برسالة تحمل ما تحمل من الدلالات فى العنوان والمضمون، ترأس رئيس هيئه الأركان المشتركة يوسف الحنيطي الوفد الأردني لتركيا ومدير المخابرات أحمد حسني ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي، وذلك للوقوف على حيثيات المشهد السورى كما تناولته تقارير دولية، وهو المشهد الذى أصبح يدار من انقره ببيان تنسيق مع البيت الابيض وتل ابيب وفق جملة توافق صادرة عن موسكو وطهران، وهذا ما جعل طبيعيه المشهد السورى متأرجح بين اسقاطات النفوذ وأمال الوحدة بعد تواتر الأحداث فى المشهد السورى، الذى مازال مهدد بالتقسيم على الرغم من محاولات بريطانيا من التأكيد على أهمية احترام الجغرافيا السياسية للأوطان التي صنعتها مع فرنسا متذ بيان سايكس و بيكو بعيد الحرب العالميه الكبرى.
الوفد الاردني الذي تقدمه الجيش بعنوان الخط الأحمر، ارسل رساله تحمل ثلاث خطوط رئيسية تقف فى المقام الأول على حفظ الحدود الأردنية، والثانية على المحافظة على الأمن بالجنوب السوري، والثالثة على ردع بيان حضور “داعش والقاعدة” فى المشهد العام، والتى قد تعود من جديد مع محاولات فرض الحلول العسكرية فى المنطقة والتى قد تستشري نتيجة احتدام حالة الترسيم في داخل الجغرافيا السورية، وذلك إثر اشتعال مناطق النفوذ من قبل تركيا واسرائيل وامريكا وروسيا، إضافة لمحاولة تصدير الازمة الاقليمية من الساحة السورية للأردن والعمق العربي، والذي تحرص على بيانه عمان والقاهرة من أجل الحفاظ على الأمن القومي العربي في المنطقة.
وهو المعطى الذي يستوجب على الجميع عدم تجاوزه عند بيان الجملة الأمنية بالمنطقة، أو عند الوقوف على بيان محدداتها السياسية وفواصلها البينية على الصعيد الجيوسياسي كما على مستوى العلاقات البينية، فإن التوافقات التي يجري ترسيمها بين الأطراف المتداخلة ستبقى مدار ريبة طالما لم تشارك في صياغتها الأطراف الأهلية التى تشكل جملة محتواها المجتمعات العربية، وهذا ما يجب على الجميع إدراكها فالمجتمعات العربية لن تبقى تدور في دور حاضنة للاسقاطات الإقليمية وتبقى تعمل أنظمتها فى دائرة التخفيف من واقع الضرر باسقاطاته التدميرية التي مازالت تعصف بمعظم أقطار المنطقة وتهدد أمنها وتضعف من مناخات استقرارها، فإن معول الهدم يجب أن يتوقف حتى تستطيع مجتمعات المنطقة من العيش بأمن وأمان.
ان الأردن وهو يرسل رسالة دبلوماسية بحلة عسكرية، إنما أراد ليؤكد عبرها على ثابت مواقفه إزاء حفظ أمن واستقرار المنطقة ورفض الحلول العسكرية ووقف سياسة التصعيد التى لا تخدم احد حتى مطلقيها، وهو الأردن الذي يريد أن تتوقف سياسة التمدد وسياسات الغلو عبر بناء علاقات مشتركة تسمح بولادة مناخات سلمية وتقود الجميع للاستثمار بالأعمار بدلا من الاستثمار بالهدم، وهو الأردن الذي مازال ينادي وسيبقى يحث الجميع على ضرورة احترام القانون الدولي والكف عن دواعي التصعيد مهما كان لبسها، وهو الأردن الذي يريد أن تنعم مجتمعات المنطقة بالامن والامان بواقع جلاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية من باب عودة الجميع لطاولة المفاوضات، وهو الأردن الذي يقرأ بحالة التبدل السياسي بعمق وأراد أن يقول في جملة بيان مشكلة بينتها طبيعة الوفد الأردني في زيارته لأنقرة والتى حملت عنوان الأردن بحلة الخط الاحمر.