حكاية من وطني تحت عنوان : الحصيدة في زمن العولمة،،،#خليل_النظامي

 

في قريتي جرش البسيطة العفيفة كما هو حال قرى الأردن الأخرى، لم يكن موسم الحصاد مجرد عمل من أعمال الزراعة، بل كان طقس جماعي تملأه المحبة والمروءة والعفة والكرامة، وكانت الأراضي والحقول على مد البصر، والأيادي تزرعها بـ بركة من السماء ومحبة لا تعرف الكلل.

وكانت قرانا تنبض خلال هذا الموسم وكأنها كائن شأنه شأننا في الخلق، يتنفس بـ التكافل والحب، ويتغذى على الأغاني والهتافات والضحكات النقية، والرجال يفيقون على رائحة خبز القمح الطازج، ذاك الخبز الذي تصنعه النساء على حجر التنور الساخن، رائحته تفيح في فضاء القرية، وكأنما الشمس ذاتها تستمد حرارتها منه.

ينطلقون نحو الحقول، يحملون المناجل على أكتافهم، وقلوبهم مؤمنة برزق من الله، ولا أحد في القرية يبقى دون عمل حتى الأطفال كانوا يجمعون الحطب ويوقدون النيران، والنساء كن الساقيات، والمغنيات، والمعزيات في التعب، وكان الكل في مكان واحد يجتمعون.

لكن،، وركزوا على لكن،،،،

في زاوية هذا المشهد كان هناك ظل دخيل، يجلس أمام دكانه المبني من الطين والتبن والحجر، يحتسي الشاي يوميا، ويطعم نماريد وزعران القرية، ويسلحهم بـ الخبز لا بالضمير، لم يمسك منجلا يوما، لكنه عرف كيف يحصد دون أن يتعب، أقرض الفقراء في سنوات الجفاف والقحط، ثم عاد وحصد أراضيهم في سنوات الوفرة، ولم تكن القروض نعمة، بل كانت فخا بثمن مؤجل.

باعهم الوهم بـ اسم الأمان على أموالهم، وأوهمهم أنه الصندوق الأمين، فأودعوا أموالهم عنده، وما كانوا يعلمون أنه كان يتاجر بها من خلف ظهورهم، ينمي ثروته ويحكم قبضته، واصبح له موالون وعبيد، وبدأ يتقرب من المختار والعسكر شيئا فشيئا حتى أصبح هو دولة داخل الدولة.

وتدحرج الزماااااان،،،،
وكبر نفوذه، وصارت له البنوك، والشركات، والأراضي،، وصار الفلاح، الذي كان يوما صاحب الأرض مجرد عامل فيها، يلوح بيديه من بعيد لا وداعا،، بل وجعا،،!!!

فلا أحد هناك في الحقول ينتظره، والأرض لم تعد أرضه، والموسم لم يعد موسمه،،،،

جمعة مباركة،،
#خليل_النظامي