فتات_المجتهدين بقلم: عاطف أبو حجر

 

في هذا البلد، إذا اجتهدت أكثر من اللازم، تبدأ الشكوك: “ليش متحمّس؟”، “مين وراك؟”، و”أكيد بدك توصل لمصلحة”!
النجاح بدون واسطة؟ كأنك بتلعب شطرنج على غطاء طاولة زهر.
اللي بيتقن شغله، غالبًا بيشتغل عن عشرة… وبيُدفع له عن “نص”.
نحن فئة نادرة: نشتغل بإخلاص، نرضى بالقليل، ونُكافأ بالتجاهل…
ثم يُطلب منا أن نبتسم على الكاميرا، ونقول: “الإعلام رسالة.”
لا يُعترف البعض بالمؤهلات، ولا يُقدَّر آخرون بالإنجاز، بل تُقاس قيمتك بعدد الأسماء المخزّنة على هاتفك تحت بند “معارف واصلين”.
عملت في قنوات عدّة، قدمت برامج، درّبت شباب وصبايا على تقديم البرامج، اكتشفت أصواتًا، ساهمت في أوبريتات ومسلسلات،وبرامج كثيرة.
ومع ذلك، كنت أتلقى أجورًا لا تكفي بنزين السيارة!
وأحيانًا كان يُطلب مني أن أكون مذيعًا، ومدير علاقات عامة، ومندوب رعايات،
وكل ذلك مقابل وعود لا تتحقق،
، في عالم الإعلام المحظوظ، ترى من يتقاضى عشرات الآلاف من الدولارات شهريًا.
أنا؟ لا اعتراض على رواتب البعض، ولكن أين نحن؟
أين الكفاءات التي جُلِبت لتدريب أبناء فلان وعلان، ثم رُكنت كأثاث مستهلك بعد أن انتهت الحاجة؟
ألقّب في الوسط الفني بـ”مكتشف النجوم”، لأنني ساعدت الكثيرين،
ساهمت في تأسيس تجاربهم، ثم اختفوا… لا اتصال، لا رسالة، لا حتى “سلام”.
صرنا مجرد سُلّمٍ صعدوا عليه، ثم تركوه يتكسّر خلفهم.
هل من عدالة؟ هل من إنصاف؟
نحن لا نطلب المستحيل، بل فقط أن نُعامَل كمهنيين، لا كمتسولين بربطات عنق!
الإنصاف مطلوب ليس فقط لي، بل لكل موهوب مجتهد،
لكل فنان صادق، لكل صوت لم يجد من يسمعه، ولكل حلم ذُبح على مذبح العلاقات.
كفى صمتًا…
فنحن لم نعد نحتمل الشكر بدل الأجر،
ولا نثق في وعود تُوزّع مثل أوراق النعي للمتوفّى .
أنا اتحدث بكل ثقة عن مسيرة عملية متواضعة، تمتد على مدار أربعين عامًا في الكتابة، وتحديدًا في كتابة المقالات الساخرة والبرامج الكوميدية، وثلاثة عشر عامًا في إعداد وتقديم البرامج والتمثيل.
وبرجع وبقلك: “ما عرفتنا بنفسك؟ أنا وين شايفك؟ خيوه، أنت بتعرف وبتحرِف!”
إحنا مش زي غيرنا، عمرنا ما حكينالك: “إنت ما بتعرف مع مين بتحكي!”
ولا قلنا: “أنا فلان وأخو علّان!”
خيوه… أنا حراث ابن حراث، ووصلت لهون بذراعي، دون أي واسطة أو هزّ ذنب.
ملخص الكلام:احترم تُحترم
، ويعلو قدرك.
وببلاش ما بنشتغل… والرزق على الله.