في أوائل الشهر الحالي أصدر رئيس الوزراء التعميم الأولي لاعداد مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026 تمهيداً لاصدار بلاغ الموازنة ولتوجيه الوزارات والدوائر والمؤسسات لمباشرة العمل في تجهيز موازناتها بما ينسجم مع السياسة المالية للدولة وضمن الأطر المعتمدة التي تراعي التوجهات العامة.
وقد جاء هذا التعميم في وقت مبكر مقارنة بالتعاميم التي كانت تصدر في سنوات سابقة مما يعني منح الوقت الكافي لاداء هذه المهمة بأفضل صورة ممكنة.
كما أن ذلك سوف يتيح الاستفادة من بيانات الحسابات الختامية التي ستصدر في وقت لاحق، ويمكن أن يشكل فرصة لتوسيع المشاركة الواسعة في اعداد مشروع القانون والاستفادة من المقترحات التي يمكن أن تقدمها مؤسسات المجتمع المدني وممثلو المواطنين في السلطة التشريعية ومجالس المحافظات.
وتضمن التعميم عدداً من التوجهات الايجابية من أبرزها الالتزام بمتطلبات تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام والعناية بالمشاريع الرأسمالية التي اعتمدتها مجالس المحافظات، وتعزيز الربط بين التخطيط الاستراتيجي والموازنة العامة عبر التأكد من انسجام الأولويات والاهداف للدوائر مع مشاريعها وموازناتها.
بالاضافة الى مراعاة التوجهات الحكومية الرامية إلى ضبط الإنفاق العام وترشيده، مع عدم اغفال المطالب الخدمية والتنموية التي طُرحت خلال الزيارات الملكية لمحافظات المملكة، وكذلك المشاريع التي التزمت بها الحكومة واستيعابها ضمن السقوف المالية المحددة، والأخذ بعين الاعتبار الالتزامات الوطنية المتعلقة بالتغير المناخي واتفاقيات التمويل مع الجهات الدولية.
خلال السنوات الماضية أسهمت الوتيرة الجادة في تنفيذ الاصلاحات على تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات ومواصلة تحقيق نسب نمو ايجابية والمحافظة على نسب تضخم متدنية والحفاظ على سعر صرف العملة المحلية الامر الذي ساعد على تحقيق استقرار اقتصادي نسبي واستدامة مالية رغم الظروف غير الملائمة.
وفي خضم تسارع وتيرة الجهود المبذولة لاعداد موازنة العام القادم من المهم متابعة تنفيذ المشاريع والبرامج والمبادرات التي تساهم في تحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي والسير قدماً في انشاء المشاريع الكبرى وتسخير الموارد المالية المتاحة ضمن الأولويات التي تنعكس ايجاباً على الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين وتطوير البنية التحتية وصولاً الى تعزيز جودة الحياة، وكذلك تحسين إدارة الإنفاق العام عبر تقليص الهدر وزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي، وانتهاج سياسات مالية تساعد على تمكين القطاع الخاص، وتنمية الصناعات الوطنية، وتحفيز البيئة الاستثمارية وتوليد فرص عمل مستدامة.
تواجه المالية العامة عدداً من التحديات ومن أبرزها العجز المزمن في الموازنة العامة وأعباء الدين العام وارتفاع نسبة النفقات الجارية وغيرها، ورغم ما تحقق من انجازات الا أن الوعي بالتحديات التي تواجه المالية العامة يشكل ركناً أساسياً في اعداد موازنة تساهم في تحقيق تنمية مجتمعية مستدامة عبر اعتماد اجراءات محددة ومؤطرة زمنياً للتعامل مع هذة التحيات بهدف تقليص اثارها السلبية خلال السنوات القادمة وبما ينعكس على الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين مستوى معيشتهم وتوفير فرص عمل مستدامة للحد من ظاهرتي الفقر والبطالة وبث روح ايجابية لدى جميع شرائح وفئات المجتمع الاردني مع مراعاة التطورات العالمية والاحداث الاقليمية.
“الرأي”