قبل أن تُصبح جُرمًا وعائق أمام التحديث السياسي القائم والدائم.

والجريمة ليست فقط في المال المدفوع للحصول على مقعد، إنما تجاوزت لظاهرة الإستتباع الخارجي لبعض الأحزاب، الأمر الذي يجعل من هذه القوى تعمل لصالح الخارج، لا لأجل الوطن.

إن الرغبة في التغيير الحقيقي تتطلب نهج حقيقي يبدأ من التأسيس لحياة حزبية قوامها النزاهة والمصداقية فيما يقال وفيما ينفذ، ورؤيتها رأب الصدع بين المواطن وهمومه وصناع القرار الذين يسعون للبحث عن حلول واقعية وجهود كبيرة عميقة في جعل الحياة الحزبية مناصًا نحو التشاركية الجماعية لتقدم الوطن والمواطن.

كل هذا لن يكون، إذا لم تنتبه الدولة “للكونترول” وكيف يدير المشهد الداخلي لحزبه، لأن استمرارية احتكار الفاردة الحزبية لا ينبأ إلا بفشل التحديث السياسي الذي لا نتمناه.