حرب الرسوم الجمركية وتأثيراتها على الأسواق الدولية والاقتصادين الأميركي والعالمي

 

 

زياد الرفاتي

لا زالت الحرب التجارية نتيجة فرض الرسوم الجمركية الأميركية  تتصاعد  بين الولايات المتحدة والصين  منذ الثاني من نيسان الجاري هزت دول العالم  واستدعت ردود أفعال وتهديدات من الدول  وتتسبب في حالة من الضبابية بالأسواق  العالمية و يمثلان الاثنان أكبر اقتصادين في العالم  ، وقد  بلغت ذروة الرسوم عند 145%  على الواردات الأميركية من الصين و125% على الواردات الصينية من أميركا .

ووفق ترمب فانه لن يسمح للدول باستغلال الولايات المتحدة تجاريا  ، ولن يفلت أحد من العقاب على الاختلالات التجارية غير العادلة والحواجز الجمركية غير النقدية التي استخدمتها دول أخرى ضد الولايات المتحدة وخاصة الصين التي تعاملنا أسوأ معاملة على الاطلاق .

 مضيفا أن كل ما عليه فعله هو فرض الرسوم الجمركية  وهي لعبة لتقوية الاقتصاد الأميركي ،  ومن الخسارة الى الربح فقد غير قواعد التجارة الدولية ، وأنه يفرض رسوما جمركية قياسية مع انخفاض تكلفة جميع المنتجات تقريبا  وعائدات الرسوم قد تغني الولايات المتحدة عن ضرائب الدخل  وقد تكون بديلا ماليا هائلا  وقد تصبح المورد المالي الأول لأميركا ، واستحضر التاريخ بقوله أن الرسوم كانت المصدر الوحيد للدخل في القرن التاسع عشر  .

 وأنه  منفتح على ابرام اتفاق تجاري مع الصين لكن على بكين أن تتخذ الخطوة الأولى ويدعو بكين للتواصل معه والكرة الان بملعب الصين  وسيتوصل  الى اتفاق تجاري جيدجدا مع الصين ، وتجري مفاوضات حول الرسوم مع أكثر من 70 دولة ولكن الأبرز في الأمر الصين أكثر من غيرها وجميع الدول بما فيها الصين ترغب  في عقد محادثات ، وسيتوصل الى اتفاق تجاري مع أوروبا بنسبة 100% ، ويتوقع صفقات تجارية قريبة لكنه ليس في عجلة من أمره .

 وتشير  صحف أميركية الى أن واشنطن تريد استغلال المفاوضات التجارية حول الرسوم الجمركية لعزل الصين من الساحة العالمية ، وأن السياسات الجمركية التي تنتهجها ادارة الرئيس الأميركي توفر للصين فرصة ثمينة لتعزيز حضورها الاقتصادي والدبلوماسي بدول جنوب شرق أسيا وكبديلا للحضور الأميركي .

 وتضيف أن وزير الخزانة الأميركي طرح خطة التعرفات الجمركية على ترمب  في حزيران 2024 وقبل فوزه بشهور  مهدت الطريق للتعرفات الجمركية كأداة للتفاوض مع الدول الأخرى  ، وتقضي بعزل الاقتصاد الصيني ومنع بكين وشركاتها من التملص من التعرفات وضوابط التصدير ، تمهيدا لاضعاف موقفها التفاوضي قبيل محادثات محتملة بين الرئيس الأميركي والرئيس الصيني وأنها حسب رأيه لا تقتصر على دورها في زيادة ايرادات الموازنة  العامة .

أما الوزير فيشير أن الصداقة مع الولايات المتحدة تقاس بالانسجام في السياسات الجمركية والتعاون التجاري والأمني وتشارك القيم ، وستصنف الدول وفقا لطبيعة علاقتها مع الولايات المتحدة الى ثلاث فئات : دول صديقة ، دول في موقع حيادي ، ودول غير صديقة ، ولكل دولة حرية اختيار طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة لكن عليها أن تتحمل تبعات هذا الاختيار .

