لا تلوموا العدوان بل لوموا من أفرغ البرلمان!

أسامة الرنتيسي –

 لو اقتنع النائب عماد العدوان أن الوسائل البرلمانية الأخرى من المذكرة النيابية إلى السؤال النيابي وحتى الاستجواب وحجب الثقة من الممكن ان تفعل شيئًا لَمَ احتاج إلى خطوة منع رئيس الحكومة من الوصول إلى مقعده.
على كل حال، حركة النائب العدوان، ذكية جدًا، ولفتت نظر الإعلام بشكل واسع، وكشفت عن ضعف رئيس مجلس النواب في مواجهة أية قضية تحت القبة، كما كشفت عن قلة الخبرة عند رئيس الحكومة الذي بدلَ استيعاب اللحظة والجلوس في أي مكان آخر تحت القبة، استفز وواجه الأمر كخلاف شخصي مع النائب الذي استطاع أن يكون خبر الأردن الأول طوال يوم الأربعاء، واحتل صفحات وتعليقات السوشيال ميديا بشكل بارز.
حركة العدوان الذكية، كشفت عن عقم النظر إلى موقع الكراسي، وأن ليس المهم الكرسي بل من يجلس عليه، وفورا فتح الأردنيون ذاكرتهم الوطنية وأخرجوا صورا لزعامات حقيقية كيف كانت الكراسي لا تعنيهم وهم الذين كانوا يصنعون مجدا للكرسي وليس العكس.
مرة أخرى؛ مَن أفرغ العمل البرلماني من أدواته الدستورية يتحمل أي سلوك يحدث تحت القبة، والنواب ليس بمقدورهم أن يفعلوا شيئا أمام تغول السلطة التنفيذية على قوت المواطنين سوى خلق حركات احتجاجية تكشف عن ضعف الأداء الحكومي وكيفية التصرف في الأزمات.
بعد المذكرة شبه الإجماعية على طرد سفير العدو الصهيوني ولم تحقق نتائج، وبعد مذكرة 95 نائبا تطالب الحكومة بتخفيض ساعات الحظر الليلي في شهر رمضان المبارك، وبعد العديد من المذكرات ومحاولات جمع مذكرات لحجب الثقة عن الحكومات كانت تنتهي دائما بثقة جديدة، لا أحد يلوم النائب عماد العدوان ولا غيره في أي اختراع جديد لشكل احتجاجي.
نعتب على الفعل البرلماني لفكرة المذكرات النيابية، وكيف يتم التعامل معها ببساطة في الأداء، وسرعة في التنفيذ، ما يُفقدها تأثيرها المباشر في الحدث، والأهم من ذلك صعوبة البناء عليها، فتظهر كأنها صوت في البرية مقطوع عن سياقه الطبيعي.
أكثر ما يغيظ في الفعل البرلماني المرتبط بالمذكرات تحديدا، أن قليلا من النواب الذين يوقعون تلك المذكرات لا يطلعون على فحواها، وإنما يضعون توقيعاتهم بناء على شخصية النائب الذي يقوم بإصدار المذكرة، وهناك نواب أصبحوا متخصصين في إصدار المذكرات البرلمانية، التي للأسف لا تتم متابعتها، ولا البناء عليها، ولا حتى السؤال عن مصيرها إن كانت وصلت إلى رئاسة البرلمان أم لا.
أكثر من مذكرة نيابية وصلت فقط للإعلام، ولم يتم بحثها أو بذل أي جهد من أجل طرحها على مجلس النواب، ولنا في مذكرات حجب الثقة عن الحكومة خير مثال على ذلك.
أروني مذكرة نيابية حققت فعلا على الأرض أو أحدثت تغييرا في قرارات حكومية.
الدايم الله….