حِوَارُ الثَقافات والمُتَدينين.. تَمَيُّزٌ رُوسِي لِسَلَامِ العَالَمِ الأكَادِيمِي مَروَانْ سودَاحْ

عُقد يوم الخميس الماضي، الثاني عشر من آب الحالي 2021، الاجتماع البَحثِي العَالمي حول أنشطة المَدرسة الصيفية الدولية، بنسختها الخامسة الشهيرة “حِوار البُولغار للثقافات – 2021″، في جمهورية تتارستان الروسية، بعنوان “التعليم وحِوار الأديان. تجربة روسيا ودول العَالم الإسلامي”، وذلك، في إطار فَعَاليات “مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي”، التي تم إنشاؤها بمبادرة من فخامة الرئيس الروسي فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين.

وإلى جانب “مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي”، شاركت شخصيات رفيعة المستوى في تنظيم هذه الفَعَالية الوازنة، ضمنهم “مؤسسة الحوار الإستراتيجي والشراكة مع العَالم الإسلامي”؛ و”أكاديمية البُولغار الإسلامية”؛ ومكتب مشروع للتعاون الشبابي الدولي “روسيا – منظمة التعاون الإسلامي”، بالإضافة إلى الخبراء الروس والدوليين الرصينين، وعُلماء دين ودُنيا، وبَحّاثة ينتمون لروسيا، يمتلكون معارف فريدة وواسعة في فضاءات عديدة، منها الفكر الديني وتاريخ الأديان الرئيسية وتطورها، وشاركَ في هذه الحلقة الدراسية ثلاثة ممثلين فقط من خارج روسيا، أحدهم كاتب هذه السطور من الأردن، ومن مصر والمغرب.

رَكّزت هذه الفعاليات على موضوع “المَدرسة الصيفية الدولية لليوبيل الخامس – حوار الثقافات البُولغاري”، والتي تُقام بمساندة من “أكاديمية البُولغار الإسلامية”؛ و “مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي”؛ و”صندوق الحوار الإستراتيجي والشراكة مع العَالم الإسلامي”، و “مكتب مشروع روسيا ومنظمة التعاون الإسلامي للتعاون الدولي للشباب”.

استمرت الفعالية طوال يوم الخميس الماضي، وكانت اللغة الروسية هي اللغة الوحيدة للحديث والتفاهم بين المُجتَمعين، وتخللها إلقاء كلمات من المشاركين الأساسيين بما يتّصل بـِ”حوار البُولغار للثقافات 2021″ المنتدى السنوي الخامس، وتشجيع المدرسة الصيفية الدولية على خوض غمار “حوار البُولغار للثقافات – 2021” وتطوير المؤسسات الدولية للحوار بين الثقافات، وصياغة ممارسة التواصل بين الثقافات من خلال الشباب، وعَبر التعرّف على الجوانب التاريخية والحديثة للعلاقة بين دور التعليم في التطور المُتناغم للعلاقات بين الأديان. وخلال هذا النشاط، أُقيمت المُسابقة المفتوحة للمَقالة باللغة الروسية عن عدة مواضيع.

تُعتبر “مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي”، هيئة بارزة على الصعيدين الروسي والعَالمي في خضم شتى المنظمات والتجمعات الساعية لنشر السلام بين أتباع مختلف الأديان والقوميات؛ سعيًا لتطبيق رؤية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عالم مُتحَاب ومؤكِدٍ للسلام الدولي الثابت والناجز، ولأجل تجفيف البيئات المُحْتَرة منعًا لاندلاع الحروب والنزاعات، وضرورة تسوية الخلافات سلميًا وفي إطار العائلة الإنسانية الواحدة، انطلاقًا من رؤية ثاقبة بأن كل سلبية قد تجتاح هذا الكون إنما تؤثر على جميع البلدان والأمم. لذا، من الضروري بمكان ترويج مبادئ السلام الكوني والعمل على ترسيخها وتأكيد ديمومتها ومساواة الشعوب، وقانونية نيلها لحقوقها كاملة، واعتماد الحوار السلمي والتعاون المُتساوي النفع طريقًا أمثل لحَلِ الخلافات والوصول إلى مجتمع المصير البشري الواحد لخير الجميع.

صادف انعقاد هذا الاجتماع الروسي – الدولي بدء الاحتفالات في روسيا بالذكرى 1100 للتبنِّي الرسمي للإسلام في دولة البُولغار على نهر الفولغا، في قلب روسيا الحديثة. وفي هذا الواقع المُعاش، يكون الإسلام والمسلمون الجزء من الكل من المجتمع الروسي الذي يغتني بالتعدديّة في الجنسيات والطوائف والقوميات والألسن، ولذلك تساهم جميع الشعوب الأصلية لروسيا في الحفاظ على حدود الدولة الروسية وسلامها وتفاهمها وتعزيز وتوثيق ركائزالمُشتركات الكاملة بينها، وكذلك تأكيد شخصيتها العاملة على تطوير مساحة اجتماعية واقتصادية قوية للدولة والشعب. فالقوميات في “الروسيا” أكدت الوحدة في تنوّع الثقافات الوطنية التي تواصل وجودها جنبًا إلى جنب منذ عدة قرون، وها هي تُشكّل وِحدة فكرية وعقليّة وسياسية روسية مُتحِدة.

وفي كلمتي بهذا الاجتماع المؤتمري؛ والتي سأنشرها لاحقًا، فقد تحدثت عَمَّا يَحفل به الأردن من الصُّور الناصعة للتعايش والسَمَاحة بين أصحاب الأديان والعقائد المختلفة، والذي كان قد توّج بطرحِ مبادرة “أسبوع الوئام العَالمي بين الأديان” من قِبل سيدي جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المُعظم، وتبنّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في عام 2010.. لتصبح هذه المُبادرة حَدثًا رسميًا تُحييه هذه المنظمة الدولية في الأسبوع الأول من فبراير/شباط من كل عام، إذ أننا في الأردن ننظر إلى مسألة التعايش والسَمَاحة من منظور أممي، عالمي، وإنساني شمولي، فمِن تعظيم وتعزيز عَمَلانيّة الوئام والحوار والتقارب بين أبناء الديانات، إلى ترسيخها في العَالم، وإلى جانبها قضايا السلام والاعتدال والمَودّة بين جميع أبناء الكرة الأرضية.
*ناشط في فعاليات الحِوار الأُممي في روسيا وحامل الجنسية الروسية.