عرس أردني في دَلاس!أسامة الرنتيسي

حجم الإغراءات التي توضع أمامي لتمديد الزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومضاعفة الشهر بشهرين، كبيرٌ جدًا، كان آخرها أنني قُدّت مساء الأحد جاهة لطلب خروج عروس من منزل ذويها إلى صديق ابني الأنتيم قصي ملكاوي، بتكليف من والده الذي منعته الغُربة وعدم الحصول على تأشيرة زيارة من حضور حفل زفاف نجله الوحيد.
عُرس قصي ملكاوي وأسماء الشلبي نموذج لأعراس الشباب الأردنيين في الغربة، الذين يبذلون جهدا كبيرا لإخراج زفة عُرس وحفل زفاف أقرب ما يكون لحفلات البلاد مثلما يطلق الشباب على أوطانهم عندما يتحدثون عنها.
للأسف؛ شبابنا تدفعهم ظروف وطنهم وفقدان الأمل في الحصول على فرصة عمل بعد الدراسة الجامعية ليقطعوا 11500 كيلو متر ليصلوا إلى بلاد الغربة في أميركا بحثا عن فرصة حياة، فيمضون سنوات وهم يبحثون عن طرق مختلفة للحصول على الإقامة القانونية في بلاد النظام والقانون والسيستم على المسطرة.
قصي ملكاوي، وحيد والديه المُدرِّسَين إضافة إلى ست بنات، دفعته مثلما دفعت ابني عمر ظروف الحياة والعمل وغياب العدالة في الاردن بعد تخرجهما في الجامعة الهاشمية من التفكير فورا في شارع المطار للبحث عن فسحة أمل.
لم تتمكن أسرة قصي من حضور حفل زفاف وحيدها، فحضرته على وسائل التواصل الاجتماعي حتى فجر الاثنين، وبقي والده مستيقظا يتابع فقرات العرس عبر التسجيلات التي نقلها له أصدقاء قصي، فيما بدأت والدته وشقيقاته فقرات العرس مبكرا في الزرقاء بحيث وضعن صورته فوق الطاولة وقمن بالغناء والرقص له والاحتفال بطريقتهن الخاصة كأنهن موجودات معه.
جملة مؤلمة أطلقها قصي نوعا من الدعابة على مشهد والدته وإخواته وصورته في المنتصف أوجعت قلبي، عندما قال “شعرت أنني شهيد وليس عريسا….”. لكن ما علينا…الفرح دائما يطرد كل الطاقات السلبية مهما كان وجعها.
أبرز مشاهد الجمال التي تلمسها عند الشباب الأردنيين في الغربة وفي أميركا تحديدا الشهامة والتماسك اللذين يعيشونهما معا، لقد حضر أصدقاء قصي وعمر إلى ولاية دَلاس من ولايات أخرى للمشاركة في حفل زفاف صديقهم النشمي.
بعضهم حضر مع عائلته، وبعضهم حضر وحيدا، أقاموا لقصي عرسا أنسوه فيه ضريبة الغربة وقساوتها.
شاركوا في حمام العريس بفرح وعلى أنغام وكلمات عمر العبداللات، وقادوا فاردة في شوارع دَلاس مارسوا فيها الممارسات نفسها في شوارع عمّان بحيث أغلقوا الشوارع أمام الأمريكان حتى تمر سيارات الفاردة، وأطلقوا العنان لزوامير سياراتهم مع أنه من المستحيل أن تسمع صوت زامور في شوارع أميركا، رقصوا وغنوا مع فرقة الزفة كأنهم أمام قاعات النُّعمان، ووضعوا نقوطا في صندوق لدعم صديقهم ومساندته في حفل زفافه لأن الأعراس في أمريكا مكلفة أكثر مما هي في الأردن.
هديل؛ منسقة دي جي، وضعت خلطة سحرية من الأغاني الأردنية والفلسطينية، رقص الجميع عليها من دون الالتفات إلى “الأصول والمنابت” ولا إلى تخرصات مرضى الإقليمية، وعند أغنية هاشمي هاشمي ارتفع الصوت والرقص كثيرا، لم تنافسه في ذلك سوى أغنية للقدس، فعند ذكر القدس قفز من كان يرقص عن الأرض وكادوا أن يطيروا فرحا.
حفلة العرس استمرت أربع ساعات، تخللها عشاء فاخر نقوط من صديق الشباب المستثمر الأردني الناجح في أميركا صاحب مطاعم “ابو عمر حلال” (محمد عمر الطواها) لم يتوقف فيها (علاء المحتسب، بهاء المحتسب، عدي الصادق ، أحمد الجنايده ، محمد الوديان ، طارق عطيه ، احمد الكيلاني ، أحمد ابو حمور ، حسام بني ياسين ، معتصم خظير ، مصعب مصطفى ،طلال أبو ريده ، مراد الحلو ،أنس سمحان ، خالد أبو حبيب ، محمد طقطاق ، أنس أبو رمان ، علي القيسي ، نادر القيسي ، سعيد يوسف ، لؤي الجيوسي ، فراس جمال الدين ، أبو خالد المطالقه، سعيد يوسف، محمد عدس، محمد أبو رؤوف، وعمر الرنتيسي) عن الرقص والفرح والغناء للعريس الزين قصي ملكاوي الذي تصاهر مع عائلة محترمة، أردنية من أصول فلسطينية، من قرية ارتاح محافظة طولكرم…ألف ألف مبروك…
والدايم الله….