وحسب مستثمرون كبار أنه عندما تم الاعلان الأميركي عن الرسوم الجمركية كانت مختلفة بشكل كبير عما توقعه الناس ، وكان ذلك صادما للنظام العالمي ، ويستغل فريق ترمب  مفاوضات الرسوم للضغط على شركاء واشنطن .   

فيما  تشترط الصين للحوار الاحترام لها ووقف التصعيد بالتصريحات الأميركية  قبل أي تفاوض ، وترى أن رسوم أميركا الجمركية عشوائية وسلبية وستتاجر مع المزيد من الأصدقاء  بدلا من ” تسديد الضربات ” وستصبح دولة جاذبة أكثر للاستثمار ،

وتسود حرب مستعرة بين واشنطن وبكين لكسب ولاءات الدول الاسيوية  ويبدو أنها تتجه وتتقرب من الصين يمثلون مجتمعين 60% من سكان العالم  وبدأت بعلاقات جديدة مع دول مجموعة ” بريكس ” .

وتحارب الصين ترمب بجولة أسيوية  وتحركات للرئيس الصيني بدأت في  دول جنوب شرق أسيا لحشد الدعم وتعزيز النفوذ  وشراكة أفضل وسط  التوترات والحرب التجارية ، واشارت الى  أن الرسوم الجمركية  الأميركية تشكل ضغطا على اقتصاد الصين وانخفاض أسعار السلع  الصينية قد يؤثر على أرباح الشركات والتوظيف .

فيما رهان ترمب على اليابان والهند  واستبدال المنتجات الصينية المستوردة بالهندية  .

 

 ولاظهار تأثير  ” صدمة الصين  ” فقد بلغت الصادرات الصينية لأسيا 586 مليار دولار في 2024 فيما تبلغ لجميع انحاء العالم 3،7 تريليون دولار  وبغضون أقل من عقد تجاوزت صادرات الصين نظيرتها الأميركية ، وقد نما الاقتصاد الصيني بنسبة 5،4% على أساس سنوي بالربع الأول 2025 متجاوزا التوقعات وأن شحن الصادرات الصينية قبل فرض الرسوم ساهم في تعزيز نمو الاقتصاد الصيني منذ بداية العام  الجاري .

 وخفضت بنوك عالمية  تقديرات النمو  الصيني الى 4% هذا العام ، فيما خفضت وكالة فيتش توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0،4% خلال عام 2025 .

ويؤكد خبراء  دوليون  في الاقتصاد السياسي  ورؤساء بنوك عالمية ، أن مسار هذه الحرب هو التصعيد ثم التفاوض وهو سمة النهج الأميركي باستخدام أدوات الضغط والمفاوضات والاملاءات  وشبيه بما انتهجته مع ايران في الملف النووي حيث صعدت ثم تفاوضت ، وتم فرض الرسوم  الجمركية تحت ذريعة حماية الاقتصاد الأميركي باجراءات أحادية الجانب  على حساب النظام التجاري العالمي وفرض الاملاءات على الدول ولم تستثن حليفا  وطالت الجميع كافة الحلفاء قبل الخصوم ، وأن الحلقاء فقدوا الثقة بصناع القرار في الولايات المتحدة وأصبح لدى الحلفاء  توجهات لحماية مصالحهم بينما الواقع من فرض الرسوم هو تقليص دور الصين .

وأن خطة ترمب للرسوم رحلة شاقة قد تزيد من خطر التدهور الاقتصادي وتدمر القوة الأميركية وعلى الكونغرس التدخل والحرب التجارية التي يشنها ترمب قد تفقد أميركا مصداقيتها لدى الدول الأخرى والرسوم المضادة تهدد الاقتصادين الأميركي والعالمي  .

