زياد الرفاتي
بعد سقوط الامبراطورية الايرانية عام 1979عقب الثورة الشعبية لسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وقادت الى تولي اية الله الخميني مقاليد الحكم في ايران ، استبشر الايرانيون في العهد الجديد بتحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والحريات والحد من سوء استغلال موارد وثروات البلاد .
يبلغ عدد سكان ايران 90 مليون نسمة وهي رابع دولة في انتاج النفط بالعالم وعضو في منظمة أوبيك ، وخاضت عقب الثورة حربا ضد العراق استمرت ثماني سنوات من 1980- 1988 ، واتصفت علاقاتها الخارجية بالتوترات مع دول مجاورة وعربية وأوروبية ودعم تنظيمات وأذرع وأحزاب تتواجد داخل بلدانها بالمال والسلاح لخدمة مصالحها وأجنداتها ، وسمت أميركا الشيطان الأكبر لعقود في ايران لكن الشعار تغير ، وفرضت العقوبات الأميركية والغربية عليها منذ عام 2006 بتجميد الأموال في الخارج وحظر تصدير النفط الايراني واستيراد التكنولوجيا وفرض عقوبات على معظم القطاعات الاقتصادية وافراد وكيانات ومصارف ايرانية والقيود على تحديث الطائرات المدنية وقدمها واغلاق منافذ الدولار عن البلاد وفرض عقوبات على مصارف تتعامل معها والرقابة البحرية لحركة ناقلات النفط ، لحثها على التراجع عن البرنامج النووي الذي تعمل على تطويره .
وحذر الرئيس الأميركي والوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن أيران أصبحت قريبة جدا من امتلاك السلاح النووي وأن كميات اليورانيوم المخصبة التي تمتلكها ايران باتت كافية لانتاج قنبلة ورؤوس نووية وتمتلك منشات نووية عدة منها لتخصيب اليورانيوم أو انتاج الوقود النووي أو الأبحاث العلمية ، وتتواجد أبرز المفاعلات النووية لتخصيب اليورانيوم في ثلاث مدن ايرانية هي نطنز وفوردو وأصفهان ومواقع سرية لتخصيب اليورانيوم قرب طهران .
و بدأت مفاوضات نووية أيرانية أميركية السبت الماضي بالجولة الأولى في مسقط ، سيتبعها جولة ثانية السبت المقبل تعقد في روما واعتبرت ايران أن نقل مكان انعقاد المفاوضات يمكن تفسيره على أنه افتقار الى الجدية وحسن النية وتشدد على أن تخصيبها لليورانيوم أمر غير قابل للتفاوض ، ووفق التقارير الاعلامية وخبراء في الشأن الايراني فان الظروف الاقتصادية وترنح الاقتصاد الايراني وأزمات لا تتوقف في ايران وانقلاب على المبادئ وانكسار تحت وطأة الضغط الاقتصادي أجبرت ايران على الدخول في مفاوضات .
و أعلن الرئيس الايراني الأربعاء أن الشؤون العامة والحياتية للبلاد ليست رهينة المفاوضات ويرحب بأي اتفاق يتم التوصل اليه ، فيما شدد المبعوث الأميركي للمفاوضات وبتوجيهت من الادارة الأميركية ومجلس الأمن القومي على أن أمام ايران خيار واحد ينص على وجوب أن تتوقف عن برنامجها النووي للتخصيب والتسليح وتفكيكه ومنعها من امتلاك سلاح نووي ، واعتبر محللون سياسيون ذلك تغيرا كبيرا في الموقف الأميركي من المفاوضات مع ايران والشكوك تعود من جديد بعد نقاش حاد بين المسؤولين الأميركيين بشأن الموقف في الجولة المقبلة من المفاوضات مع ايران .
وتحرض اسرائيل الولايات المتحدة للقضاء على المحور الايراني في المنطقة وبرنامج طهران النووي ، وهدد ترمب ايران باللجوء الى الخيار العسكري في حال فشل المفاوضات وستشارك اسرائيل فيه .
