دولة الرئيس،
في زمنٍ تتصاعد فيه التحديات الوطنية والاقتصادية والإعلامية، تتقدم المواقع الإخبارية المستقلة إلى الصفوف الأمامية، دفاعًا عن الكلمة، وحمايةً للوعي، وخدمةً للوطن والمواطن. هذه المواقع لم تكن يومًا عبئًا على الدولة، بل كانت رافعة من روافعها، وصوتًا من أصواتها الحرة التي تصدح بالمسؤولية والانتماء، رغم شُح الإمكانيات وقسوة الظروف.
واليوم، بكل أسف، نجد أنفسنا أمام قرار نقابي جائر، يهدد وجود هذه المنصات التي يعمل كثير منها بلا عوائد تُذكر، وبجهود ذاتية تصل الليل بالنهار، فقط لنُبقي شُعلة الإعلام الوطني مشتعلة.
فقد فوجئنا بقرار صادر عن نقابة الصحفيين الأردنيين، يفرض رسوم اشتراك سنوية على المواقع الإلكترونية بقيمة 1000 دينار، ويعاملها معاملة الصحف الورقية اليومية ومحطات التلفزة والإذاعة، متجاهلًا الفارق الشاسع في الموارد والتأثير والنفقات.
بل إن بعض المواقع طُلب منها دفع أكثر من 11 ألف دينار دفعة واحدة، لتسوية مالية تم فرضها دون أدنى تشاور مع أصحاب العلاقة، ودون عرض واضح للخدمات التي ستقدمها النقابة مقابل هذه المبالغ الطائلة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عُرض على عدد من الزملاء تسوية تقضي بدفع 30% من المبلغ المستحق فورًا، وتقسيط الباقي بواقع 500 دينار شهريًا، في محاولة لتحصيل هذه المبالغ بأثر رجعي، دون مشاورة أو إشراك حقيقي للناشرين، ودون أي دراسة لأوضاعهم المالية أو متطلباتهم المهنية.
الخطير في الأمر أن هذا القرار تم تمريره في اجتماع حضره أقل من 20 عضوًا من الهيئة العامة، بعد أن فشل الاجتماع الأول في تحقيق النصاب القانوني، ليُعقد لاحقًا بمن حضر، ويتم فيه إقرار جدول أعمال يتضمن فرض هذه الرسوم، دون نقاش موضوعي أو تمثيل حقيقي لناشري المواقع.
وهنا يكمن الخلل التشريعي والأخلاقي؛ إذ لا يجوز اتخاذ قرارات مصيرية تؤثر على قطاع بأكمله في غياب ممثليه الحقيقيين.
دولة الرئيس،
نحن نعمل تحت مظلة قانون هيئة الإعلام، ونلتزم بتعيين رؤساء تحرير من أعضاء نقابة الصحفيين، ونتحمل كُلفة التشغيل، والرقابة، والمتابعة اليومية دون أية امتيازات. ومع ذلك، لا نجد من النقابة سوى مطالبات مالية، دون مقابل واضح، أو حتى بوادر تفاهم أو شراكة.
نحن لا نرفض التنظيم، ولا نتهرب من أي مسؤولية مهنية، بل نطالب فقط بالعدالة، والتمثيل، والاحترام لدورنا وجهدنا.
إن فرض هذه الرسوم بهذه الطريقة، ومن دون حوار أو دراسة أثر، يُعد شكلًا من أشكال الاستقواء الإداري، وقرارًا يعمق الأزمة بدلًا من حلّها.
دولة الرئيس،
ندعوكم بكل ثقة إلى التدخل الحكيم لإعادة النظر في هذه المعادلة المختلّة. لا نطلب إعفاءات، بل نطالب بمشاركة حقيقية في صناعة القرار الذي يمسّ عملنا ووجودنا.
إن مستقبل الإعلام الرقمي المستقل في الأردن على المحك، وأي ضغوط غير مدروسة ستدفع بالمزيد من الزملاء نحو الإغلاق، أو الهجرة إلى منصات أخرى، وهذا ما لا يريده أي غيور على الوطن وإعلامه.
إننا أمام مفترق طرق، فإما أن نؤمن بأن الإعلام شريك حقيقي في الإصلاح، أو نحاصره بالرسوم والعقبات حتى يخفت صوته، وتغيب رسالته.
دولة الرئيس،
ثقتنا بكم كبيرة، كما هي ثقتنا بالله، بأنكم ستنظرون بعين العدل إلى هذه الأزمة، وستضعون حدًا لما اعتبره كثير من الزملاء ظلمًا مؤسسيًا لا يليق بالإعلام ولا بمن يمثلونه.
دمتم حُماةً للعدالة، وداعمين للكلمة الحرة.
مع فائق الاحترام،
ثائر الزعبي
ناشر موقع الشعب نيوز