مع سوريا بإصرار ..حمادة فراعنة

نختلف مع الإدارة السورية، كخلاف الأخ مع أخيه، والشقيق مع شقيقه، ومع ذلك نحن مع سوريا الوطن والشعب والدولة، بإصرار، لأكثر من سبب:

أولاً: نحن امتداد لبعضنا البعض، شعب واحد: مسلمين، مسيحيين، عربا، كردا، شركسا، شيشانا، أرمن، فنحن خليط متكامل متجانس، مقسوم بين حدود فرضتها علينا بلدان الاستعمار البريطاني الفرنسي، ولكنها لم تفرقنا، وتشطب مشاعرنا، ولن تستطيع.

ثانياً: أمننا مرتبط مع بعضه البعض، عند فتح الحدود، وعند الاضطرار لإغلاقها أمام تطرف مس سوريا ودمرها ومزقها، وتطرف مماثل حاول التسلل عبر حدودنا وفشل، وحاول تدمير مؤسسات أردنية من قبل خلايا كامنة وفشلت، ولذلك مصالحنا متطابقة، متكاملة، تفرض علينا التفاهم والتقارب والتعاون، مهما بدت عناوين الاجتهاد والاختلاف والتباين والتحالف؛ لأن ما يجمعنا أقوى وأعمق وأكبر مما يُفرقنا.

ثالثاً: لن نتمكن من فرض سياستنا على دمشق، ولن تتمكن عاصمة الأمويين من فرض سياساتها وأولوياتها علينا، ولذلك لا مفر من احترام بعضنا البعض، والتعايش مع الاختلاف، خلاف الأخوين والشريكين، من دون الانفصال والقطيعة والتصادم.

رابعاً: لا ننسى فضل السوريين، لا ننسى: صبري الطباع، رشيد طليع، عبد القادر الجندي، زكي الأدلبي، محمد علي بدير، بهجت الحمصي، تيسير البيطار، عبد الوهاب البغال، سعيد خير أبو قورة، رسلان الكسيح، محمد علي، عزت منصور، شفيق الحايك والقائمة تطول ممن ساهموا في بناء الأردن، وشركاء تقدمه وتطويره.

تتبدل الإدارات السورية، في العهود المتقلبة، منذ الاستقلال الشكلي أو الحقيقي، ولكننا كنا وسنبقى مع الخيار السوري، طالما شعبه يقبل ذلك، ويرضاه، اختلفنا أو تباعدنا، حينما تتلاشى مظاهر الاختلاف نعود إلى الثوابت والأصول فهي الأقوى مهما تقلبت الأوضاع وتشقلبت السياسات وتداعياتها.

لم نتورط، ولن نتورط، في المس بأمن سوريا وخياراتها، ولا يحق لنا التدخل في شؤونها الداخلية، لأننا لا نقبل لأحد أن يتدخل في شؤوننا الداخلية، هي السمة الرئيسة للسياسة الرسمية للدولة الأردنية، ومصلحتنا في وحدة التراب السوري والدولة، ولهذا كانت أحد عناوين الاهتمام الأردني في رحلة واشنطن الملكية، سواء في الحوار مع الرئيس جو بادين، أو طواقم صناعة سياسته في البيت الأبيض والخارجية والكونغرس والمؤسسات الأمنية، بهدف زعزعة قانون قيصر المجحف، أو تخفيفه؛ لما له من أثر سلبي على استقرار سوريا، وباتجاه خروجها من مأزق الدمار والخراب الذي مسها لسنوات.

قانون قيصر ندفع أثمان سلبياته بعد سوريا، ولذلك تعمل عمان على إخراج الأردن من تعسفه، وإذا نجحت عمان ستفتح ثغرة في جدار الحصار المفروض على سوريا بفعل قانون قيصر ومن يقف خلفه.