الأردن يزهو بالإستقلال بقلم #عاكف_الجلاد

في الخامس والعشرين من أيار ، يطلّ الأردن على فجر ساطع في ذاكرة الوطن ، يوم خالد لا يُنسى ، إنه يوم الاستقلال ، اليوم الذي نحتفل فيه بميلاد الدولة الأردنية الحديثة ، الدولة التي وُلدت من رحم الصبر والكفاح ، وخرجت عام 1946 من عباءة الانتداب البريطاني إلى واقع سياسي معقّد في إقليم لم يعرف الأمن أو الاستقرار يومًا .

دولة شابة ، محدودة الموارد ، لكنها عملت على بناء نفسها رغم التحديات ، مستندة إلى شرعية تاريخية ، ودينية ، وإرادة سياسية صلبة ، وتلاحم نادر بين قيادة حكيمة وشعب وفيّ شجاع ، ومضت تشق طريقها بثبات في ميادين العمل والبناء والنهضة ، بعيدًا عن الهتافات والشعارات ، مستندة إلى العمل الجاد والواقعية السياسية .

ما تحقق خلال تسعة وسبعين عامًا ليس مثاليًا ، لكنه واقعي وحقيقي وملموس ، فقد حافظ الأردن على استقلاله السياسي وقراره السيادي ، رغم كثرة الضغوط الإقليمية والدولية ، ورغم كلفة المواقف في كثير من الأحيان .
وقد كان ذلك بفضل الوعي الوطني لدى الشعب والحكمة لدى القيادة ، واستعداد الأردنيين الدائم للتضحية ، مؤمنين بأن الوطن أمانة ، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا وأخلص النية.

القيادة الهاشمية ومنذ عهد الملك المؤسس وحتى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ، وازنت بحكمة بين الثوابت الوطنية والمستجدات ، وبين الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية والانفتاح على العالم ، وقد لعب الجيش العربي والأجهزة الأمنية دورًا محوريًا في حماية هذا التوازن ، بمهنية عالية جداً وانضباط رفيع ، وولاء صادق لله والوطن والعرش ، بعيدًا عن الاستعراض أو التسييس.

اليوم ، وبعد مضي ما يقارب الثمانية عقود من الاستقلال ، يبقى التحدي الأهم هو صون الدولة وحمايتها من الداخل ، والصمود في وجه التحديات ، وتعزيز قوة الاقتصاد الوطني ، والإيمان بأن الأردن لا يُحمى إلا بسواعد أبنائه ووحدتهم حول دولتهم ومؤسساتها.

وفي هذه المناسبة العزيزة ، نجدّد العهد بالوفاء للقيادة الهاشمية ، لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، سليل المجد وحامل الأمانة ، الذي مضى على نهج الأجداد والآباء حارسًا لأمانة الوطن ، وراسمًا دروب المستقبل بحكمة واقتدار ، كما نضع الأمل في ولي عهده الأمير الحسين فارس الجيل الجديد ورمز الاستمرارية الوطنية.

نقف بإجلال للجيش العربي الباسل ، ولكل منتسبي الأجهزة الأمنية ، الذين يسهرون على أمن الوطن ويحرسون القلوب قبل الحدود ، ويشكّلون سورًا منيعًا أمام كل من يحاول العبث بأمن الأردن واستقراره.

نفخر بشعبنا العظيم ، الذي كلما اشتدت عليه المحن أثبت أن معدنه من ذهب لا يصدأ ، وأنه شعب لا تنكسر عزيمته ولا تنطفئ جذوة انتمائه ، ويبقى التوكل على الله عنصرًا ثابتًا في معادلة الصمود والبناء.

ولا ننسى شهداءنا الأبرار الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة ، فهم من غرسوا فينا الإيمان بأن حماية الوطن شرف لا يُضاهى ، وأن من يسير في درب الشهادة خالد لا يموت.

ولأن الأرض أمانة ، والوطن نعمة ، والإخلاص فريضة ، فإننا نعاهد الله أن نحفظ إرث هذا الاستقلال وأن نرفع راية الوطن ، وأن نغرس في أبنائنا أن الأردن ليس مجرّد جغرافيا أو وثيقة سفر ، بل وطن وهوية ثابتة لا تتبدل.

وكل عام والأردن وقائده وشعبه بألف خير