منذ عدة شهور أتلقى من مواطني الأردن وبعض البلدان العربية، اتصالات هاتفية ورسائل كثيرة بالواتساب والمَاسينجر، ومن خلال غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، يَستفسرون فيها عن كيفية السفر للتمتع بالسَيَاحةِ والرّاحة والاستجمام الصّحي والعِلاج الطبيعي، في جمهورية أذربيجان.
الاتصالات تأتي من مُحبي التجَوال الثقافي والحضاري والعِلاج الطبيعي العرب، مِمَّن يتمتعون بوفرٍ مالي، وجاهٍ اجتماعي، وسلوكٍ حميدٍ يتضح من أحاديثهم المُتزنة، إذ إِنَّهم يرغبون في قضاء عدة أيام في هدوء وسكينة في العاصمة باكو والمُدن الأخرى، وعلى الشواطئ الأذربيجانية اللازوردية لبحر قزوين، وللتمتع بنسائمه العليلة.
ولتسهيل سَفر السَيَّاح الأردنيين والعرب إلى باكو، لا سيّما أولئك الذين يتواصلون معي ويُظهِرُون اهْتمَامَهم بأذربيجان، أبذل قصارى جهدي لتقديم المَعلومات الضرورية لهم، مُرفقةً بشروحات وافية عن طبيعة النظام السياسي لأذربيجان، وفنادق الدولة الأذربيجانية، ومواقعها الأجمل والأفضل للسَيَّاحِ وطالبي السَلام والطمأنينة، ومَعالِمها السياحية والثقافية الأرقى، مَطاعمها وفنادِقها، ومُختَصَرات عن تاريخها ويومياتها، وعادات وتقاليد شعبها العريق، وبعضهم يَستفسر عن مساجدها التي يمكن أن يَدلف إليها لأداء الصَّلاة بخاصة أيام الجُمع، أو حتى يوميًا لأداء الصَّلوات الخَمس.
مجموعة كبيرة من هؤلاء السَيَّاح هم من شريحةِ المواطنين المثقفين من دول الخليج العربية. هؤلاء السَيَّاح يَسوحون في أرجاء الأردن أيضًا لكونه قريبًا من بلدانهم، ومناخه أقل حرارةً من مناخات بلدان أخرى في الإقليم العربي، وقبل انتهاء فصل الصيف وكسبًا للوقت يتطلعون كذلك لزيارة مُمتِعة إلى أذربيجان التي تسودها اليوم أجواء الأمن والأمان والاستقرار والسعادة، ولكونها تزدهر بحدائقها الغنّاء ومناخاتها المُتنوعة، بينما شعُبها يُرحّب بالزائر، والضَّيف، والسَّائح، والأخ، والصديق، فأذربيجان هي واحدة من الدول الإسلامية الأنشط في كل مجال وحقلٍ وفضاء آسيويًا ودوليًا، وهي إلى ذلك تنتمي لمنظمة التعاون الإسلامي، وعضو في (حركة عدم الانحياز) التي يترأسها الآن دوريًا، رئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، وتنتشر سفاراتها وقنصلياتها في مختلف عواصم الدول العربية والإسلامية دون أي استثناء.
كان من المُمكِنِ أن يتم سفر هؤلاء السياح العرب بكل أريحية من عمَّان، وربما من مدينة العقبة أيضًا، مباشرة صَوب أذربيجان، “لَو كَانَ” الخط الجوي بين العاصمتين عمّان وباكو عاملًا وناشطًا، لكن للآن لم يَشتغل هذا الخط المُبَاشر عَمليًا، ولم يَعبر طبقات الأجواء الدولية، فالطيران المباشر من عمّان إلى باكو، بموجب الاتفاقية الموقّعة بين الأردن وأذربيجان، يتم دون الهبوط في أية مدينة أخرى، وهو ما سيُمَكّن بالتأكيد من تسهيل التدفقات السَياحية من وإلى أذربيجان والأردن وبالاتجاهين ولهذا، فإن هذه التدفقات مؤهلة للازدهار، ولتوَسّعِ أهميتها مع مرور الأيام إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الخط الجوي المباشر بين عمّان وباكو لا يتوقف في أية مدينة أو عاصمة أخرى، والسبب واضح وهو أن عاصمتي بلدينا قريبتان مِن بعضِهما البعض. ولأن من بين هؤلاء السَيَّاح أصحاب الأطيان والاستثمار الصناعي والزراعي والسَّيَاحي الواسع، ولهذا، هم يهتمون بإرساء وتطوير علاقاتهم المتعددة الجوانب مع أذربيجان – الدولة الغنية بمختلف ثرواتها ومواردها الطبيعية وصناعتها المتطورة، فالمراجع الموضوعية تقول، إن باطن الدولة الأذربيجانية طافح بخامات المَعادن والمَواد الخام للصناعة التي أولها النفط والغاز الطبيعي، وليس آخرها النحاس، ألونيت، الزنك، الرصاص، كبريتات، خام المعادن المتعددة، الزئبق، الموليبدينوم، خام الحديد، الباريت، الكوبالت، الزرنيخ، الرخام، الحجر الجيري، السيانيد، ملح التعدين وملح الطعام، وإضافة لكل ذلك، تمتلك أذربيجان العديد من المحطات العِملاقة المُولِدة للكهرباء التي تعتمد عليها صناعاتها المختلفة. وفي المجال الزراعي، يُعتبر هذا القطاع وإلى جانبه الثروة الحيوانية، من أهم القطاعات الفعّالة في مَسَاقَات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أذربيجان بين القطاعات غير النفطية، وتتيح المناطق الزراعية الغنية والتنوّع المَناخي في أذربيجان، أن تنمو مُنتجات واسعة النطاق وعالية الجودة، وازدهار الصادرات الزراعيّة والمُنتَج السَّيَاحِي عُمومًا، والسياحة الدينية أيضًا، تمَامًا كما في الأُردن.
* إعلامية أردنية – روسية مُتخِّصصَة بالسياحة والتاريخ، ومؤسِسَة ورئيسة تحرير لجريدة “المُلحق الروسي”.