أعلن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في غير مناسبة ، كان اخرها كتاب التكليف السامي لدولة الاستاذ سمير الرفاعي رئيس اللجنة الملكية لتطوير منظومة الاصلاح ، انه يتطلع الى ” برلمان حزبي وحكومة برلمانية حزبية ” في المرحلة القادمة وأكد في كتاب التكليف السامي على انه يريد ان يرى مجلس نواب تتمثل فيه الاحزاب من كتل فاعلة وبالتالي تشكيل حكومة برلمانية تتولى ادارة شؤون البلاد .
ونظراً لأهمية الحق في تأسيس الأحزاب السياسية باعتباره أحد ادوات الديمقراطية والمشاركة العامة وانسجاماً بما ورد من كفالة هذا الحق في الدستور الأردني والميثاق الوطني والمعايير الدولية الناظمة للحق وما ورد من توجيهات ملكية في الأوراق النقاشية الملكية وكتب التكليف السامي الى الحكومات وخطابات العرش بضرورة تعزيز وتطوير القوانين الناظمة للمشاركة السياسية لأجل تحقيق الرؤى الملكيّة بقيام حكومة برلمانية. فالحديث عن موضوع دور الأحزاب السياسية في الشأن العام يُعد من موضوعات القانون والنظم الدستورية وقد ارتبطت بالنظام الديمقراطي وأصبحت احدى دعائمه ويصعب التخلي عنها في النظم السياسية الحديثة فلا ديمقراطية ولا حرية بدون أحزاب وتعددها ، وقد تعددت اشكالها وانظمتها وتنوعت مهامها وادوارها من بلد الى آخر تبعا لطبيعة تشكيلها وتشكل النظم السياسية التي توجد بها وبالتالي مستوى تطور الحريات السياسية والقوانين الانتخابية ، فالمجتمعات التي تسير وفي النهج الديمقراطي تلعب الأحزاب فيها دورا مهما في العملية السياسية والاجتماعية ، فلها أدوار في مجال التنشئة وزرع القيم والثقافة السياسية وتنظيم المشاركة في الانتخابات وبالتالي تكون بمثابة حقلة وصل بين الشعب والدولة لأنها تعكس رغبات الحزب الى جانب القضايا العامة التي تهم المجتمع وتقدمة للحكومة والبرلمان على شكل مطالب ومن ثم تعمل على نقل استنتاجاته حول سياسية الدولة الى الشعب، والمحصلة في النهاية تفعيل دور الفرد للمشاركة والمساهمة بعملية صنع القرار .
وفي الأردن وبعد مرور عقدين من وجود الأحزاب السياسية فقد دعمت التوجيهات الملكية عملية الإصلاح في مختلف وجوهه، وخاصة ذاك الذي يهدف الى تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار ، والوصول الى حكومات برلمانية تؤلفها الأحزاب ، وقد رسمت الورقة النقاشية الثانية خارطة الحكومة البرلمانية وحكومة الظل حين بينت ان مسار تعميق الديمقراطية في الأردن يكمن في الانتقال الى الحكومات البرلمانية الفاعلة لوصول الى مرحلة يشكل ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة وبالرغم من التجارب الدولية المقارنة تشير الى الحاجة الى عدة دورات برلمانية لانضاج هذه الممارسة واستقراراها الا ان ما يحدد الاطار الزمني لعميلة التحول الديمقراطي هذه هو النجاح في تطوير أحزاب سياسية على أساس برامجي ، تستقطب غالبية أصوات المواطنين وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على تحمل أمانة المسؤولية الحكومية ( الورقة النقاشية الثانية ).
وجاء في الورقة النقاشية الرابعة ان الهدف الاستراتيجي للإصلاح السياسي في الأردن هو تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، من خلال تعزيز نهج الحكومات البرلمانية ، بحيث نصل الى حكومات مستندة الى أحزاب برامجية وطنية وذلك على مدى الدورات البرلمانية القادمة ، بحيث تكون هذه الأحزاب قادرة على تحقيق حضور فاعل في مجلس النواب ، يمكنها من تشكيل حكومة اغلبية على أساس حزبي برامجي ، ويوازيها معارضة نيابية تمثل الأقلية ، وتعمل ضمن مفهوم حكومة الظل .( الورقة النقاشية الرابعة ) وبتحليل للأوراق النقاشية الملكية نجد انها رسمت خارطة الطريق في إحداث الاصلاح والتنمية السياسية في أركان الدولة الاردنية مرتكزة على ثمانية مبادئ أساسية وهي : الديمقراطية الحقة والتمكين الديمقراطي ،التحول الديمقراطي ومراحل هذا التحول ،التعددية الحزبية المؤثرة ،سيادة القانون عماد الدولة المدنية ،الحكومات البرلمانية ،تحديد الأدوار ومراحل التغيير والنضوج السياسي في السلطات الثلاث، بناء القدرات البشرية وتطوير منظومة التعليم، الحاكمية الرشيدة.
فعملية تطوير وإصلاح وتنمية الحياة السياسية بشكل فعّال يبدأ من خلق بيئة مناسبة لتداول السلطة بين مؤسسات شعبية ذات ثقل وبرامج طويلة الأمد ضمن مثلث الديمقراطية والحرية، الذي يتشكل من :الأحزاب و السلطة التشريعية والعملية الانتخابية بكل تفاصيلها، بهدف الوصول الى بناء أحزاب برامجيه وطنية واضحة ومهنية وذلك كون الأحزاب هي بيت السياسية ومهدها.
وبالاستناد الى ما تقدم ، نرى ان هناك ارادة سياسية واضحة لتعزيز العمل الحزبي الهادف الى الوصول الى حكومات برلمانية منتخبة ، وهذا ما يؤكده الوقت الراهن بتمثل الارادة السياسية وتشكيل لجنة ملكية لتطوير منظومة الاصلاح السياسي ، وما ورد في كتاب التكليف السامي لرئيس اللجنة بالعمل على تعديل قانون الانتخاب وقانون الاحزاب وقانون الادارة المحية وقانون البلديات واللامركزية اسس التحول الى الحكومة البرلمانية