وتشير التقارير الاقتصادية أن الاقتصاد الأميركي اليوم بات متمحورا حول الخدمات لا السلع وتصدر أكثر من تريليون دولار سنويا من الخدمات  مثل البرمجيات والبيانات والتقنيات  والخدمات المالية  وخدمات غير ملموسة مثل غوغل ومايكروسوفت  أكثر من تصنيع الأجهزة والالات ، وعودة التصنيع بشكل كامل غير واقعية بسبب تغير شكل الاقتصاد الأميركي .

ويسعى ترمب الى الدولار الضعيف شرطا لجعل الصناعة الأميركية عظيمة مجددا من خلال زيادة  الصادرات  وتساؤلات  مطروحة  فيما اذا سيبقى الدولار عملة احتياط عالمية في حال استهدف ترمب خفضه

وألقت حرب الرسوم الجمركية بتأثيراتها على الأسواق الدولية والاقتصادين الأميركي والعالمي ، وفيما يلي استعراض لأبرزها  :-

  • قطاع السيارات

 

تم فرض رسوم جمركية أميركية على كافة السيارات المستوردة من الخارج بعض النظر عن بلد المنشأ .

ووفق التوقعات  فان أسعار السيارات الجديدة سترتفع بنحو 4000 دولار  وهي زيادة غير مسبوقة ،  وانخفاض مبيعات السيارات القديمة بملايين الدولارات  ، وستضيف الرسوم الجمركية 160 مليار دولار على تكاليف قطاع السيارات  وسيتأثر القطاع بنسبة 20% من ايراداته  .

 وقد لمح ترمب الى احتمال منح قطاع السيارات اعفاء مؤقتا من الرسوم الجمركية .

وستنقل شركة هوندا انتاج سيارات كهربائية  المخصص للسوق الأميركية الى ولاية أنديانا من طوكيو ،  وقد ترفع شركة فورد أسعارها في أيار المقبل اذا استمرت الرسوم على السيارات ، وأوقفت التوريد الى الصين .

و عطلت رسوم ترمب الجمركية على قطع الغيار الصينية خطط ” تسلا ” الانتاجية  والتي يملكها  الملياردير الأميركي ايلون ماسك

 

  • الدولار والاقتصاد الأميركي .

 

خسر  الدولار جراء الرسوم الجمركية الجديدة وسجل مؤشر الدولار خسائر للأسبوع الخامس على التوالي  ،  وجاء على لسان وزير التجارة  الأميركي أنهم ليسوا قلقين على الدولار  .

 وحسب وكالة ستاندرد أند بورز فان ضعف الدولار قد يحفز تضخم الأسعار في أميركا لكن على المدى البعيد ارتفاعه محدود .

 وقد تراجع الدولار بسبب تراجع  الثقة به وبالاقتصادالأميركي الذي يشكل ربع الاقتصاد العالمي ، والتحول نحو الملاذات الأمنة  مثل الذهب والبيتكوين ، وخروج مستثمرين من أسواق الأسهم الأميركية الى الأوروبية أو الأسهم غير الأميركية . واستمرار قوة اليورو أمام الدولار  باعتباره كتلة  تداول أوروبية كبيرة  وبلوغه 1،14 دولار عند أعلى مستوياته في ثلاث سنوات  وبدأت الأسواق تسعر 1،20 دولار  ، وارتفاع  متوالي للجنيه الاسترليني والين الياباني أمام الدولار بسبب الرسوم الجمركية ، وتتهم أميركا اليابان بشأن اضعاف الين عمدا .

وقوة الدولار تكمن في كونه عملة تداول عالمية والقدرة الأمريكية على طباعة الدولارات وبثلاث مرات سنويا والقوة العسكرية بأساطيلها البحرية التي تجوب لحماية طرق التجارة العالمية  وناقلات النفط .

والدولار لن يختفي بين ليلة وضحاها لضعف البدائل من العملات ، وقد يتشكل على المدى غير القريب سلة عملات  ومنها عملة  مجموعة ” بريكس ” تتقاسم الدولار في التعاملات والمدفوعات  التجارية العالمية  وعملات الاحتياطي  .

