مناورات للترسيم الجيوسياسي ! د. حازم قشوع

من أجل ترسيم نظام الضوابط والموازين تأتي المناورات العسكرية الايرانية الاسرائيلية، هذا ما يقوله بيان ترسيم الأحداث تماما كما فعلت من قبل الهند والباكستان بهدف ترسيم نفوذهم في إقليم جنوب آسيا، وتم اتخاذ قرار جيواستراتيجي شرعن نظام الضوابط والموازين بينهما والأمر ذاته يحدث بين طهران وتل أبيب التى راحت لتستخدم كل تكنولوجيا الجيل الخامس وحتى السادس الذي تمتلكه أمريكا للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط، الا ان نتائج المناورة قد بينت “ان اسرائيل لن تنتصر كما ان ايران لن تنهزم”، وهذا ما استدعى من الرئيس بوتين وترامب بالتوافق على ضرورة وقف الحرب وعدم توسعها بعدما كان كلاهما قد فتح الباب فى البداية لإطلاق هذه المناورة العسكرية المحدوده بين البلدين، التى بينت ان اسرائيل لن تكون شرطي المنطقة وحدها ويجب أن تكون بالشراكة مع ايران، وربما ذلك سيفتح الباب أمام دور عربي قد يكون للرياض التى أظهرت موقفا واضحا منذ البداية عندما انحازت فيه لقرارات الشرعية الدولية التي ترفض الاعتداء على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تماما كما بينت ذلك الأردن في موقفه الضمنى المنحاز لقرارات الشرعية الدولية.

ولعل جملة المبتدأ هذه التي تعنى ان قرار وقف إطلاق النار قد اتخذ في الدائرة القطبية، وأن قرار شرعنة نظام جديد للضوابط والموازين أصبح قيد التشكيل فى الشرق الأوسط، فإن بيان ذلك ينتظر أن تؤكده التفاصيل التي ستبينها لاحقا المفاوضات الجارية بين أطراف دول المركز والصين، كما ستظهرها بطريقه غير مباشره تفاهمات القنوات الأمنية التي تجري بين اسرائيل غير المنتصره وإيران غير المنهزمة، وهو ما يعني أن مفاوضات ترسيم يتم بيانها بهذه الاثناء وينتظر أن يصاحبها الكثير من المتغيرات على مستوى الأنظمة السياسية بسبب حالة التغيير التي ستطرأ على طبيعة أدوار أنظمة المنطقة الوظيفية !.

خلاصة القول لقد أظهر الحلف “الصيني الباكستاني والايراني” تفوقه الجيوسياسي في المناورات الهندية الباكستانية كما فى المناورات الايرانية الاسرائيلية، الامر الذى يؤكد ان مشروع طريق الحرير مازال واصل ومتصل وان قوة هذا الحلف أصبحت واضحة للعيان حيث كان يمكن للصين حسم المناورة العسكرية لصالح ايران فى خضم المناوره الجارية بعدما قامت إسرائيل باستخدام تكنولوجيا الجيل الخامس فى ضرب مناطق فى ايران تعتبر مفصلية، حيث أذربيجان الشرقية عند الحدود الايرانية الباكستانية ومدينه تبريز حيث تكمن قوة الحرس الثورى ومركزها، اقول كان يمكن للصين حسم تفوق ايران على اسرائيل لو قدمت لإيران صواريخ “اتش كيو 19” لكنها آثرت أن لا تفعل على الرغم من قيام باكستان بشراكة عضوية مع ايران بتحديد النووي الاسرائيلي.

لكن هذه الخلاصة تحمل استنتاج ايضا مفاده يقول ان هناك مثلث “اسلامي” باكستاني ايراني تركي اخذ يحكم جنوب ووسط آسيا ويظهر قوة ووزن ثقيل فى بيت القرار، وهو الثقل الذى يمكن الاعتماد عليه فى حفظ سلامة مناطق نفوذه واما المناطق المجاورة فإنها ستبقى تنتظر ما ستحمله تفاصيل الحالة الجيوسياسية من احداث قبل الشروع فى عملية التعميد الى حين انتهاء نتنياهو من محاولاته في السيطرة الاحادية والاعلان عن طي صفحة مرحلة، لكن الأمر الاستراتيجي أخذ يبين أن “دولة عربية” شرق أوسطية ستكون شريكة لإسرائيل من الناحية الجيوسياسية لبناء منظومة مرجعية أمنية للمنطقة بعدما شرعن دور ايران صينيا، ولن تكون اسرائيل وحدها قادرة على ترسيم الجمل الأمنية والعسكرية بالمنطقة لصالح المرجعية الغربية التى ستكون بديلة عن الناتو، كما تبينها سياقات الأحداث قيد التشكيل فى الترسيم الجيوسياسي.