«الفوسفات».. قصة نجاح تُدرَّس..عوني الداوود

إذا أردنا اليوم أن نأخذ أنموذج نجاح إداري استثماري اقتصادي لشركة وطنية إقليمية عالمية، خصوصًا ونحن نراجع ما تم إنجازه في المرحلة الأولى من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، ونمضي قدمًا في الإصلاح الإداري، فلا شك بأن شركة مناجم الفوسفات الأردنية في طليعة تلك الشركات التي يجب علينا جميعًا أن نشهد ونقرّ لها «بإنجاز» هو أقرب إلى «الإعجاز»، تحقق في السنوات القليلة الماضية، وجعل «الفوسفات الأردنية» بين قائمة أقوى 100 شركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025، وفق تصنيف مجلة «فوربس» العالمية، بعد أن كانت هذه الشركة التي نتحدث عنها اليوم بكل فخر واعتزاز، معرضة – بسبب الخسائر التي مُنيت بها حينذاك – إلى التصفية، قبل أن تأتي إدارة فذّة قلبت الخسائر إلى أرباح، وحوّلت الشركة إلى قصة نجاح، نستعرض اليوم ونحلّل جانبًا من بياناتها المالية كنموذج يُحتذى في فن الإدارة والاستثمار:
1 – مطلوبات المجموعة نهاية 2016 بلغت ما قيمته 411 مليون دينار، منها 224 مليون دينار مديونية المجموعة، انخفضت هذه المديونية إلى صفر خلال عام 2022، حيث تم سداد كامل مديونية المجموعة.
2 – إجمالي موجودات الشركة ارتفع من 1.122 مليار دينار عام 2018، ليبلغ 2.148 مليار دينار عام 2024.
3 – القيمة السوقية للشركة ارتفعت من 234 مليون دينار عام 2018، إلى 4.331 مليار دينار (حسب سعر الإغلاق في 4 حزيران 2025).
4 – مجموع مصروف ضريبة الدخل ورسوم التعدين للخزينة بلغ خلال الفترة (2018-2024) 885 مليون دينار، فيما بلغت حصة الحكومة والضمان الاجتماعي من الأرباح الصافية بعد ضريبة الدخل للسنوات السبع الأخيرة 868.5 مليون دينار، فيما بلغ إجمالي حصة الحكومة والضمان الاجتماعي من الأرباح الصافية بالإضافة إلى ضريبة الدخل ورسوم التعدين لنفس الفترة ما مجموعه 1.754 مليار دينار.
5 – حجم المبيعات المجمعة للشركة ارتفع من 811 مليون دينار عام 2018 ليصل إلى 1.437 مليار دينار عام 2024، بزيادة بلغت 626 مليون دينار.
*كل هذه النجاحات التي تؤكدها الأرقام السابقة لم تأتِ من فراغ، ولا بمحض الصدفة، بل بحنكة وحكمة إدارية من قبل مجلس إدارة بقيادة ورئاسة الدكتور محمد الذنيبات، وإدارة تنفيذية برئاسة م. عبدالوهاب الرواد، وقرارات حازمة وحاسمة نذكر منها:
1 – رفع كميات إنتاج الفوسفات من 8 ملايين طن عام 2018 إلى 11.5 مليون طن عام 2024، وصولًا إلى 13 مليون طن وفق الخطط المرسومة عام 2030.
2 – توظيف تكنولوجيا الأتمتة المتكاملة في كامل العمليات الإنتاجية.
3 – ضبط حجم النفقات من خلال إعادة الهيكلة.
4 – إلغاء احتكار التعدين، وفتح التنافسية بين شركات التعدين المختلفة.
5 – التحول من استخدام المحروقات إلى الغاز الطبيعي، ما حقق وفرًا بقيمة 477 مليون دينار خلال السنوات السبع الماضية.
ماذا عن المستقبل؟
نجاحات «الفوسفات الأردنية» لا تتوقف عند هذه الإنجازات، بل هناك خطة متكاملة للتطوير يتمثل أهمها بالنقاط التالية:
1 – تخصيص مبلغ 1.274 مليار دينار للمشاريع الاستثمارية التي ستنفذها الشركة خلال الفترة 2024 إلى 2030 وفق الخطة الإستراتيجية.
2 – 760 مهندسًا وفنيًا وظّفتهم الشركة خلال الـ 7 سنوات الماضية ضمن سياسة الإحلال الوظيفي، كما استقطبت نحو 1000 متدرب فني من حملة الدبلوم والبكالوريوس في الهندسة وتأهيلهم لغايات مشاريع الشركة المستقبلية خلال السنوات الست المقبلة.
3 – الشركة تركز اليوم على التوسع في الصناعات التحويلية وافتتاح مصانع جديدة في عدة مناطق بالمملكة.
4 – نجحت الشركة بفتح أسواق جديدة وأعادت فتح بعض الأسواق المغلقة سابقًا.
5 – مشاريع الشركة وخططها الاستثمارية للسنوات الست المقبلة تشمل إقامة مجمع صناعي في العقبة لإنتاج حامض الفوسفوريك والأسمدة الفوسفاتية المتخصصة بالشراكة مع شركة البوتاس العربية، بكلفة 600 مليون دولار.
باختصار: القائمة تطول، لكن يكفي في الختام الإشارة إلى ما يلي:
a) شركة الفوسفات شركة وطنية كبرى ورافعة اقتصادية تحقق أرباحًا ترفد خزينة الدولة، وتصدّر منتجاتها إلى كثير من دول العالم، وهي تمضي قدمًا بزيادة إنتاجها وفتح أسواق جديدة.
b) في مقدمة نقاط القوة لقطاع التعدين في المرحلة الأولى من رؤية التحديث الاقتصادي 2033 (التي اختتمت مناقشات مرحلتها الثانية في الديوان الملكي يوم أمس)، تم التأكيد على أن الأردن يحتل المرتبة السابعة في الاحتياطي العالمي من الفوسفات.
c) شركة الفوسفات تحقق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي والإداري تمامًا، من خلال استثماراتها التي تُساهم برفع معدلات النمو وخلق الوظائف ورفد خزينة الدولة، وهي أنموذج يُحتذى في فن «الإصلاح الإداري».
d) ..لذلك فإن هذه الشركة التي تمثل صرحًا اقتصاديًا وطنيًا بحاجة لمزيد من الدعم من قبل الحكومات المتعاقبة، وتحديدًا بتقليل كُلف الإنتاج وتذليل كافة المعوقات أينما وُجدت، لتبقى «الفوسفات» قادرة على المنافسة العالمية، وفتح مزيد من الأسواق والمشاريع الجاذبة للاستثمارات والمولّدة لمزيد من الوظائف.