ويشكل الدولار حاليا 58% من الاحتياطيات العالمية ، اليورو 20% ، الذهب 12% ، اليوان 3% ، الجنيه الاسترليني والين وغيرهما  7% .

ويتعذر على الذهب الاحلال محل الدولار في الاحتياطيات نظرا لمحدودية  كميات العرض منه في الأسواق العالمية .  

وحسب استطلاع رأي أميركي  فقد أظهر أن 74% من الأمريكيين يرون أن سياسات ترمب التجارية والجمركية ستعود  بالنفع على الأثرياء  ، وارتفاع نسبة الأمريكيين الذين يرون أن سياسات ترمب ستجعل وضعهم الاقتصادي أسوأ الى 49% ،  و65% يرون أن الرسوم الجمركية ستجعل الاقتصاد الأميركي أسوأ  على المدى القصير ، و75% يرون أن الرسوم الجمركية ستؤدي الى ارتفاع الأسعار على المدى القصير  ، و8% فقط  يرون أن الرسوم الجمركية ستجعل الاقتصاد  الأميركي أفضل على المدى القصير .

 وهناك 220 ألف وظيفة  بالقطاع الصناعي الأميركي مهددة بالشطب ، وخسائر متوقعة بمقدار 5200 دولار  لكل أسرة أميركية سنويا بسبب الرسوم .

ويتوقع غولدمان ساكس  على وقع  حرب الرسوم الجمركية  احتمالية ركود  الاقتصاد الأميركي تقارب 45%  في غضون 12 شهرا ، ويرى جي بي مورغان احتمالية 50% لحدوث ركود في أميركا والعالم  .

 ويسعى ترمب وفق التقارير لتحقيق انجازات تاريخية خلال المائة يوم الأولى  لولايته ، وتسود تظاهرات واحتجاجات عارمة  في الولايات المتحدة وقبالة البيت الأبيض ضد سياسات وقراراته  الصادرة خلال 100 يوم الأولى  لعهده  وتطالب بانهاء  حرب غزة وأوكرانيا والتضامن مع المهاجرين وطلاب الجامعات  وتندد يسياسات خفض الانفاق الحكومي وتسريح الموظفين الحكوميين .

وقد أرسلت الادارة الأميركية  اشعارات بانهاء خدمات الالاف من الموظفين في وزارة الخارجية وتقليص دورها في أفريقيا ، وأغلقت اذاعة صوت أميركا وقناة الحرة الفضائية الناطقتين باللغة العربية من باب ضبط النفقات .

وخلال المائة يوم خسرت أسواق الأسهم 13 تريليون دولار  منها 10 تريليون دولار للأسواق الأميركية  ، ووفقا  للمختصين فانه مهما ارتفعت  القيمة السوقية لاحقا فلن تعوض للعودة الى مستوياتها السابقة التي كانت عليه ، وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية الى أدنى مستوى في أربعة عقود ، و الدولار  الأسوأ أداءا أمام العملات الرئيسية  وسط  مخاوف من استقلالية الفيدرالي  والتشكيك بقدرته على تحديد السياسة النقدية بشكل مستقل في عهد ترمب ، وانهيت  خدمات 216 ألف موظف حكومي أمريكي .

 

  • معدلات الفائدة الأميركية

 

