نبض الأمل… مركز الحسين للسرطان. كتب خميس مجدلاوية

في قلب العاصمة، عمان يقف مركز الحسن للسرطان شامخًا كمنارة أمل تحمل في طياتها حكايات عن صراع الحياة ورحلة الشفاء. من الخارج يبدو المبنى حضاريًا، يعكس الحداثة والنظام، لكن في داخله ينبض بعالم مختلف، عالم تحفه مشاعر مختلطة بين الأمل والخوف، بين الانتظار والصبر.
أنت تدخل من بوابته لتجد نفسك في عالم مزدحم بالأرواح المتعبة، لكنها ممتلئة بالعزيمة. على المقاعد، يجلس المرضى وذووهم. ترى امرأة شابة تنظر بقلق إلى الأرض، تحاول أن تخفي رجفة يديها، بينما تمسك بورقة تحمل نتائج فحصها. بجانبها رجل كبير في السن، يتحدث إلى موظفة بابتسامة خفيفة لكنه يحمل في عينيه أطنانًا من القلق.
الممرات ممتلئة بحركة الموظفين، أطباء وممرضين وإداريين، يتحركون بخفة كأنهم خيوط خفية تنسج تفاصيل حياة كل مريض هنا. تراهم يبتسمون رغم ثقل المهام التي يحملونها، يحنون رؤوسهم للاستماع إلى شكاوى المرضى، ويعملون جاهدين لتخفيف الألم، ليس فقط بالجسد، بل بالروح أيضًا.
في زاوية أخرى، تجلس مريضة شابة، عيناها تحملان خليطًا من الإرهاق والتساؤل. ترفع رأسها في كل مرة ترى أحدًا يمر بجانبها وكأنها تنتظر إجابة، تنتظر أن يخبرها أحدهم أن الأمور على ما يرام. وعلى الجانب الآخر، هناك طفل صغير يلهو بسيارة لعبة، يحاول أن يتناسى وجوده في هذا المكان، بينما والدته تحاول أن تخفي دموعها خلف غلاف كتاب تقرأه بصوت خافت.
في هذا المكان، الوقت ليس مجرد دقائق وساعات، بل هو لحظات تختلط فيها الأحاسيس. مريض ينتظر دوره لدخول جلسة العلاج الكيميائي، وآخر ينتظر نتائج تحاليل دمه، بينما امرأة تمسك هاتفها بجانب قلبها، تنتظر مكالمة قد تحمل معها بشرى مطمئنة أو خبرًا يدفعها للركض إلى الطوارئ للحصول على جرعة دم.
لكن رغم الألم، هناك شعور قوي يملأ الأجواء: الأمل. الأمل الذي تحمله العيون رغم شحوبها، الأمل الذي يعكسه حديث المرضى لبعضهم البعض وهم يتبادلون قصص صمودهم. في مركز الحسن، لا يوجد مكان لليأس، فكل زاوية، وكل ابتسامة، وكل حركة موظف، تقول بصوت غير مسموع: “سنقاتل معك، وسنمضي معًا نحو الشفاء.”
هذا المركز ليس مجرد مبنى طبي. إنه مجتمع صغير يحمل حكايات البشر وصراعاتهم، يكتب قصص النصر، ويمسح دموع الخسارة. هنا، كل دقيقة تعني الكثير، وكل يد تمتد لمساعدة تعني حياة جديدة تُمنح، وكل خطوة في هذا المكان تقول إن الأمل ما زال حيًا، وإن الغد قد يكون أفضل
من قلبٍ مفعم بالتقدير والعرفان،
شكرًا لكل من رسم ملامح هذا الصرح الإنساني والطبي، ولكل إداري يعمل بصمت خلف الكواليس لضمان سير العمل بأعلى درجات الكفاءة والرحمة.
شكرًا من القلب لكل طبيب لا يدخر جهدًا في تشخيص، ومتابعة، ومرافقة المريض في طريق العلاج، ولكل ممرضة وممرض يزرعون الحنان في أروقة الألم، ويخففون الوجع بابتسامة ويد حنونة.
شكرًا للموظفين،و للمرشدين، ولجميع من يحملون رسالة هذا المركز على أكتافهم، ويجعلون منه بيئة مليئة بالكرامة الإنسانية، والأمل، والرعاية التي تستحقها كل روح تمر من أبوابه. ….
أنتم أكثر من مجرد كوادر… أنتم شركاء في الشفاء، وركيزة من ركائز الصمود، وسبب في إشعال نور الرجاء لدى من ظن أن النور قد خبا.
لكم منا كل الامتنان، والشكر والدعاء بأن يُجازيكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من خدمة إنسانية سامية