أداء الأصول العالمية بعد شهر من تنصيب ترمب

 

 

زياد الرفاتي

بعد انقضاء شهر على حكم الرئيس الأميركي  الذي بدأ في العشرين من كانون الثاني الماضي ، يكون قد وقع  منذ تنصيبه على  73 أمرا تنفيذيا  ، مقارنة مع 33 أمر تنفيذي في أول 100 يوم عند تسلمه الحكم بولايته الأولى       في 2017 .

وقد أعلن الرئيس الأميركي  في العشرين من شباط الجاري أن الولايات المتحدة عادت وفتحت أبوابها للأعمال وبدأ العصر الذهبي لها رسميا وعادت محركات الاقتصاد الأميركي الى الحياة بقوة ، والتقدم الذي تم احرازه منذ انتخابه   في الخامس من تشرين الثاني الماضي مذهلا .

وفيما يلي استعراض لأداء الأصول العالمية بعد شهر من حكم ترمب :-

  • الدولار الأميركي

انخفاض الدولار بنسبة 2،6% منذ التنصيب  ، بسبب تأخر فرض التعرفات الجمركية على الشركاء التجاريين  حيث كان يعول عليه الارتفاع بمجرد فرض الرسوم التي تعهد أثناء حملته الانتخابية  برفعها فور تسلمه الرئاسة ، وهو من مؤيدي الدولار الضعيف لتحفيز الصادرات الأميركية .  

  • معدلات الفائدة الأميركية

تم تثبيت سعر الفائدة الفيدرالية في اجتماع كانون الثاني 2025 ، وحذر محضر اجتماع الفيدرالي من تأثير سياسات ترمب على مستويات التضخم مما قد يبقي معدلات الفائدة أعلى لمدة أطول ،  ويشير الى استمرار المخاوف بشأن التضخم ويؤكد على نهج التريث  وعدم التعجل حيال خفض الفائدة  والخفض  بوتيرة متسارعة قد يضر بالأداء الاقتصادي ، والسياسات النقدية الحالية تتوائم مع ظروف السوق ، والتضخم في طريقه الى  مستهدفه 2% لكنه سيستغرق بعض الوقت .

وقد طلب الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي  مجددا  من الفيدرالي خفض الفائدة ،  وأعلن مستشاره الاقتصادي  أنه سيقوم بالتشاور المستمر مع الفيدرالي حول الشأن الاقتصادي الأميركي . 

وحسب  محللون ماليون أميركيون فان هناك عوامل غير حساسة لأسعار الفائدة مثل الانفاق الدفاعي وعلى الذكاء الصطناعي ، كما أن ما نسبته 95% من الأميركيين أمنوا أنقسهم بقروض رهن عقاري لأجل  30 عاما بسعر فائدة ثابت مما لا يجعلها عرضة لتقلبات الفائدة .

 وجميعها عوامل كانت في 2024 ويتوقع استمرارها في 2025 .

ووفق بنك أوف أميركا فان المستثمرين يخفضون  الكاش لأدنى مستوى منذ 15عاما .

  • النفط الأميركي

انخفاض أسعار النفط  الأميركي حوالي 8% منذ التنصيب بما يتماشى مع هدف ترمب بخفض تكاليف الطاقة  المرتفعة من خلال تعزيز  انتاج النفط  بزيادة المعروض النفطي لتخفيض الأسعار .

وحسب ترمب ، فان الولايات المتحدة المنتج الأكبر للطاقة في العالم وعلينا استغلال هذه الأفضلية ولدينا خطة لادارة موارد الطاقة الأميركية وسيعمل على رفع الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في الولايات المتحدة بأسرع وقت .

أما  الرئيس الروسي ، فقد دعا لمحادثات روسية أميركية سعودية  مشتركة بشأن الطاقة ودعم استقرار أسواق النفط .

واحتمالات انهاء  الحرب الروسية الأوكرانية قد يهبط بأسعار النفط من 5- 10 دولارات وفق بنك أوف أميركا ، وستكون الدول المستوردة  المستفيد الأكبر أما الدول المصدرة فستزداد عجوزات موازناتها المبنية على سعر نفط مرتفع وسيهبط بوقف الحرب ، فيما السعودية والامارات الأقل تأثرا بفضل الايرادات  غير النفطية .