يشير رئيس الفيدرالي الأميركي  الأربعاء  الى أن الوضع لا يزال غير مؤكد بدرجة كبيرة  وهذا يعني تقلبا كبيرا في تحركات الأسواق ، ولكن ومع ذلك فان الأسواق  ما زالت تعمل على الرغم من التحديات وتتضرف كما هو متوقعا منها في ظل الظروف الحالية   ويعتقد بعض الناس أن الفيدرالي سيتدخل اذا انهار سوق الأسهم وسيقول  لا ، مع تقديم تفسير لذلك ، وما يراه يحدث في الأسواق هو أنها تحاول استيعاب ما يجري  وأن الأمر يتعلق بالسياسات وخاصة سياسة التجارة  والسؤال الحقيقي هو الى أين ستتجه هذه السياسات وأين ستستقر في النهاية  ونحن لا نعرف ذلك بعد ،  وحتى نعرف لا يمكننا القيام بتقييمات  مدروسة ومستنيرة فالوضع لا يزال غير مؤكد بدرجة كبيرة ، وحتى بعد أن تتضح السياسات ستظل الاثار الاقتصادية غير مؤكدة الى حد كبير ، ويستبعد أي تدخل بالأسواق معتبرا تقلباتها ” طبيعية ” في ظل عدم اليقين .

وحتى الان فالرسوم الجمركية تعني على الأرجح تضخما أعلى  وقد تسبب الضرر لأهدافنا و ستنعكس جزئيا على دخل المواطنين الذين سيتحملون جزءا من كلفتها ونموا أبطأ ومن المحتمل أن يرتفع معدل البطالة مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي ، وسياسات ترمب في مرحلة التطور وأثارها لا تزال غير مؤكدة ومن المرجح أن تؤدي أثار هذه السياسات الى ابعادنا عن أهدافنا ، ويمكننا انتظار وضوح الرؤية بشأن تداعيات الرسوم الجمركية على التضخم والاقتصاد  قبل تحريك السياسة النقدية بخفض الفائدة .

 وعلق ترمب بقوله أن  قرارات رئيس الفيدرالي دائما متأخرة وخاطئة للغاية  وكان عليه تخفيض سعر الفائدة  وناقش اقالته أكثر من مرة  بسبب تردده في تخفيض سعر الفائدة لكن اقالته لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية  والذي يحظى باستقلالية تامة  ولا يملك السلطة لاقالته  ، ويعتقد أن رئيس الفيدرالي سيخفض سعر الفائدة .

وعلقت وزارة المالية الفرنسية بأن اقالة رئيس الفيدرالي سيضعف  موثوقية ومصداقية الدولار وقد تزعزع  استقرار الاقتصاد الأميركي  .

ويرى خبراء اقتصاديون أن تصاعد خطر تعطل الأسواق لمستويات مقلقة لم تعد لعبة شد بين واشنطن وبكين بل صراع داخلي بين  البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي وهناك اختلاف في الأولويات بين الطرفين  ،         اذ  يسعى ترمب الى تخفيض الأسعار  بينما يرى الفيدرالي ان سوق العمل ما زال قويا ومعدل البطالة منخفضا ،

 وتنتهي ولاية رئيس الفيدرالي في ايار 2026 والتساؤلات فيما اذا سيكمل  مدته أم سيستقيل قبل ذلك .

 

  • سندات الخزانة الأميركية

 

لا تزال سندات الخزانة الأميركية خيارا أمنا للاستثمار حسب رئيس جي بي مورغان بعد عمليات البيع التي تمت على السندات بتقليص الحيازة  منها  وخاصة من الحكومة الصينية ومستثمرين صينيين  لصالح الاستثمار في أدوات الدين الأوروبية ، و الصين هي ثاني دولة بعد اليابان في حيازة السندات الأميركية  . وقللت وزارة الخزانة الأميركية من أهمية البيع الأخيرة في سوق السندات  بأنه لا  خطر من استخدام الصين سندات الخزانة سلاحا ضد أميركا رغم تقلبات سوق السندات  وأنه اذا باعت  سندات الخزانة قسيتعين عليها شراء اليوان وهذا سيعزز عملتها مما سيفقد صادراتها ميزة تنافسية .