لقد انعكست العقوبات بشكل سلبي ومؤثر على الاقتصاد الايراني ، و بلغت خسائر ايران من العقوبات على ملفها النووي نحو 1،7 تريليون دولار في 19 عاما ، و100 مليار دولار الأموال الايرانية المجمدة في البنوك الغربية بسبب العقوبات ، و تراجع تصدير النفط بشكل كبير وطورت منافذ ومؤسسات لبيعه بالالتفاف على العقوبات وبشكل رئيسي الى حليفتها الصين ، وتدهور سعر صرف التومان الايراني الى 103 ألف تومان مقابل الدولار ، وتوقف 40% من المصانع في ايران عن العمل بسبب أزمة الطاقة ، ويتجاوز عدد العاطلين عن العمل 22 مليون شخص 70% منهم من فئة الشباب ، ويعيش 28 مليون ايراني في دائرة الفقر ، وانتشار الفساد والمؤسسات التي يسيطر عليها الحرس الثوري الايراني وهي أخطر من العقوبات .
كل ذلك بعد مرور 46 عاما على الثورة الايرانية وتغيير نظام الحكم من امبراطورية الى جمهورية .
ووفق مراكز دراسات وأبحاث في الشأن الايراني ، فان الضغط الأميركي والرقابة الدولية المتزايدة وتراجع قدرة الحرس الثوري على المناورة بسبب العقوبات وهيمنته على الاقتصاد الايراني سيؤدي الى مشكلة حقيقية وعائق أمام أي اصلاح حقيقي في ايران ويسيطر على قطاعات واسعة من النفط والغاز والبتروكيماويات ولا زال يقاوم الاصلاحات ويعيق دخول الاستثمار الأجنبي الى ايران ، وقد حاول الرؤساء الايرانيون الذين تعاقبوا على الحكم ادخال الموازنة العامة الى البنك المركزي الايراني والرقابة من خلاله على الانفاق منها الا أنهم ووجهوا بالرفض .
وقامت وزارة الخارجية الأميركية بمراجعة جميع الاعفاءات القائمة من العقوبات التي توفر لايران أي قدر من الدعم الاقتصادي وحثت الحكومة العراقية على انهاء اعتمادها على الغاز الايراني في أقرب وقت ممكن وتحقيق استقلالية الطاقة واعتبرت ايران مورد طاقة غير موثوق به ، ولم تجدد ادارة ترمب الاعفاءات للعراق التي كان يحصل عليها في عهد الرئيس السابق بايدن كلما تنتهي ومدتها 120 يوما بشأن استيراد الغاز من ايران الذي يستخدم في توليد الكهرباء للعراق ويشكل 40% من حاجته للغاز .
يواجه العراق أزمة كهرباء تسبب تحديات تشغيلية تبلغ ذروتها في فصل الصيف لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير وبدأت الحكومة العراقية منذ أذار الماضي بعد قرار عدم تجديد الاعفاءات بالتحرك سريعا وفي سباق مع الوقت ومراجعة استعدادات الكهرباء للصيف من حيث بحث تجهيز مصادر وبدائل الغاز الايراني وكميات الغاز المطلوبة لمحطات التوليد والدعوة من الخبراء للحكومة بامكانية استيراد الكهرباء بتفعيل خطوط الربط الكهربائي مع دول مجاورة بديلا عن الغاز أو العودة للمحطات الحرارية التي تعتمد على النفط .
يحتاج العراق الى زيادة الانتاج المحلي من الكهرباء من أجل توفيرها ، وقد لجأ الى استيراد كميات الغاز الايراني لحل أزمة الكهرباء ويعتمد على 50 مليون متر مكعب من الغاز الايراني يوميا ، وأعلنت الحكومة العراقية أنها تخطط لانهاء استيراد الغتز الايراني بشكل تام بحلول 2028 .