“يا الله تنام يا الله تنام واذبحلك جوز الحمام.. روح يا حمام لا تصدق بضحك على طفلي لينام..” هذه الاغنية الطفولية الشعبية لطالما غنتها امهاتنا بهدف جعل اطفالها يستطيعون النوم بهدوء ودون ازعاج للاهل وهذا ما اتبعته دول الاتحاد الأوروبي مع شعوبها بالإضافة الى الشعوب العربية فبعد ان بدأت في الآونة الأخيرة حملة انتقادات واسعة للكيان الصهيوني لارتكابه جرائم ابادة جماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية في اغلب الدول الأوروبية عقب موجات الاحتجاجات الشعبية في هذه الدول الامر الذي بات يؤرق إدارات تلك الدول مما جعلها تنتقد الكيان الصهيوني في العلن وفي الواقع ان هذه الانتقادات كانت اعلامياً فقط وهي بهدف امتصاص غضب شعوبها التي باتت تنتقدها وتصفها بالشريكة في هذه الإبادة من خلال دعمها للكيان وصمتها على جرائمه الا انه وفي الخفاء تواصل تقديمها للدعم المطلق للكيان في ابادته الشعب الفلسطيني .
وصلت هذه الانتقادات الى المطالبة بفرض عقوبات على الكيان المحتل بل والسعي في العلن الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث قادت فرنسا تحركا دولياً لهذه الغاية ووفقا لوكالة الانباء الفرنسية، قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو منذ شهر أمام الجمعية الوطنية خلال جلسة أسئلة الحكومة “للمرة الأولى، قررت 3 دول كبرى هي بريطانيا وفرنسا وكندا أنها ستعترض معا على ما يحدث” في قطاع غزة، و”أن نعترف معا بدولة فلسطين”، مضيفا أن “هذا التحرك الذي انطلق لن يتوقف”، كما قال: “لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثا من العنف والكراهية. لذلك، يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين”.
وقد قامت سابقاً عدة دول من غير الاستعمارية بهذه الخطوة منفردة وفي 22 مايو/أيار 2024 أعلنت كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا اعترافها رسميا بدولة فلسطين اعتبارا من الـ28 من الشهر نفسه وقبل هذا التطور اعترفت 8 بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين، وهي بلغاريا وبولندا والتشيك ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وإدارة جنوب قبرص الرومية والسويد دون الحاجة الى مؤتمر دولي لهذه الغاية.
وما ان بدأ الكيان الصهيوني بتوجيه عدوانه على ايران حتى اعلن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون تأجيل موعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة، الذي كان من المقرر أن يُعقد بهدف صياغة خارطة طريق حل الدولتين بين الصهاينة والفلسطينيين، وقد جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه ماكرون عن الهجوم الصهيوني على إيران، وحسب وكالة رويترز، قال مصدر مطلع إن بعض الوفود من الشرق الأوسط قالت إنها لن تتمكن من الحضور بسبب هذه التطورات حيث كان من المقرر أن ترعى فرنسا والسعودية اجتماعا رفيع المستوى من 17 إلى 20 يونيو/حزيران في نيويورك، بهدف “وضع معايير خارطة طريق تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية .
وكان رئيس الوزراء الصهيوني النتن ياهو قد هاجم الرئيس الفرنسي ماكرون بعد تصريحات له، أكد فيها نية باريس الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبرا أن ماكرون “مخطئ بشدة” في دعمه لهذه الخطوة وقد تبع ذلك برقية تهديد دبلوماسية وجهتها الإدارة الامريكية حثت فيها حكومات العالم على عدم حضور مؤتمر الأمم المتحدة المقرر عقده الأسبوع المقبل في نيويورك برعاية فرنسية سعودية بشأن حل الدولتين وجاء في البرقية المرسلة في العاشر من يونيو/حزيران الجاري.
هذه الدبلوماسية التي قادتها الحليفين المقربين من الولايات المتحدة، فرنسا والسعودية، اللتين تستضيفان مؤتمر نيويورك، يهدف إلى وضع خارطة طريق تفضي إلى قيام دولة فلسطينية، مع ضمان أمن الكيان الصهيوني وقد جاء في البرقية “نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر، الذي نعتبره غير مجد للجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح وإنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن” وأضافت “تعارض الولايات المتحدة أي خطوات من شأنها الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية مفترضة، مما سيضيف عراقيل قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للصراع” حسب البرقية، وأن الدول التي تقدم على “إجراءات مناهضة للكيان الصهيوني” عقب المؤتمر ستعتبر مخالفة لمصالح السياسة الخارجية الأميركية، وقد تواجه عواقب دبلوماسية من الولايات المتحدة، كما كشف سابقاً موقع ميدل إيست آي في بريطانيا، أن الولايات المتحدة وجّهت تحذيرات غير رسمية لبريطانيا وفرنسا من المضي في الاعتراف بدولة فلسطينية خلال ذلك المؤتمر .
الا ان ماكرون عقب تلك التهديدات سارع في ارسال وفداً فرنسياً رفيع المستوى الى تل ابيب ضم مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، آن-كلير لوجندرا، ومدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية ، وروميريك روينيان؛ اجتمعا خلالها مع الوزير الصهيوني للشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر حيث قال المسؤولان الفرنسيان بحسب تقريراً اعلامياً نشره موقع عرب 48 انه في “رسالة مطمئنة إلى الكيان الصهيوني”، مفادها أن فرنسا “لا تنوي الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية خلال المؤتمر، بل ستعلن عن تطلعها للاعتراف بدولة فلسطينية وتهيئة الظروف لذلك فقط..!
وهذا ما يؤكد وبشكل قاطع ان كل ما تم توجيهه من انتقادات للكيان الصهيوني من قبل الاتحاد الأوروبي بما فيهم فرنسا وبريطانيا وكندا ما هو الا لذر الرماد في العيون والاحتيال على الشعوب التي حركتها بعض المشاعر الإنسانية عقب ما تسرب من مشاهد الإبادة الجماعية التي يقترفها جيش الاحتلال الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية وان إدارات هذه الدول شريكة وبشكل مباشر في هذه الإبادة وان هذه الانتقادات والتهديدات فقط لتهدئة الشعوب وإعطاء الكيان الصهيوني المزيد من الوقت لقتل اكبر عدد ممكن من أبناء الشعب الفلسطيني والبقاء في موقفهم المتواطئ مع الاحتلال ودون اخذ أي موقف حقيقي يوقف وبشكل فوري هده الإبادة فهم ممن لا امان.. ولا عهد لهم..!