وعلى مدى سنوات طويلة ارتبط ارتفاع عوائد السندات بقوة الدولار ، وضعف الدولار  أدى الى أضعاف العوائد وتعالي الأصوات حاليا بفك ارتباط الدولار بالعوائد  مع التخوف  وعدم الثقة بكل الأصول الأميركية     أو المقومة بالدولار ،

ويرى مستثمرون كبار أن الولايات المتحدة لا تزال ” ملاذا امنا ” بفضل ازدهارها ، وسيادة القانون فيها ، وقوتها الاقتصادية والعسكرية .

وقد قفزت  حيازة الأجانب في سندات الخزانة الأميركية خلال شباط الماضي وقبل فرض الرسوم  لأعلى مستوى في تاريخها  .

ورفع المستثمرون الأجانب حيازاتهم من السندات الصينية بمقدار 37 مليار دولار منذ بداية العام الجاري ، ورفعت الصين انفاقها الحكومي لأعلى مستوى في ثلاثة أعوام خلال الربع الأول  من 2025 ليصل الى  1،3 تريليون دولار . 

 

  • الأسهم

 

أطاحت الرسوم الجمركية بأسواق الأسهم الأميركية والعالمية  ، وقد خسرت أسواق الأسهم الأميركية 10    تريليونات دولار منذ حكم  ترمب في العشرين من كانون الثاني الماضي  ، منها 6 تريليونات دولار   في أسبوعين  منذ الثاني من نيسان الجاري ،  و39  مليار دولار خسائر أسهم  أكبر عشر شركات صناعة أدوية أميركية  في ظل تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية من  الأدوية  و630 مليار دولار خسائر أسهم أكبر سبع شركات تكنولوجيا أميركية  ، في يوم واحد .

ولم يكترث ترمب لانهيارات الأسهم لكن غير موقفه بالوقف المؤقت للرسوم لمدة 90 يوما لمنح فرصة  للدول للحوار والتفاوض بعد  تأثر أسواق السندات الأميركية وتضررها بشدة من حرب التعرفات الجمركية  كون قوة الدولار وقدرة أميركا على الاستدانة مرتبطة بالسندات .

وتشهد مؤشرات الأسهم الأميركية أداء متباينا  مع مخاوف الركود ، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي خفضا ملحوظا لتقديرات النمو ويستبعد الركود .

ويشير  تقرير الاستقرار المالي العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي  أن التوترات الجيوسياسية والتجارية قد تتسبب في حركة تصحيحية كبيرة بأسواق الأسهم .

 

  • الذهب

 

في ظل التعرفات الجمركية،   تسود توقعات متفائلة باستمرار ارتفاع أسعار الذهب  وقد صعد بأكثر من 21% منذ بداية العام الحالي وحتى  الان وسجل أعلى مستوى على الاطلاق في تاريخه العالمي متجاوزا 3300 دولارا للأونصة  ويحلق عند مستوى 4000 دولار ، ورفع غولدمان ساكس توقعاته لأسعار الذهب الى 3700 دولارا بنهاية 2025 و4000 دولارا في منتصف 2026  وسط تزايد الطلب على الذهب  باعتباره  من الملاذات والأصول الامنة  وعدم كفاية المعروض العالمي  لتلبية الطلب مع  تراجع  الدولار والمخاوف من الحرب التجارية  والركود  ،  واستمرار البنوك المركزية بالشراء في 2025 ولم تتوقف عند 2024 حيث زاد المتوسط الشهري للشراء  من 70 طنا الى 80 طنا ، اضافة الى الصناديق المتداولة بالذهب .

وتشتري الصين  الذهب بكثافة  للشهر السادس على التوالي لتعزيز احتياطياتها .

 

  • النفط

هبطت أسعار النفط تحت وطأة الحرب التجارية  بين الصين وأميركا  وبعد تهدئة المخاوف بشأن الامدادات بفضل تقدم المحادثات النووية الأميركية الايرانية على مستوى المبعوثين السياسيين  بعد انتهاء جولتها الثانية التي عقدت في روما السبت الماضي والانتقال بها الى المحادثات الفنية على مستوى الخبراء بين الطرفين السبت المقبل لتعود الى  مسقط  للوساطة  العمانية  في جولة ثالثة .

