زياد الرفاتي
قرر البنك المركزي الأوروبي باجتماعه الخميس السادس من أذار الجاري تخفيض سعر الفائدة الرئيسي وفقا للتوقعات بمقدار 25 نقطة أساس وللمرة السادسة على التوالي بدأت في اجتماع تموز وتوالت بالاجتماعات المتتابعة في أيلول وتشرين الثاني وكانون الأول من العام الماضي وتواصلت في اجتماعي كانون الثاني وأذار 2025 حيث كان الخفض ربع نقطة مئوية في كل مرة وبما مجموعه 1،5% ليصبح سعر الفائدة الحالي 2،5%.
و بررت رئيسة المركزي الأوروبي الخفض الجديد الى عدة عوامل أبرزها ما يلي :-
- ارتفاع التضخم في منطقة اليورو خلال 2025 كان بسبب زيادة أسعار الطاقة ، وقد استقر عند 2،4% خلال شباط الماضي بينما كانت التوقعات عند 2،3% .
- عدم اليقين يشأن السياسات التجارية عالميا يؤثر على النمو ويتطلب تحفيزه .
- تباطؤ النمو في أول شهرين من 2025 وكان متواضعا بسبب ضعف الصادرات وتراجع الاستثمارات ، وعدم اليقين بشأن السياسات التجارية عالميا يؤثر على النمو ، وخفض توقعات النمو بمنطقة اليورو الى 0،9% في 2025 ، والسياسة النقدية أصبحت أقل تقييدا بهدف دعم النمو .
- نواجه رياحا معاكسة لتيسير السياسة النقدية مع ضعف الاقتراض .
وقد ارتفع اليورو لأعلى مستوى في نحو أربعة أشهر مقابل الدولار وبنسبة 0،8% ليبلغ 1،09 دولار بعد تعهد ألمانيا التي تمثل القائد الفعلي للاتحاد الأوروبي وأكبر اقتصاد فيها بزيادة الانفاق على الدفاع والبنى التحتية وسط تعزيز الانفاق الأوروبي على الدفاع وبدء حزمة تحفيز مالي غير مسبوقة الذي سيزيد نمو أرباح الشركات مع تأكيد أوروبا على دعمها لملف أوكرانيا ، وأن الاقتصاد أهم من المناخ بهدف تعزيز نمو الناتج المحلي الاجمالي على مدى خمس سنوات قادمة في أوروبا .
وحسب محللون استراتيجيون في شركات ادارة أصول وخدمات مالية عالمية ، بأن تخصيص مليارات اليورو سيؤدي الى تراجع حاجة المركزي الأوروبي الى مواصلة خفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي
وارتفعت معنويات المستثمرين تجاه العملة الأوروبية وتراجع مستوى تشاؤم المتعاملين تجاه اليورو الى أقل مستوى منذ ثلاث سنوات .
فيما رفع بنك أوف أميركا توقعاته بصعود اليورو بنحو 6% بحلول نهاية العام الحالي الى 1،15 دولار بدعم من القرارات المالية التي صدرت الأسبوع الماضي ، وأن الاعلان عن الحزمة المالية الألمانية يمثل لحظة فاصلة لليورو ، فيما يراهن متعاملون على تجاوز اليورو مستوى 1،20 دولار خلال العام المقبل .
وحسب التقارير الأوروبية ، يبلغ مجموع سكان أوروبا 450 مليون نسمة يرتفع الى 530 مليون نسمة مع بريطانيا والنرويج ، وتضم 2،5 مليون جندي ولديها 3000 طائرة مقاتلة ، وأوروبا مجنمعة قوية ولكنها تتصرف وكأنها ضعيفة .
وبلغ مجموع انفاق الاتحاد الأوروبي على الدفاع 380 مليار يورو في 2024 مقابل 347 مليار يورو في 2023 ولم يتجاوز متوسط الانفاق عن 2% من حجم الاقتصاد الأوروبي ، وكانت بولندا الأعلى بنسبة 4،1% بحكم أكثر الدول الأوروبية قربا الى حدود روسيا فكلما اقتربت الدولة من موسكو كلما ازداد انفاقها العسكري ، وبريطانيا 2،3% ، وفرنسا وألمانيا 2،1% لكل منهما وتعتبر فرنسا أن التهديد يتنامى منذ 15 عاما ، وايطاليا 1،5%، وكندا 1،3% ، واسبانيا 1% .
