في خضم هبات هذا اللهيب الذي يغطي سماء المنطقة التي تتميز بثرواتها الاستراتيجية وموقعها الجيو سياسي الحسّاس، تحولت إلى رقعة شطرنج كبرى تخضع لمناورات القوى الدولية ، لكن الخطر الأكبر اليوم لا يكمن في الصراعات القائمة فحسب، بل في إدراج المنطقة كاملةً ضمن ما يُعرف بـ “اللعبة الكبرى” – صراع النفوذ الذي تتصارع فيه القوى العظمى على حساب أمن واستقرار شعوب المنطقة.
ونستطيع القول إن باب جهنم سيكون عنوان المرحلة القادمة اذا تطورت الحرب ما بين الكيان الغاصب وايران وهذا سيؤدي الى سيناريو كارثي بخطورة بالغة فأي استهداف حقيقي للقواعد الأمريكية داخل الخليج العربي، سواء بضربة عسكرية مباشرة أو عمل تخريبي كبير سيكون هذا الحدث ليس مجرد تصعيد عسكري معتاد؛ بل هو بمثابة “فتح لباب جهنم” وقد يكون ذلك وفق خطة دولية دقيقة الصنع ، فالاستهداف المباشر للمصالح الأمريكية في قلب المنطقة سيكون الذريعة الذهبية التي تنتظرها بعض الأطراف لتحريك آلة حرب شاملة.
وكلنا نعلم بوجود اجندة خفية لإيجاد فوضى خلّاقة في منطقتنا لتحقيق مكاسب كبرى .
وسيكون الهدف من وراء إشعال هذا المسرح الجديد للحروب داخل الأراضي العربية (من خلال استهداف القواعد الأجنبية) واضح ومخيف قد يهدف لخلق “انفلات أمني شامل” في منطقة الخليج، الذي يعد عماد الاقتصاد العالمي بثروته النفطية الهائلة ، وهذه الفوضى ليست عشوائية، بل هي “فرصة ذهبية” تُمكّن القوى المهيمنة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، من تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى تتمثل في السيطرة المطلقة على البترول من خلال السيطرة الفعلية على تدفق النفط ، إلى
جانب تعزيز هيمنة الدولار وربط الاقتصاد العالمي أكثر فأكثر بالدولار الامريكي من خلال التحكم في مصدر الطاقة الرئيسي ، إضافة إلى الهيمنة على القرار السياسي و فرض الإرادة السياسية على دول المنطقة في ظل حالة الضعف والفوضى.
أن المنفذ الوحيد يتمثل في توحيد الإرادة العربية وإغلاق القواعد العسكرية لمواجهة هذا المخطط الخطير الذي يحوّل المنطقة إلى ساحة صراع تدفع ثمنه الشعوب العربية، ولا نملك الا حل استراتيجي وحيد لا بديل عنه للنجاة يتمثل في توحيد القرار العربي و ضرورة تجاوز الخلافات الثانوية وتشكيل جبهة عربية موحدة تمتلك رؤية مشتركة لأمن المنطقة ومصالحها، تعمل ككيان واحد في مواجهة المخططات الخارجية.
إن إغلاق القواعد الأجنبية بالكامل وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي المباشر على الأراضي العربية تعد تلك بالخطوة الأهم لاستعادة السيادة الحقيقية ، فوجود هذه القواعد هو الشرارة المحتملة للحريق الكبير، وهو الأداة التي تُستخدم لفرض الهيمنة وتبرير التدخلات،
فاغلاقها يحرم الأطراف الدولية من ورقة الضغط المباشر ومن “ذريعة” التدخل العسكري الواسع تحت دعاوى الحماية.
واخيرا ، فإن الشرق الأوسط يقف عند مفترق طرق مصيري طريق يؤدي إلى الانزلاق كلياً في مستنقع “اللعبة الكبرى”، حيث يكون الثمن فادحاً يتمثل بالسيادة المنتهكة، والثروات المنهوبة، وشعوبنا تُدفع ثمن صراعات ليست صراعاتها .
والطريق الآخر يبدأ باليقظة العربية، وتوحيد الصف، واستعادة السيطرة على الأرض عبر إغلاق باب القواعد الأجنبية وهذه ليست مجرد خيارات سياسية، بل هي مسألة بقاء واستقلال فالنجاة تتطلب شجاعة التغيير ووحدة المصير قبل فوات الأوان.