 ويواصل النفط خسائره مع ترقب تأثيرها على توقعات النمو ،  وخفضت منظمة أوبيك  تقديرات نمو الاقتصاد العالمي الى 3% في عام 2025 وتوقعات نمو الطلب العالمي على النفط عند 1،3 مليون برميل يوميا للعام  الجاري بسبب ضعف الطلب ، و خفضت وكالة فيتش توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0،4% خلال عام 2025 .

 والتوقعات بتراجع الصادرات الأميركية بنسبة 13% والتجارة العالمية بنسبة 15% ، فيما ناشد رئيس البنك الدولي الدول النامية خفض الرسوم الجمركية .

 ويتوقع غولدمان ساكس انخفاض أسعار النفط الى متوسط 63 دولارا بنهاية 2025  و58 دولارا في عام 2026 .

 

  • صنع في أميركا – كم سيكلف تصنيع هاتف أيفون

 

تقول ادارة الرئيس الأميركي أن لديها العمالة والموارد اللازمة لصناعة هواتف أيفون داخل الولايات المتحدة  والاستغناء عن الصين .

 وتشير شركة أبل أن تصنيع أيفون بأميركا سيرفع التكلفة بأكثر من 25% بسبب ارتفاع الأجور  حيث  تكلفة العمالة بالصين تبلغ  4 دولار بالساعة بينما يبلغ الحد الأدنى في أميركا 17 دولار ،  وتكلفة العمالة لاختبار أيفون في أميركا ستصل الى 200 دولار مقارنة مع 40 دولار في الصين وأن سعر أيفون            ” أميركي الصنع ”  قد يصل الى 3500 دولار .

 وتجميع الايفون بأميركا لا يلغي الحاجة لاستيراد أجزاء أخرى ( المعالج من  تايوان والشاشة من كوريا الجنوبية ) .

ولا ترفض الشركة فكرة تصنيع الايفون بأميركا علنا  لكنها لم تدعمها بوضوح ، وقد تنتج حجما منخفضا  بأميركا كخطوة رمزية لأرضاء الادارة الأميركية .

 

  • اقتصادات الاتحاد الأوروبي

 

أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لازالة الرسوم على المنتجات الصناعية مع أميركا بشكل متبادل وطرح      ” صفر رسوم جمركية ” بين الجانبين ، ويدرس فرض قيود على الواردات الأميركية اذا فشلت المفاوضات التجارية بينهما .

وفي بريطانيا وعقب فرض رسوم جمركية أميركية عليها بنسبة 10% ، بدأت الشركات بالاستغناء عن موظفيها بأسرع وتيرة منذ بداية جائحة كورونا ، وأعلنت فرنسا أن تعرفات ترمب الجمركية تسببت في زعزعة الثقة بالولايات المتحدة حول العالم .

وقد خفض المركزي الأوروبي الخميس الفائدة الأوروبية في ظل التوترات التجارية وكما كان متوقعا بمقدار 25 نقطة أساس لتصبح 2،25% لتحفيز الاقتصاد ، وأن أفق النمو الاقتصادي تدهورت في ظل الحرب التجارية .

 

  • اقتصادات دول الخليج

 

حسب أكاديميون خليجيون في الاقتصاد ومصرفيون  ومسؤولين في صندوق النقد الدولي ، فان تأثير  الرسوم الجمركية الأميركية هامشي على اقتصادات دول الخليج وتستهدف دولا رئيسية من مستوردي النفط الخليجي  ، والمنتجات النفطية معفاة من الرسوم الجمركية الأميركية ، ويجب على دول الخليج التعاون والبحث عن أسواق جديدة وتنويع الاقتصاد وصياغة استراتيجية موحدة تدعم استدامة الاقتصادات العربية حيث نعيش تحديات وحالة عدم يقين تؤثر على اقتصادات المنطقة  ونشهد تقلبات صعبة على الساحة العالمية  وسوف يتم التغلب على التحديات  بسبب الاستقرار وبيئة العمل الجيدة  والتطورات الاقتصادية تؤثر على الأسواق المحلية لكن نستطيع التغلب على أثارها ، ومن الضروري دعم  الدول الخارجة من النزاعات .