بينما يبلغ انفاق روسيا الدفاعي 10% من الناتج المحلي الاجمالي وهو الأعلى والولايات المتحدة 3،4% .
وارتفعت أسهم شركات الدفاع بقوة مع عزم الدول زيادة الانفاق العسكري وعزم فرنسا زيادة الانفاق العسكري الى 3،5% من الناتج المحلي الاجمالي ودعوتها لزيادة الانفاق العسكري وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة ، والدعوة الألمانية لتخفيف قيود الانفاق من الاتحاد الأوروبي لدعم القدرات الدفاعية بالرغم من انكماش الاقتصاد الألماني سالبا (0،2%) في 2024 و (0،3%) في 2023 .
و تخطط لانشاء صندوقين استثماريين بقيمة 415 مليار دولار للانفاق على الدفاع والبنى التحتية، ويقترح المستشار الألماني الجديد تعديل الدستور لرفع سقف الانفاق الدفاعي ، والدعوة البريطانية أن على أوروبا أن تزيد من جهودها فيما يتعلق بالدفاع والأمن مع طرح فكرة تأسيس الجيش الأوروبي .
ويرى المستثمرون فرصا واعدة في قطاع الصناعات الدفاعية الأوروبية .
ووفق الرئيس ترمب فان أوروبا كانت أذكى من بايدن الذي منح أوكرانيا مساعدات بقيمة 350 مليار دولار ، بينما أوروبا منحتها قروض وهي تريد الحصول على المعادن النادرة في أوكرانيا ، وأن الاتحاد الأوروبي كان مسيئا بشكل فظيع في استخدام الرسوم الجمركية على الواردات من الولايات المتحدة .
وحذر مجددا حلف الناتو الذي تأسس عام 1949 بمبادرة أميركية وكندية مع عشرة دول أوروبية ” ادفعوا أو دافعوا عن أنفسكم في حال تعرضكم للهجوم ” .
وتفكر أوروبا بالتمويل المبتكر من خلال الاقتراض المشترك بهدف توحيد المتطلبات وتعزيز المشتريات المشتركة لتقليل التكاليف ، أو انشاء صناديق استثمارية .
وقرر الاتحاد الأوروبي منح شركات السيارات الأوروبية ثلاث سنوات اضافية عن المحدد للالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية ، ويتخلى عن أهداف مناخية لتعزيز منافسة شركاته في مواجهة الصين وأميركا ويقرر عدم معاقبة تلك الشركات في ظل المنافسة الأميركية والصينية .
وقدمت رئيسة المفوضية الأوروبية في الخامس من أذار الجاري خطة مقترحة لتعزيز الانفاق الدفاعي والدعوة لزيادة كبيرة في نفقات الدفاع على المستوى الوطني واعادة تسليح أوروبا بميزانية 800 مليار يورو تنفق على مدى 5-10 سنوات منها 150 مليار يورو ، ويقترح الاتحاد دعم الأعضاء عبر قروض مضمونة من ميزانية الاتحاد وليصبح الاتحاد الأوروبي أكثر استقلالية في الدفاع لمواجهة التهديدات وسيدعم صناعة الدفاع بزيادة التمويل وتشجيع الاستثمارات ويعد ورقة بيضاء لمستقبل الدفاع تهدف لتعزيز التمويل وصناعة الدفاع .
ويتوقع رؤساء صناديق استثمارية عالمية رؤية اصدارات سندات كثيرة في أوروبا وهي تطورات مذهلة لمستثمري السندات بعد أن تخلت عن التقشف المالي ، اذ نظرت الى ما يحدث في الولايات المتحدة والصين وتريد فعل المثل ، ورغم أن الأوضاع قد لا تكون مريحة على المدى القصير فان وجود سوق سندات تقدم عائدات مستمرة هو أمر مذهل .
وحسب التقارير الاعلامية يسود صراع بين أوروبا وروسيا تحت تهديدات الردع النووي وأن أوروبا تبحث عن أمنها حيث تمهد ألمانيا لمحادثات حول توسيع المظلة النووية الفرنسية والبريطانية لتشمل أوروبا ، والتحذير الروسي من أن خطط الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراته الدفاعية لن تمر دون رد و الحديث الفرنسي عن خطر الحماية النووية الفرنسية لأوروبا يشكل تهديدا لروسيا .