إيران موقعة اشتباك مركزية ! د. حازم قشوع

ما بين تقسيم إيران الذي ترفضه تركيا وتتحفظ عليه روسيا وتحاول إقراره إسرائيل من دول المركز، وخيار آخر يتحدث عن استبدال النظام الحاكم بالمؤسسة العسكرية تدخل إيران فى معمعة مآلات المصير كما تدخل هذه المعطيات في استنتاجات وقراءة الكثير من المحللين، وهو ما يحدث فى خضم التكهنات التى تطال نهاية المشهد الايراني بعدما تبين لهم بأن تغيير النظام الإيراني أمر استراتيجي للامريكان، وهو يشكل لهم غايه تستهدفها السياسة الامريكية لتحقيق مبتغاها السياسي العميق، وان مسالة التذرع بالطاقة النووية ما هي إلا ذريعة تستند إليها امريكا واسرائيل من اجل تحقيق هذه الغاية، كون أمريكا تستهدف من ورائها حوصلة الصين ووقف تمددها تجاه الشرق الأوسط عبر مشروع طريق الحرير بعدما خرجت أمريكا من خليج تايوان وراحت تتمركز فى بحر الفلبين، وهذا ما جعلها تعود من المدخل الآخر لحوصلة الصين من الناحية الغربية بعدما انسحبت تكتيكيا من الناحية الشرقية في الشرق الأقصى.

وهذا ما يعني أن مسألة إنهاء الملف الإيراني سيتبعه ملف آخر سيطال النووي الباكستاني ليكون ذلك على قاعدة ” دومينو الهدم ” الذى غالبا ما تستخدمه الولايات المتحدة كوسيلة لها للحد من ميزان التنمية بالإقاليم الجيوسياسية التى تستهدفها لفرض سياساتها الرامية لتحديد ميزان النمو وضوابطه الجيواقتصادية حتى تصبح الصين بالمحصلة تدور في حلقة محصورة فى مجالها الإقليمي، وهو ما يعنى أن إيران ستصبح موقعة اقتتال جديده فى الشرق الاوسط وذلك بعدما تم ادخل الملف الفلسطيني في الغرفة المعتمة لحين الانتهاء من مهمة نتنياهو “رئيس وزراء” دونالد ترامب المكلف بهذه المهمة لإنجازها.

على أن يحصل فى المقابل رئيس الوزراء المكلف نتنياهو على جائزه ترضيه مقدارها التحكم بالشرق الاوسط وتوسعة حدود جغرافيته السياسية وبسط نفوذه على كامل منطقة الشرق الأوسط الذي سيصبح فيها الوريث الشرعي لأمريكا، وهي الأرضية التي ستصبح بموجبها إيران موقعة اشتباك فى المرحلة القادمة قد تطول أو تقصر هذه المرحلة حسب مقتضيات المقاومة الذاتية التي ستبديها إيران في المرحلة القادمة.

وهو البيان الذى جعل من روسيا تبدي تفهم موضوعي لما يحدث من احداث على اعتبار ان روسيا وايران لا تمتلكان تعاون دفاعي مشترك، لكن ذلك سيجعل من باكستان تتحفز للدفاع عن وجودها ومكانتها في مسرح الاشتباك الأيراني الذي أخذ يشكل لباكستان ارضيه مقدمة للدفاع لتكون باكستان وإيران تخوضان حربا وجودية وليس حربا للطاقة النووية كما تصف ذلك وكالات الاعلام، الامر الذي من شأنه إدخال المنطقة الآسيوية برمتها فى متغير سيكون صعب جدا على الجميع في حال لم يتم استدراك ذلك بجملة من الروادع تقوم بحوصلة إيران وتعمل على عزل باكستان عنها وتقوم بذات السياق بقطع خط الإمداد الصيني تجاه العمق الباكستاني والايراني، وهذا ما يعتبره مراقبين وسياسيين من الصعب تحقيقه من النواحي العسكرية، اضافه لان حجم تداعياته المتوقعة ستكون مكلفة جدا وستدخل فيها احتمالات قد تبعدها و تكون مكلفة وخطيرة على المستوى العسكرى وعلى الصعيد الأمني لأنها ستدخل في باب ” المفاضلة في المقابلة “، وفي حال فشل أمريكا فى الوصول إلى استهدافاتها فان ردة الفعل ستصبح كارثية وسيصبح الوجود الأمريكي في الشرق الأقصى أمر مرفوض وهو نتيجة ستكون قاسية في حال وصلت إليها خلاصة النتائج !.

وفي حال توقف هذا التصعيد عبر القنوات الدبلوماسية التي يحاول الوزير النشط عراقجي القيام بها مع الاتحاد الأوروبي، فإن المنطقة ستدخل في المرحلة القادمة فى ميزان ضوابط وموازين جديد سيتم التوافق عليه عبر القنوات الدبلوماسية التى ترغب فيها الولايات المتحدة الحصول على إيران في إطارها الحالي ضمن معادلة متوافق عليها، وهذا ما تشير إليه المناورات العسكرية الاسرائيلية والايرانية التى بدات وكأنها تحاول إرسال رسائل واضحة وكشف عن نوعية قدرتها الباليستية عبر توجيه “صاروخ واحد” يصعب على اسرائيل درع وصوله إلى نقطة الاستهداف، وهذا ما يعبر عن قوة عسكرية قادرة على المناورة في منازل اعلى، ولحين بيان ذلك ستبقى المنطقة تعيش فترة مراوحة قد تطول وقد تقصر ونهاية المشهد مازالت لم تتبلور بعد، وهذا ما يجعل من إيران موقعه اقتتال مركزية كونها يتحدد مصير التوجه أو التوجهات فيها، فإما أن تكون قادرة على الردع والصمود، وهذا ما سيعطي إيران شرعية لوجودها، أو أن منطقة الشرق الأوسط ستدخل في مفاصله تاريخية، وهذا ما يعني بداية رضوخ المنطقة لخرائط جديدة تعمل تحت عناوين الشرق الاوسط الجديد.