دراسة غنية بالأرقام والمؤشرات للعين عبلة العماوي حول فرص العمل المستقبلية في الأردن
دراسة للعين عبلة العماوي: هدف وطني بمليون فرصة عمل..ولكن
أطلقت العين الدكتورة عبلة عماوي دراسة بعنوان “فرص العمل المتوقعة للشباب حتى عام 2033″، تهدف إلى دعم الحوار الوطني حول مستقبل العمل في الأردن.
وتعتمد الدراسة على بيانات رسمية وإسقاطات سكانية دقيقة، وتقدم إطارًا علميًا لتقييم مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، لتكون أداة استراتيجية لصانعي القرار لمواءمة السياسات مع التحولات الديموغرافية والاقتصادية.
وعرضت الدراسة أمام لجنة مشتركة في مجلس الأعيان تضم لجنتي العمل والتنمية الاجتماعية والخدمات العامة، يوم الثلاثاء الموافق 29 تموز 2025.
وتأتي الدراسة في لحظة مفصلية ضمن مسار تنفيذ الرؤية، ليس كنقد تقني، بل كمساهمة تحليلية تهدف إلى تعزيز واقعية التخطيط وفعالية التنفيذ، مركزة على ستة تحديات منهجية رئيسية قد تعيق تحقيق الرؤية، معتمدة على بيانات كمية دقيقة من دائرة الإحصاءات العامة وسيناريوهات رقمية، وتقدم نتائج تحليلية لكل تحدٍ على حدة.
وبالتفصيل جاءت دراسة عماوي على النحو التالي:
أولاً: غياب المنهجية الواضحة لتقديرات فرص العمل القطاعية: تُحدد الرؤية أرقامًا مستهدفة لكل قطاع دون توضيح المنهجية المعتمدة (إن كانت تستند إلى أنماط التوظيف الحالية أو تحولات هيكلية متوقعة). يحد هذا الغياب من قدرة تقييم واقعية التقديرات ويعقّد تخصيص الموارد بكفاءة.
وقد تم تحليل هذه الفجوة من خلال مقارنة الاتجاهات القطاعية في تشغيل الأردنيين بين عامي 2022 و2033 باستخدام بيانات كمية مفصلة. وتشير المقارنات إلى تحولات هيكلية في سوق العمل، مع تراجع القطاعات التقليدية والحكومية لصالح قطاعات إنتاجية كالتمويل، السياحة، الصناعات التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات.
ثانياً: استمرار الفجوة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية: رغم هدف الرؤية في مضاعفة مشاركة النساء، لا تتضمن تقديرات كمية أو قطاعية توضح نوعية الفرص المتاحة للإناث، مما يصعّب توجيه السياسات لمعالجة الفجوة. واستند هذا التحليل إلى توزيع التشغيل بحسب الجنس بناءً على بيانات مسح قوة العمل لعام 2022 وإسقاطات التشغيل حتى عام 2033. تشير التقديرات إلى استمرار تفاوت التشغيل، حيث من المتوقع أن تستحوذ النساء على 19.0% فقط من الوظائف الجديدة مقابل 81.0% للرجال، ما لم تُعتمد إصلاحات هيكلية لتعزيز التوازن.
ثالثا: محدودية القدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني: يثير نمو الأردن الاقتصادي خلال الثلاثين عامًا الماضية تساؤلات حول قدرة الاقتصاد على خلق مليون فرصة عمل مستدامة في عقد واحد. وقد تم ذلك من خلال تحليل العلاقة بين معدلات النمو الاقتصادي التاريخية ومعدلات توليد فرص العمل خلال العقود الماضية. وتبقى البطالة، خصوصًا بين الشباب، تحديًا هيكليًا يتطلب إصلاحات إنتاجية وتنظيمية لتعزيز خلق وظائف مستدامة.
رابعاً: غياب الجدولة الزمنية لتحقيق الأهداف: لا تتضمن الرؤية سيناريوهات سنوية مرحلية توضح مسار النمو المطلوب لفرص العمل، ما يضعف قدرة الجهات التنفيذية على التخطيط والمتابعة، ويُعقّد التنسيق بين التعليم وسوق العمل. واستندت النتائج إلى محاكاة زمنية باستخدام سيناريوهات تراكمية موزعة على الفترة 2023–2033. وتشير تقديرات الدراسة إلى ذروة خلق الوظائف بين 2030 و2033، مما يستدعي تخطيطًا مبكرًا وبناء قدرات مستدامة.
خامساً: عدم دمج التحولات الديموغرافية: يضع عدم مراعاة النمو السكاني وتزايد الداخلين الجدد لسوق العمل تحديًا لدقة تقديرات الرؤية. تشير الدراسة إلى ارتفاع عدد الذكور (15 سنة فأكثر) إلى 3.25 مليون بحلول 2033، مما يستدعي مواءمة السياسات الاقتصادية لضمان الاستخدام الأمثل لرأس المال البشري، وقد تم ذلك بالاعتماد على إسقاطات سكانية مفصلة من دائرة الإحصاءات العامة وتحليل تطور مؤشرات التوظيف. وتكشف الدراسة توقع زيادة معدل توظيف الذكور من 42.2% إلى 61.0% وتحول تدريجي في التوزيع القطاعي.
سادسا: غياب التوزيع الجغرافي العادل لفرص العمل: لا توفر الرؤية إطارًا واضحًا لتوزيع الفرص بين المحافظات، مما قد يزيد الفجوات التنموية. واستند التحليل إلى مقارنة التوزيع النسبي للتشغيل حسب المحافظات وتحليل الاتجاهات القطاعية على المستوى الجغرافي. تشير التقديرات إلى نمو اقتصادي متسارع في محافظات مثل الزرقاء والعقبة، وتراجع في قطاعات محافظات أخرى مثل معان والطفيلة. توصي الدراسة بوضع سياسات تشغيل إقليمية تركز على احتياجات المجتمعات المحلية واستثمار قطاعات واعدة لتعزيز التوازن الإقليمي
وقالت الدكتورة عبلة العماوي إن تنفيذرؤية التحديث الاقتصادي” يقتضي تبنّي سياسات مترابطة قائمة على تشخيص دقيق، وتنسيق مؤسسي فعال، وتطوير منظومة أكثر استجابة للبيانات، وإنشاء آليات تخطيط مرنة تتيح التقييم المرحلي المستمر. كما أكدت على أهمية تعزيز التكامل بين التعليم والتدريب المهني والتقني، وتحفيز الاستثمار الإنتاجي القادر على توليد فرص عمل نوعية، وإعادة هيكلة التعليم العالي والتقني لتلبية احتياجات الاقتصاد الرقمي والقطاعات الواعدة، إضافة إلى تبني سياسات تشغيلية مرنة تستهدف الفئات الأكثر تهميشًا.
وختمت العين عماوي دعوتها لصناع القرار للأخذ بنتائج الدراسة كأداة ترفد النقاش الوطني ببيانات وتحليلات تساعد في تعزيز الثقة العامة، وتحويل الهدف الوطني بتوفير مليون فرصة عمل إلى قصة نجاح أردنية قابلة للتتبع والتقييم والتطوير المستمر.