وتقول وكالة فيتش أن أثر التعرفات الجمركية الأميركية على البنوك الخليجية محدودا  وستؤثر بشكل طفيف على بيئة عملها وهي في وضع جيد لاستيعاب أي تأثيرات سلبية من تلك التعرفات ،  والنفط والغاز يستحوذان على حصة الأسد من صادرات الخليج الى الولايات المتحدة مما يجعل غالبية الصادرات معفاة حتى الان من أي رسوم ، وتراجع  أسعار النفط  نتيجة التباطؤ الاقتصادي العالمي  قد  يخقض الانفاق الحكومي  في دول الخليج مما يؤثر بشكل مباشر على بيئة عمل القطاع المصرفي ، وأن البنوك الخليجية قادرة على التعامل مع أي تحديات لبيئة العمل وسط قوة رساميلها والمستويات الجيدة للسيولة   .

 

  • قطاع الطيران العالمي

 

يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي استمرار نمو قطاع الطيران في 2025 وبنسبة 6% تقريبا عن 2024 بناء على جميع الأدلة التي لديه في الوقت الحالي وأن قطاع  الطيران في حالة جيدة وينبغي أن يكون 2025 عاما جيدا للقطاع  وربما يمثل انخفاض أسعار النفط فرصة سانحة  وهو التكلفة الأكبر بالنسبة لشركة الطيران  وتمثل في المتوسط حوالي 25% من قاعدة التكاليف لديها  ويعتبر أمرا ايجابيا  بالنسبة لشركات الطيران  نظرا لأهمية وقود النفط بالنسبة لقاعدة تكلفة شركة الطيران  ويعتبر ايضا أمرا ايجابيا صافيا بالنسبة لصناعة الطيران ، وأنه لا يبدو أن هناك تأثيرا كبيرا للتعرفات   الجمركية  على قطاع الطيران في العالم  الا عندما يكون هناك وضوح أكبر بشأن فرض التعرفات  ، باستثناء  بين أميركا وكندا حيث أعلمت شركات الطيران الكندية  الاتحاد أنها تشهد انخفاضا طفيفا في الطلب على السفر بين البلدين .

ويتوقع الاتحاد نمو حركة الطيران بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة بنسبة 8% في 2025 .

وأشارت  نبويورك تايمز الى  اضطرابات متوقعة  في أسعار بيع طائرات بوينغ  وايرباص بسبب الرسوم الجمركية  الأميركية . 

 

  • وقف تمويل جامعة هارفارد

 

 تأسست جامعة هارفارد  عام  1636 ميلادي في القرن السابع عشر  أي قبل أربعة  قرون عندما كانت أميركا تحت الاستعمار  تعافبت عليها عدة دول أوروبية واخرها بريطانيا  وسكانها الأصليون  تحت الاحتلال كانوا من الهنود الحمر الذين اندثروا نتيجة الحروب وانتشار الأمراض  التي نقلها المستعمرون  والتهجير الى الخارج ,  واستقلت عام 1776 .

 

أوقف ترمب تمويل جامعة هارفارد الأميركية البالغ  2،2 مليار دولار سنويا بسبب تحديها قرارات له وعدم الانصياع لها ، مع مخاوف من الغاء الاعفاء الضريبي الذي تتمتع به الجامعة  والتهديد بمنعها  من تسجيل الطلاب الأجانب  ، وتبلغ موازنة الجامعة 53 مليار دولار .

وبعد وقف ترمب تمويل الأبحاث ، فقد دعت  فرنسا العلماء للعمل من باريس .