  • الغاز الأميركي

ارتفاع أسعار الغاز الأميركي 9،5% منذ التنصيب  ، لزيادة الطلب في التصدير الى الدول الأوروبية التي زادت من مشترياتها للغاز في ظل أجواء الطقس الباردة  وملء مخزوناتها الاستراتيجية وانتهاء اتفاقية  مرور الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية الى أوروبا .

  • مؤشرات أسواق الأسهم الأميركية

سجلت مؤشرات الأسواق الأميركية مستويات قياسية ليرتفع بأكثر من 2% منذ التنصيب وعلى الرغم من ابتعاد خفض الفائدة .

  • ثقة المستهلكين الأميركيين

انخفاض ثقة المستهلكين الأميركيين ، بسبب  المخاوف من ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة  وعدم خفض الفائدة نتيجة سياسة فرض الرسوم الجمركية .

  • مقاسمة أميركا لنصف معادن أوكرانيا

أعلن ترمب أن  كييف قد وافقت الى حد ما على مقترح لوصول الولايات المتحدة الى نصف معادن أوكرانيا النادرة  وامتلاكها  مقابل الدعم العسكري البالغ  350 مليار دولار  التي قدمتها  لها في الحرب  منذ 2022 في عهد بايدن والتي أقنعت واشنطن بتقديمها لدخول حرب خاسرة ولا يمكن الفوز بها ، لكن عندما زارهم  وزير الخزانة عاملوه بجفاء ورفضوا الفكرة .

ووفق بلومبيرغ  السبت ، فان كييف تفضل أن يتم توقيع الاتفاق النهائي بشأن المعادن بحضور الرئيسين الأميركي والأوكراني .

ويقدر الاتحاد الأوروبي  ثروات أوكرانيا  من المعادن بنحو 26 تريليون دولار ، ومن أكبر 10 موردين للموارد المعدنية عالميا  ، وتمتلك 5% من اجمالي الموارد المعدنية في العالم   وتحتوي على 20 ألف موقع للاحتياطيات المعدنية .

  • خفض الضرائب الأميركية

تحدث ترمب في التاسع عشر من الشهر الجاري أنه سيخفض الضرائب بشكل كبير  .

ووفق  خبراء أميركيون فان  تأثير نخفيضات ترمب  الضريبية  على الديون الفيدرالية  الأميركية قد تؤدي  الى ” دوامة ديون خطيرة ” ، والتخفيضات الضريبية قد تدفع  رصيد الدين الأميركي للوصول الى  ما نسبته 149% من الناتج المحلي الاجمالي  في العشر سنوات المقبلة ، وكلفة التخفيضات تقدر بخسائر في الايرادات تصل الى 11 تريليون دولار .

  • خفض انفاق البنتاغون

أمر وزير الدفاع الأميركي باجراء تخفيضات كبيرة في ميزانية  الدفاع  بنسبة 8% سنويا  لخفضها من 850 مليار دولار لعام 2025 الى 560 مليار دولار في  نهاية الخمس سنوات  المقبلة ، وحدد      50 مليار دولار من مخصصات برامج الوزارة  في  2025 التي يمكن الغاؤها لتمويل  ” أولويات ” ترمب .

  • البيتكوين

انخفاض سعر البيتكوين 4% منذ التنصيب ، مع تلاشي الحماس لدى المتعاملين لموقف ترمب المؤيد للعملات المشفرة  بسبب الافتقار الى سياسات ملموسة ، ولم يف بوعوده الانتخابية تجاهها  ولم تحافظ على ارتفاعاتها التي شهدتها في البداية أو تتماسك ، معللين ذلك أنها تحتاج الى عوامل رفع اضافية أخرى تدعم السعر وأن موقف ترمب قد أخذ  تأثيره في السعر  واستوعبه  .

 كما أنها لم تشهد ضخ مزيد من الاستثمارات في العملة ، بالرغم من أن مدة شهر ليس كافيا ويتطلب الانتظار قليلا حتى يتم الحكم على هذا الأمر .

وقد أعلن ترمب أنه أنهى الحرب التي شنها بايدن على العملات المشفرة ، فيما يرى  رؤساء منصات تداول أن العملات المشفرة ولدت من جديد بعد عودة ترمب .

  • الذهب

ارتفاع الذهب بنسبة 8%  منذ التنصيب لتزايد الطلب من البنوك المركزية وقلة المعروض وسط  مخاوف من حرب تجارية عالمية وضعف الدولار ، وقد واصل المركزي الصيني الشراء للشهر الثالث على التوالي بعد توقف دام لأكثر من خمسة أشهر .

  • الروبل الروسي

ارتفاع الروبل الى أعلى مستوياته في 6 أشهر بعد خطوات للتقارب  والمحادثات في الرياض بين روسيا وأميركا نحو اعادة العلاقات بين البلدين وايقاف الحرب والاتفاق على أفضلية الحل السلمي     في أوكرانيا وحل القضايا العالمية  .

  • عدم اليقين الأوروبي

يسود عدم اليقين الأوروبي بشأن كيفية تعامل ترمب مع الحرب الروسية على أوكرانيا المستمرة منذ ثلاث سنوات والمثير للقلق لديهم .

مع تصريحات الادارة الأميركية من استمرار  دعم الحلفاء في حلف الناتو ولكن حان الوقت ليكثف  الحلفاء الأوروبيون جهودهم وأنه من غير المقبول تحمل واشنطن عبء الدفاع عن أوروبا ، وقد يتم مناقشة تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا في المحادثات بشأن حرب أوكرانيا  .

وأعلن ترمب أنه يمكن التوصل مع روسيا ” لحل المشكلات ” ويأمل  في الوصول الى الاستقرار والسلام في أوكرانيا والشرق الأوسط ، و شكر السعودية على استضافتها المباحثات الأميركية الروسية الأسبوع الماضي وأنها دولة لها مكانة خاصة وفيها قادة مميزون كما شكرها أيضا الرئيس بوتين في اتصال هاتفي مع  سمو ولي العهد السعودي ودورها في المحادثات  وخلقها مناخا جيدا ،  وفي المقابل  أكد سموه  للرئيس أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل جميع الأزمات الدولية وحرص المملكة  من مبادرتها بالاستضافة على تعزيز الاستقرار والسلام في العالم .

ووفق التقارير الاعلامية  الروسية  عن الاجتماع الأميركي الروسي ، فان السياسة لا تعترف الا بالمصالح المشتركة ولا تعترف بالصداقة  والتحركات الحالية على الساحة الدولية تتجه نحو عالم متعدد الأقطاب ، وتأمل برفع العقوبات الأميركية والغربية عنها وقد بلغت خسائر الشركات الأميركية بعد ترك السوق الروسية 324 مليار دولار وعودة تلك الشركات قد تكون خلال الربع الثاني  من العام الجاري .

وقد حدث تباين في أسعار وأداء الأصول العالمية منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية ، حيث  ارتفع الذهب بنسبة 56% والبيتكوين 34% والأسهم  الأميركية 34% ، فيما انخفض النفط 16% واليورو 8% والغاز الأوروبي 58% .

أما  الانفاق العسكري العالمي  فقد وصل الى 2،5 تريليون دولار في سباق  عالمي للتسلح .

  • اتفاق تجاري جديد مع الصين

تحدث  الرئيس الأميركي عن ابرام اتفاق تجاري جديد مع الصين وأن ذلك ” ممكن ” رغم التوترات بينهما دون ذكر تفاصيل  أي صفقة محتملة ، وأنه منفتح على تجنب نزاع تجاري متصاعد بين واشنطن وبكين ويشيد بالرئيس الصيني وبالعلاقة التي تربطه به ، وكانت تلك التصريحات أحدث مثال على قدرته في التأثير على معنويات الأسواق والتي اعتبرها المتعاملون ايجابية الى حد ما ونهجه تجاه الصين حتى الان ” أخف من المتوقع ” .